editorial picture

التقارب العربي الأوروبي

تقليديا تعتبر أوروبا الأقرب إلى المنطقة والأقدر على تفهم ما يجري فيها مقارنة بالتكتلات الدولية الأخرى .. ويبقى من المهم دائما الاحتفاظ بنوعية التواصل المتميزة بين العرب وأوروبا، حيث تثبت هذه القارة من خلال الاتحاد الأوروبي، أنها تستطيع فعل الكثير فيما يتصل بالقضية المحورية للمنطقة، بما في ذلك إحداث قدر من التوازن في مواجهة الانحياز الأمريكي الشديد لاسرائيل.
فأوروبا في نهاية الأمر هي حليف آخر لواشنطن، لكنها تعتز بتراث من القيم والتقاليد التي تميزها وتحول دون اندماجها كليا في الأهداف والتطلعات الأمريكية بما يمنح شخصيتها المستقلة.
ومن هذه الزاوية فإن التباين سرعان ما يظهر على موقف أوروبا وأمريكا تجاه عدد من المسائل، وما يهمنا هنا القضية الفلسطينية، ولعل التباين الأحدث في هذا المقام يتمثل في عدم تجاوب دول الاتحاد الأوروبي مع دعوة الرئيس الأمريكي جورج بوش التي نادى فيها إلى تغيير القيادة الفلسطينية، وبصفة خاصة الرئيس الفلسطيني، وكانت وجهة النظر الأوروبية تركز على أن تغيير القيادة أمر من شأن الشعب الفلسطيني وحده.
أول أمس أكد الموفد الأوروبي الخاص إلى الشرق الأوسط ميغيل موراتينوس خلال لقائه الرئيس الفلسطيني تأييد الاتحاد الأوروبي لعرفات وللسلطة الفلسطينية.
هذه الزيارة الأوروبية لعرفات جاءت في أعقاب اجتماع لجنة مدريد الرباعية في العاصمة البريطانية لندن، وكان من المقرر أن يبحث ذلك الاجتماع، الذي ضم الأمم المتحدة والولايات المتحدة وأوروبا وروسيا، مساعدة السلطة الفلسطينية في إجراء التغييرات مع التلميح إلى إمكانية بحث تغيير القيادة الفلسطينية ذاتها الأمر الذي فجر خلافا أوروبياً أمريكياً.
أوروبياً أيضا بدأ أمس وزير الخارجية الفرنسي زيارة لبيروت ضمن جولة في المنطقة في إطار البحث عن التسوية، كما تعتبر الجولة استئنافاً لعملية الاتصال بقادة المنطقة من قبل الوزير الفرنسي الجديد.
ومهما يكن فإن العلاقة العربية الأوروبية الوثيقة تبقى مهمة على الدوام، ومن الضروري عربياً التأكيد على الدور الأوروبي في التسوية .. وعلى استثمار التفهم الأوروبي لقضايا المنطقة من أجل اكساب هذه القضايا المزيد من التأييد على الساحة الدولية ..



jazirah logo