تنشط دور النشر والمؤسسات الخيرية بإصدار الكتيبات الشرعية الصغيرة الحجم وتوزيعها في المساجد والمدارس والاستراحات المخصصة لمراجعي المستشفيات والبنوك والأماكن العامة. وهي مطبوعة بورقٍ صقيلٍ وكتابةٍ ملونةٍ وتغليفٍ جميل! إلا ان احجامها لا تتعدى مساحة الكف وعدد صفحاتها لا يتجاوز غالباً عشرين صفحة. وأكثر ما تكون تلك الكتيبات موسمية خاصة بالصوم او الحج أو آداب الأعياد، أو معالجة ظاهرة سلبية تطفو على سطح المجتمع. إلا أنك تتفاجأ حين تجد سلسلة مرقمة الى ما يقارب ستة كتب تصب في موضوع واحد، ولا شك بفائدتها للمحتاج اليها ولكن اود ان اتساءل: لم توضع بشكل مسلسل عبر كتيبات صغيرة وهي تدور حول موضوع واحد؟! ألا يمكن دمجها في كتاب واحد بحيث يكون على شكل فصول ويكون مقاس الكتاب وحجمه مناسباً؟ ولا سيما ان ذلك سيقلل من تكاليف الطباعة، مع عموم الفائدة. هذا وقد لاحظت ان الناشرين والكتاب يعمدون الى فصل ما يخص المرأة في كتاب مستقل مثل «صلاة المرأة» و«صوم المرأة» و«فتاوى المرأة» وكأن المرأة لها فرائض خاصة بها! نعم، إن لها ظروفاً معينة ولكنها تشترك مع الرجل في كل العبادات والفرائض، ثم ما يمنع ان يعرف الرجل ما يخص المرأة؟!.
ولعلي أشير الى ان قضية انتشار هذه الكتيبات بهذا الشكل يكاد يقلل من قيمتها، فنجدها توزع بطريقة عشوائية حيث يقوم إمام المسجد بجمع تبرعات من المصلين لشراء كتيبات موسمية ومطويات وتوزيعها على المنازل بأعداد كبيرة وبصورة متكررة وربما تكون متوفرة لديهم من مصادر أخرى! وقد يرى البعض أنه لا مانع من توزيعها للاستفادة منها، ونحن لا نشكك بفائدتها، بيد ان انتشارها دون تقنين واختيار أدى الى امتهانها ولاسيما أنها مجانية!! والمجاني غالباً لا يلقى الحفاوة وخصوصاً اذا اعطي من لا يقدر قيمته ويجعله عرضة للإهمال!!.
وهذه دعوة الى الرفع من مكانة الكتب الشرعية ومع إدراكنا لسمو الهدف وصدق النوايا والحرص على فعل الخير والدعوة الى نشر العلم الشرعي، إلا اننا نناشد المهتمين بالنشر والكتابة بوقف التكرار في طرح الفكرة عند إصدار هذه الكتيبات، وصرف الجهد لأوجه أخرى للدعوة في نفس المجال وهو الاتجاه الى تحقيق الكتب النفيسة مع تغيير طباعتها، وجعلها في متناول الجميع بأسعار مناسبة، وبكميات معقولة وموجهة لفئات محتاجة اليها، والتشجيع على الإهداء عن طريق تخفيض أسعار النسخ، وتوزيعها في مضانها بعيداً عن العشوائية بالتوزيع كما هو متبع الآن مع الكتيبات الصغيرة!.
وتأتي الحاجة الى ضرورة التحقيق للكتب الشرعية بسبب ما يقع بين أيدينا من كتب نفيسة وهادفة إلا ان فيها بعض التجاوزات الشرعية والبدع، وقد تصل الى أمور مخلة في العقيدة كبعض الكتب التي يتسامح مؤلفوها في مسألة زيارة قبور الصالحين وإبداء التوسل لهم أو الاستغاثة بأعمالهم الصالحة. ويظهر دور المحقق جليا حين يصحح بعض تلك التجاوزات بأن يوضح في الهامش موقف الشريعة الإسلامية من بعض المعتقدات ولا سيما تعظيم الرسول صلى الله عليه وسلم والوصول به الى درجات عليا من الغلو والتطرف.. إضافة الى الخلط في فضل بعض الصحابة والتابعين وبين أقوالهم وأفعالهم.. ويتم تحقيق هذه الكتب الشرعية بالرجوع الى الكتاب والسنة في حالة الاختلاف وترجيح الأقرب لاتباع الشرع بما لا يجعل مجالاً للاجتهاد الشخصي حتى يصبح هناك مرجع موثوق به وبمتناول الجميع وبلغةٍ سهلةٍ وبعيداً عن الشروحات الدقيقة.. وهذا مطلب جماعي ولاسيما في وضع الحيرة التي يعانيها القارئ للكتب الشرعية!.
كما ينبغي ألا تتوقف الجهود عند تحقيق الكتب والمساعدة على وصول الفائدة للقارئ، بل تتعداها الى ترجمة الكتب الأجنبية التي تدعو الى الفضيلة ونقل تجارب الآخرين. وكذلك ما يختص بالتغذية والصحة والتفكير الإيجابي بنواحي الحياة بما لا يتنافى مع عقيدتنا وشريعتنا الإسلامية، وإيضاح الرأي الشرعي فيما يخالفها، وفيها يتزود الشاب المسلم بالثقافة العامة التي تعود عليه بالفائدة في الدنيا والآخرة.
وإن تحقق هذا الهدف فسيكون لدينا شباب مثقف واعٍ يملك خلفية علمية وشرعية لأمور دينه ودنياه..
|