رحل الدكتور الناقد عبدالقادر القط بعد 7 أيام من فوزه بجائزة الرئيس مبارك في النقد الأدبي وقد توفي عن عمر يقارب 86 سنة رحل بعد أن ترك بصمات واضحة وراسخة في أسس النقد الأدبي الحديث.
ومن أبرز مؤلفاته الاتجاه الوجداني في الشعر العربي المعاصر، وفن المسرحية، وحركات التجديد في العصر العباسي، والأدب العربي المعاصر وغيره مما أفاد به الحركة النقدية الحديثة.
ولعل من المناسب تناول بعض أفكاره وآرائه ودراساته النقدية التي ضمها كتاب من أهم كتبه الاتجاه الوجداني في الشعر العربي المعاصر.
يذكر الدكتور القط في هذا الكتاب أن الطبيعة من أبرز الموضوعات التي تتضح وتتجلى فيها الفروق بين الموقف الموضوعي والموقف الوجداني و«بين ما يقتضيه كلا الموقفين من تعبير فني.
فالشاعر الموضوعي أو الكلاسيكي ينظر إلى المشهد الطبيعي نظرة شاملة» ثم يذكر انه «قد قرّ في نفوس الكثيرين أن الاتجاه الوجداني أو الرومانسي يرتبط بموضوعات بعينها، كالطبيعة والحب.
ولا يمكن أن ينكر دارسو جنوح أصحاب هذا الاتجاه نحو التجارب العاطفية ويقرر الدكتور القط أن التجربة في ذاتها لا تصنع أدباً رومانسياً أو كلاسيكياً أو واقعياً، أو منتمياً إلى غير هذه من المذاهب الفنية، وإنما يتحقق ذلك الانتماء بطبيعة موقف الشاعر من موضوعه وأسلوب تعبيره عنه، أي بالتصور في الموضوع، فكل موضوع يمكن أن يكون في ذاته مجالاً لتجربة واقعية أو رومانسية.
وفي الجزء الثاني من الكتاب تحدث القط عن خليل مطران وقال: «يجمع أغلب الدارسين على أن خليل مطران كان رائداً بارزاً من رواد التجديد، مهد بآرائه وشعره السبيل أمام الشعر العربي الحديث ليجتاز مرحلة الإحياء وامتدادها، إلى مرحلة تتمثل فيها روح العصر وتجاربه وقيمه الفنية الجديدة».
ويذكر القط انه مهما اختلفوا في مدى تأثير مطران في هذا الشعر أو ذاك، أو هذه الجماعة أو تلك إلا أن الاجماع يكاد ينعقد على أن خليل مطران يعتبر رائداً للمدرسة الجديدة في الشعر العربي المعاصر.
ويتحدث عن البدايات في شعر المهجر الشمالي والجنوبي ويذكر أن الاتجاه نحو الشعر الوجداني في الوطن العربي واكبه اتجاه مماثل عند طائفة من شعراء المهجر.
وفي جزء آخر من الكتاب يتحدث الدكتور القط عن المعجم الشعري وأن كل شاعر يتأثر معجمه الشعري بعصره فيقول: «أما المعجم الشعري فإنه من عناصر الشعر الأولى التي تتأثر بالتطور الحضاري وإن لم يتخذ صورة تغير حاسم من مرحلة إلى أخرى.
وقد رأينا كيف تميّزت اللغة عند أصحاب حركة الإحياء برغم تقليدهم الغالب فتسربت إليها أثار من روح العصر الحديث في ألفاظها وبناء عباراتها وأساليبها» ويعود مرة أخرى ويؤكد الدكتور القط أن للاتجاه الوجداني أثرا بالغا في الشعر العربي، فغيّر من طبيعة تجاربه ومن صورته التي ظلت ثابتة طول العصور وجعله قادراً على أن يعبر عن مرحلة انتقال حضارية كبيرة لم يمر المجتمع العربي بمثلها منذ قرون فصوّر كما يقول القط ما انطوت عليه من تناقض وما ضمت من قيم ايجابية أو سلبية وشارك في توازن المجتمع إبان ذلك الانتقال.
|