هذه النَّاهضة مدينة «الرياض» تتزيَّا في أنحائها بحلل بهيَّة... ما كانت تحلم بها وهي طفلة تعبث بقدميها ويديها بالتراب...، وتتعفَّر بغباره...
اغتسلت بشلالات الضوء...، وتحوَّلت خيامها إلى بيوت فارهة... وامتدَّت أطراف ثوبها حتى غطّت كافَّة أطرافها... وأسدلت الفرح في أقصى مداه على الوجوه...
ها هي مرافقها «الخدميَّة» تتناثر حتى لم يعد أحد لا يجد ضالَّته في أيِّ ركن أو درب أو طريق، وأحلى ما انتهت إليه هذه المرافق العديدة ذات التشكيلة المعماريَّة الهندسيَّة الملوَّنة البديعة تنتشر في أشكال «شاليهات» و«استراحات»، و«ملاعب»، و«منتديات» على طول طريق الثُّمامة، وأطراف الرياض... حتى ضجَّ الضَّجيج من الضَّجيج، ومن كان ينشد الحركة بات يشكوها، ومن كان يعبث في خاطره هاجس التَّرفيه بدأ في حيرة من أمره، كيف يوزَّع وقته بين كلِّ هذا المعروض المتاح له ولأسرته...
ومع كلِّ ذلك ينهض السؤال في صدر كلِّ واحد من النَّاس، وعلى وجه الخصوص الشريحة الأغلب منهم أولئك الذين منحوا الكثرة - ما شاء الله - في «العيال»، واليسر في «المال» والرغبة في الترويح شأنهم شأن بقية خلق الله. وهذه الإجازة تتمدد بطولها وعرضها أمامه هذا الواحد منهم ولا حيلة له إلاَّ أن ييمَم صوب هذه المرافق ليتيح لأبنائه فرصة الفرح، والتغيير، والترويح والسعادة، فيواجه «بالرسوم» التي إن أحصاها عداً قضت على «ميزانية» الشهر ولحقت إلى الأخرى للشهر الذي يليه...، فاستئجار «حجرتين» بملحقاتها العادية لا يقل في اليوم الواحد عن نصف الألف أو أقل قليلاًً أو أكثر في بعض، إضافة إلى ما يشتهيه الصغار من «صرف» خلال اثنتي عشرة ساعة تبدأ في الثانية بعد الظهر وتنتهي في مثلها بعدمنتصف الليل، وهناك من يغلق قبل هذا الوقت... فكم تحتاج العائلة المتوسطة الدخل من صرف يومي إن شاءت الفسحة كل يوم؟ أو تتجه صوب المفتوح من الأراضي دون التمتع بما تمَّ إنشاؤه، وبذلت له الجهود، وشحذت فيه الوسائل؟...
إنَّ دراسة عاجلة من المسؤولين عن مرافق الترفيه في مدينة الرياض لرسوم «الدُّخول» والاستئجار، والاستفادة منها، توازن بين امكانات الأفراد من متوسطي وقليلي الدخل مقارنة مع بشريتهم وحاجتهم وإلحاح متطلبهم الإنساني، وبين ما يمكن أن يحققه التاجر صاحب هذه المرافق من الدخل على حساب هؤلاء.
إنّ إثراء الأفراد والمؤسسات الخدمية «الفاحش» في مقابل تقديمهم هذه الخدمة للمواطنين لا يحقق هدف الخدمة الوطنية... ذلك لأنَّ تقنين رسوم المرافق الترفيهية ضرورة ملحّة ومطلب عصري وحضاري بل إنساني ووطني... لابد أن يوضع على طاولة البحث، ومحك التنفيذ.
وهذا المقال إجابة لطلب مجموعة من القراء والقارئات الذين كانت لهم تجربة التَّعامل مع هذه المرافق فوجدوا أنَّ قدراتهم المادية لا تحتمل مواجهة إجازة يتصارخ فيها الأبناء لارتياد هذه المرافق الجاذبة بمجرَّد العبور بها...
وللرياض الفارهة في ثوبها النوراني تحيَّة الدُّعاء باستمرار نجاحها وبلوغ سعادتها.
|