ظهرت على السطح خلال الأسبوع الماضي فضيحة جديدة بعد إفلاس «أترون»، لشركة أمريكية كبرى أخرى وهي شركة «وورلدكوم للاتصالات»، التي توظف لديها حوالي 80 ألف موظف وتدير أعمالها من خلال فروعها في أكثر من 65 دولة حول العالم وتصل موجودات هذه الشركة الكبرى العملاقة إلى 85 مليار دولار أمريكي «نصف الناتج القومي للمملكة»، وقيمة سوقية للأسهم تتجاوز 150 مليار دولار هذه الفضيحة المحاسبية الجديدة في ثاني أكبر شركة للاتصالات الدولية في الولايات المتحدة الأمريكية والتي اكتشفت من خلال الأخطاء المحاسبية المقصودة من المديرين الماليين الكبار في الشركة والتي ستتكبد بسببها الشركة خسارة ما يقارب أربعة مليارات دولار أمريكي هذا عدا الخسارة المحققة من انخفاض القيمة السوقية للسهم وفقد ثقة المستثمر وقد لا نستغرب هذا الحدث كثيراً بعد أن كانت سابقتها شركة «أترون»، الأمريكية التي أعلنت إفلاسها للسبب نفسه وهو اكتشاف أخطاء محاسبية كبيرة تصل لمليارات الدولارات والمثير للتساؤل في الحالتين «أترون»، «وورلدكوم للاتصالات»، اللتين لحقت بهما «زيوركس»، «جنرال موتورز»، والبقية ستأتي، أن المراجع المحاسبي هي شركة واحدة وأقصد بها «أرثر أندرسون»، وتم تحميل هذا المراجع المحاسبي إفلاس «أترون»، وتحميلها جزءاً من المسؤولية من خلال اتلاف آلاف الأوراق والمستندات والتحقيق لا يزال مستمراً وأسباب دوافع هذا الاجراء من «أرثر أندرسون»، وأندرسون تنفي أي علاقة حيث انها تتعامل مع مستندات وليس على أرض الواقع الملموس.
هذه الفضيحة المحاسبية والخسارة للشركة «وورلدكوم للاتصالات الأمريكية»، «كمثال لأن بقية الشركات الأخرى ستؤثر بالتأكيد»، أثراً بشكل كبير وجوهري على الأسهم الأوروبية من خلال انخفاض أسهم البورصات الأوروبية والتي وصلت إلى 300 شركة أوروبية وبمبلغ انخفاض اجمالي يصل إلى 100 مليار يورو. ولنا أن نقدر أبعاد هذه الخسائر على الشركات والمستثمرين الدوليين واقتصاديات هذه الدول مما يعزز عدم الثقة في الأسواق الأمريكية وقد يصل للأوروبية، حيث أصبحت الأخطاء المحاسبية المقصودة ظاهرة حتى أن الكونغرس الأمريكي بدأ بالتدخل وقد حول مديرو وورلدركوم الحاليون «وممكن أن يفعل ذلك أي مدير مالي بأي شركة مساهمة لدينا أو غير مساهمة»، المصاريف التشغيلية التي تحققها الشركة إلى أن يتم تصنيفها كمصاريف رأس مالية، بمعنى أن المصاريف الرأس مالية سيكون لها عائد وإيراد سيحقق على ضوئها كشراء آلة أو عقار أو استثمار يستهلك على مدى سنوات كل ذلك لأجل إلغاء المصروف التشغيلي ويؤثر بذلك على قائمة الدخل بخفضها وزيادة بالتالي للأرباح وهو ما تحقق لهم بأن ظهرت رابحة وهي خاسرة وهو غير حقيقي، اكتشف هذا الخطأ الذي قد يصل أو سيصل إلى افلاس الشركة ككل وقد اوقفت الشركة ككل البنوك الممولة الآن كل عمليات القروض والشركة «ووردلدركوم»، لديها قروض تصل إلى 30 مليار دولار وتحتاج إلى سيولة LIQUIDITY)) لسداد فائدة هذه القروض لكن كل شيء الآن توقف وتم التحفظ على كثير من طلبات القروض للشركة والغريب المثير أن اكتشف الخطأ المحاسبي ليس من قبل المراجع المحاسبي «آرثر أندرسون»، ولا المديرين الماليين بل من خلال مراجعة دورية داخل الشركة ومن محاسب بسيط لديها، فكم تتقاضى شركة المراجعة المحاسبية العملاقة التي تتجه هي نفسها للإفلاس وتبحث عن اندماج ينقذها وكم يتقاضى هذا المحاسب البسيط في الشركة؟.
وأترك الآن جانب خسائر أسواق المال الأوروبية والأمريكية باعتبار أنها اقتصاديات تقود العالم من خلال حجمها وقوتها الاقتصادية الكبيرة وسوف تمتصها بتدرج، ولكن ماذا عن شركاتنا السعودية المساهمة خاصة التي لديها آلاف المستثمرين والمكاتب المحاسبية وممثلي المكاتب الخارجية التي لدينا وأقصد هنا خاصة الشركات المساهمة التي تطرح في سوق الأسهم لأنها تضم مئات آلاف من المستثمرين كباراً وصغاراً، ماذا عنهم وخاصة أننا لن نكون أفضل حالا من حيث الرقابة المالية من الشركات الأوروبية والأمريكية، ويمكن استثناء البنوك هنا لأن هناك جهة رقابية جيدة وقوية ومميزة باعتقادي وهي مؤسسة النقد العربي السعودي «البنك المركزي»، ولكن ماذا عن بقية الشركات التي لديها مديرون ماليون قد يصنفون مصاريف التشغيل إلى مصاريف رأس مالية أو الديون السيئة والمعدومة لا يتم اجراء مخصصات لها وغيره من البنود المحاسبية التي من الممكن للمديرين الماليين والأعلى سلطة أن يتلاعبوا بهذه الأرقام لإظهار نتائج جيدة للشركة وهي عكس الواقع وخاصة أن هناك نوعية أو هي فعلاً تعمل على التعامل مع مستندات «وأقصد بذلك المراجع المحاسبي»، وليس واقع هذه الشركات من يراقب أصلا المكاتب المحاسبية والاستشارية هذه سواء كانت سعودية 100% أو غيرها وخاصة اننا نعرف جيداً من خلال الميزانيات التي تنشر أن المكتب المحاسبي الذي يحوم حوله كثير من علامات الاستفهام يراجع حسابات كثير من الشركات والبنوك أيضاً، ولا اقصد فقط مكتب «آرثر أندرسون»، فقط بطبيعة الحال بل جميع المكاتب المحاسبية هل يعتقد أن الكفاءة والقدرة والرقابة والمعايير المحاسبية المطبقة هي صحيحة ومنطقية وتفي بحاجة الشركة؟؟ وهل نتائج الشركة النهائية من خلال الموازنة السنوية والقوائم المالية تعبر بعدالة عن المركز المالي الحقيقي؟ وهل هي مراقبة أصلاً؟ أعتقد ولا أعم بالطبع أن كثيراً من الشركات المساهمة تحتاج إلى إعادة نظر في هذا الجانب، ويكفي أن يكون لدينا سبب واحد ووجيه وهو أن إحدى أكبر شركات التدقيق والمراجعة المحاسبية وهي «آرثر أندرسون»، والتي الآن يوضع عليها أكثر من علامة استفهام وتثير الشكوك بمدى كفاءتها وأشياء أخرى ومن خلال معطيات الأحداث التي نتابعها، وندلل على ذلك ما تتناوله الصحف في العالم أجمع ونتحدث عنه وهو فضيحتا «أترون» و «وورلدكوم للاتصالات»، والبقية التي تنتظر حتى أن فضيحة شركة «وورلدكوم للاتصالات»، شبيهة خسارتها بأكبر من خسارة الولايات المتحدة من أحداث 11 سبتمبر ويبدو أن 11 سبتمبر سيتكرر كثيراً من خلال الفضائح المحاسبية وسلسلة الخسائر المتتابعة للشركة ونتحدث هنا عن خسائر تتجاوز بكثير المائة مليار دولار من خلال شركة واحدة فقط وكأننا نتحدث عن اقتصاديات دول..
ثم نتساءل ماذا عن المستثمر السعودي في هذه الشركات أو المضاربين، طبعاً لم يكن أحد يتصور أو يتوقع هذه الخسائر المفاجئة والصدمات المتتابعة ولا أسترسل بتبعات الاستثمار في الأسهم والشركات لكن هل نجدد الدعوة المتكررة بالتفكير الجدي والحقيقي بالاستثمار المحلي؟ وشيء مهم يجب أن أدركه ويدركه طبعا كل مستثمر سعودي خارجي أن هبوط الأسواق المالية والعملات خاصة في السوق الأمريكي فإنه يكرس عدم التفكير بعودة تلك الأموال لأنها الآن تحقق خسائر دفترية من هذا الهبوط في الأسواق المالية سواء من فضائح الشركات أو العملة أما إفلاس الشركات فلا خيار هنا لأي شيء غير أنها خسارة حقيقية قد تحتاج هذه الاستثمارات فترة من الوقت لتعود من جديد بعد أن تستوعب السوق العالمية هذه الخسائر وهبوط المؤشرات، ولعلنا نطرح سؤالاً أيضا آخر وهو: هل فعلا النمو الاقتصادي الذي تظهر بوادر له الآن حقيقة أم أيضا ورقية دفترية؟ وما هي عواقب ذلك؟ الإجابة السلبية تعني انهيارات اقتصادية لا يعرف مداها لكن ليست بمستحيل على أي حال.
أخيراً:
- ترد بعض الرسائل سواء بالفاكس أو الأيميل ويركز البعض على ابداء ملاحظاتهم واستفساراتهم في شتى المواضيع ويطلب ردوداً مباشرة لهم وشخصية، وحيث انني اكتب هنا على صدر الصحيفة وللجميع فليعذرني الجميع عن الرد الشخصي المباشر لأنني افضل أن تكون على صدر الصحيفة لإثراء الحوار وكل يبدي وجهة نظره في شتى المواضيع لأننا نتحدث بمواضيع عامة يهتم بها الأغلب، لذا سيكون خلال الفترة القادمة أي رد لأي سؤال أو ملاحظة أو مداخلة أو اعتراض من طرحها أمام الجميع للإفادة وطرح وجهات نظر، فقط لاغير، وأعتذر عن تأخر الردود لبعض الرسائل.
- هناك الكثير من الدعوات «للمنتديات الانترنتية»، وطلب المشاركة بها وأشكرهم عليها ولكل من أرسل. ولكن أقول «ولا أعمم لنقول 98% منها»، أن المنتديات أشبه ما تكون بالمياه الراكدة التي تكون بيئة خصبة لكل الأمراض بكل أنواعها الاجتماعية أو النفسية غير الصحيحة وتتناقل الامراض فيما بينها. وهي مدن ظلام لا تفضل النور والشمس والهواء، فأعتذر عن أي مشاركة بذلك مع تقديري واحترامي لكل من قدم دعوته، وسؤالي لهم، أين المنتديات الاقتصادية من كل هذه الدعوات؟ لا شيء طبعاً. ولكن مزيدا من السطحية وبث السموم.
|