* باجرام - أفغانستان - خدمة الجزيرة الصحفية* :
حينما علم الميجور سكوت ستوكويل بأن وحدته سوف ترسل إلى أفغانستان أدرك أنها سوف تكون حرباً شاملة على الحشرات.
فيقوم الميجور ستوكويل الملحق الطبي الخامس والعشرون بالفيلق الثالث المدرع بمكافحة ذباب الرمل والبعوض وذباب المنزل، وأي كائن يمكن أن يسبب المتاعب للقوات الأمريكية في القاعدة الأمريكية في باجرام التي تقع على مسافة ساعة من كابول، ويقول ستوكويل: إن عملي هو الاقتراب من العدو وإبادته تماما.
ويتمركز ستوكويل في باجرام للسيطرة على الأوبئة الحشرية والتأكد من أن القوات الأمريكية المقاتلة تقف على قدمها وأنها على أتم استعداد لقتال قوات القاعدة وطالبان على الأرض، ومع ذلك فإنه منذ وجودها مؤخراً في جبال شرق أفغانستان، والمقاتلون الموالون لأسامة بن لادن والملا عمر قد تواروا في الظلام وتحولت الحرب إلى هجمات متفرقة من نوع «اضرب واهرب».
وبينما تنتظر القوات الأمريكية المقاتلة على الخط الأمامي أمر القتال الذي لن يأتي أبداً، فإن الملحق الطبي الخامس والعشرين ستوكويل الذي يعاونه ثلاثة جنود آخرين يمثل الوحدة الوحيدة في باجرام التي تقاتل هذه الأيام.
الحشرات لا تحمل أم - 16
لفافات من الأسلاك ومواقع المدافع الرشاشة وحقول الألغام ونقاط التفتيش- لا شيء يستطيع أن يوقف الحشرات أو يمنعها من التسلل إلى القاعدة، حيث تهدد صحة الجنود الأمريكيين.
ويقول ستوكويل: «بالطبع من حسن الحظ أن الحشرات لا تحمل أم - 16 أو إيه كي 47 ولكنها بدلا من ذلك تحمل بعض الأمراض المقرفة».
بالطبع من الأشياء المهمة في الوقت الحالي ذباب الرمال، تلك الحشرات الضئيلة الحجم اللاسعة التي تسبب مرض «الليشمانياسيس»، وهو مرض معد منتشر في القرى المحلية كما تسبب الحشرات أيضا حمى ذبابة الرمال، والتي يعتقد أنها أصابت عشرة آلاف جندي أمريكي عندما قام الجنرال جورج باتون بغزو إيطاليا أثناء الحرب العالمية الثانية.
ومن الناحية التاريخية يقتل الرصاص والقنابل أو يجرح نسبة ضئيلة فقط من المقاتلين بينما تؤدي الأمراض إلى قتل الغالبية العظمى منهم مما يجعل حصار ستوكويل للحشرات خط دفاع أساسي، وتبعا لستوكويل فإن التكتيكات المستخدمة في مواجهة الأهداف العسكرية والأهداف الحشرية واحدة.
فيقول ستوكويل : إننا نتبع نفس الأسلوب لمواجهة العدوان فبالنسبة لنا إذا كنا نسعى إلى الأشرار فإننا ننظر إليهم كما لو كانوا حشرات فننظر أي نوع من الحشرات نتعامل معه وما هي عاداتهم وكيف تعيش وكيف نعثر عليها وكيف نستغل ما نعرف عنها لمعاونتنا على قتلها.
وكجزء من هذه الحرب ضد الحشرات في باجرام يقوم ستوكويل بالتأكد من جفاف أماكن تجمع المياه الراكدة التي تعتبر بيئة خصبة للبعوض والتأكد من تغطية القمامة من أجل عدم توفير بيئة خصبة للذباب، ولكن في جانبه الأعظم فإن الفيلق الطبي الخامس والعشرين عبارة عن قسم للحرب الكيميائية يقوم برش المباني والحوائط بالمبيدات وتعفير الأشجار ووضع الطعم القاتل.
ويضيف ستوكويل: هذه هي ذروة الخدمة العسكرية لعالم الحشرات مقاتل يوجد في مكان مثل هذا، حيث يجب قتل الحشرات يوميا إن شعارنا هو: «حاول أن تقتل شيئا كل يوم».
محارب وعالم في آن
حتى وهو يقوم بالإبادة يحاول ميجور ستوكويل أن يفهم ففي وقت فراغه يقوم بجمع الخنافس والزنابير والجراد والعناكب والعقارب من أجل المساهمة في ملء الفجوة الضخمة الموجودة في سجل علم الحشرات التي توجد في آسيا الوسطى، وأفغانستان على وجه الخصوص فقد أدت عشرات السنين من الحرب إلى منع علماء الحشرات من جمع العينات، والواقع أن حشرات أفغانستان الزاحفة ذات الست والثماني أرجل نادرا ما توجد بالمتاحف العلمية.
ويقول ستوكويل: معظم من يأتون هنا هدفهم قتل الآخرين أو شراء الأفيون فقط، ولا يأتي أحد لجمع الحشرات.
وآخر محاولة كبرى لجمع الحشرات قام بها الجيش البريطاني أثناء آخر حروبهم في أفغانستان عام 1919، وفيما يتعلق بالعلوم الطبيعية تعتبر أفغانستان بيئة فقيرة، ويأمل ستوكويل أن يساهم في تغيير ذلك.
ويواصل ستوكويل خبير الحشرات السامة افتنانه بالعقارب على وجه الخصوص فأدت بحوثه في الولايات المتحدة إلى الكشف عن العديد من الأنواع الجديدة.
وهناك نوع أطلق عليه اسمه، وقد ثبت أن العقارب في باجرام نادرة، ولكن «السولبوجيدات» كثيرة، فهذه الحشرات التي تشبه العناكب يصل حجمها إلى حوالي 2 بوصة من حيث الطول ولها عيون خرزية صغيرة مستديرة وأرجل يغطيها الشعر وفك مستطيل تستخدمه في تقطيع فرائسها.
ويقول ستوكويل: إنها تبدو مثل وحوش قادمة من عالم آخر حيث قام بجمع عينات عديدة تشتمل على إناث حوامل ووضعها في علب وبرطمانات وزجاجات بلاستيكية في معمله.
ويشعر ستوكويل بسعادة غامرة بسبب احتمال قيامه ببحث رائد، ولكن مهمته الأولى هي إبادة الحشرات المعادية.
ويقول ستوكويل: إنني أعتقد انني أقوم بشيء سيئ من أجل فعل ما هو خير، وهذا قد يؤلمني بقية حياتي، ولكنني عندما أرى الحشرات الصغيرة ميتة في كل مكان، أشعر وكأنني أفعل بعض الخير للعالم.
* «كريستيان ساينس مونيتور» |