في مجلة اليمامة كتب مقبل الحماد (8) يوضح بعض ما جاء عن الاستاذ فهد العريفي السابق حيث جعل قائد معركة ميسلون هو يوسف العظمة واعطى ابن دغيثر دورا ثانويا قال :(عندما وضعت الحرب العالمية الاولى اوزارها وتم تنصيب الملك فيصل بن الحسين ملكا على سوريا طلب ابن دغيثر الذي كان أحد ابرز قادة العرب في تلك الحرب الكونية- كما جاء في كتاب اعمدة الحكمة السبعة للورنس- اعادة تشكيل جيش الهجانة من بقايا الجنود المسرحين من ابناء العقيلات المقيمين في سوريا الاردن، وقام ابن دغيثر بهذه المهمة حيث اعاد تكوين الجيش من ثمانمائة مقاتل ليخوض به فيما بعد معركة ميسلون ويلتحم مع الفرنسيين التحاما مباشرا وصدهم عن دخول وادي بردى للالتقاء بأرتال فرنسية اخرى متقدمة.. شهد فيها الجنرال غورو بشجاعة فرسان الصحراء).
اقول : الصحيح ما قاله هذا الكاتب أما قول الاستاذ فهد العريفي فقد أوضحت رأيي سابقاً.
ثم قال الكاتب(..غير أن بعض المؤرخين يقول: إنه - أي يوسف العظمة- لم يخض المعركة ولم يلتحم بالفرنسيين اصلا، لانه قتل في طريقه لميدان القتال) ومنهم من يقول بأن الذي قتله ضابط حموي برتبة ملازم قبل المعركة، ومنهم من يقول بأنه انتحر.
اقول: جاء في ترجمة يوسف العظمة في الاعلام (9) :إن الملك فيصل بن الحسين فض الجيش العربي بطلب من الجنرال غورو ثم فوجئ بأن الجيش الفرنسي يتقدم لاحتلال سوريا بأمر من الجنرال، ثم عاد الملك فيصل يستنجد بالوطنيين السوريين لتأليف جيش أهلي يقوم مقام الجيش المنفض في الدفاع عن البلاد، وتقدم يوسف العظمة يقود جمهور المتطوعين على غير نظام مع عدد يسير من الضباط، ثم انه جعل على رأس وادي القرن الغاما خفية في طريق الفرنسيين ولما بلغ ميسلون ورأى العدو مقبلا أمر بإطلاقها تحت الجيش الفرنسي فلم تنفجر ووجد اسلاكها قد قطعت، فعلم بأن النصر للعدو، ثم ارتقى ذروة ينظر منها إلى الدبابات الفرنسية تحصد ابناء البلاد بين قتيل وشريد ولم يبق معه الا بندقيته واخذ يطلق نيرانها من بعيد حتى اصابته قنبلة فقتلته يوم 7/11/1338هـ 24/7/1920م واقول: إذا كان الأمر كذلك فإن يوسف العظمة لم يقم بقيادة الجيش الذي حارب الفرنسيين في ميسلون ويكون ابن دغيثر هو الذي كان يقود الجيش في تلك المعركة.
وجاء في لقاء مع الشيخ أبو عبدالرحمن بن عقيل الظاهري (10) ما نصه: (ولقد بقيت هذه الحادثة- يعني معركة ميسلون- التاريخية المهمة مجهولة من قبل أبناء المملكة وأبناء سوريا وأبناء الوطن العربي بصفة عامة ولكنها معروفة ومتناقلة بالأحاديث بين أبناء العقيلات من سلالة الأسر النجدية التي قامت في الماضي بالتجارة بين نجد والعراق وبلاد الشام ومناطق اخرى).
أما المؤرخ لورنس (11) فقد ذكر العقيلات وابن دغيثر في عدة مواضع واثنى عليهم، وقال عن العقيلات (ص98) و (عقيل عشيرة نجدية تسكن القرى والمدن، ورفاقنا منهم فتيان من عنيزة وبريدة والرحى. وقد سبق لهم أن خدموا في سلك الهجانة سنوات طوالا وكانت أعمارهم تتراوح بين السادسة عشرة والحادية والعشرين وهم اناس طيبون وذوو عيون واسعة مرحون على قسط يسير من الثقافة لكنهم اذكياء).
أقول: وكان لورنس عندما يكلفه الشريف بمهمة يرافقه مجموعة من عقيل، وكان الشريف يثق فيهم ويأمنهم ويكلفهم ببعض المهمات الصعبة.
وقال عنهم ايضاً: كانوا إذا ساروا مع الجيش أو للحراسة يركبون الخيول أو الجمال ويرتدون ثيابا بيضاء وكوفيات حمراء كبيرة ويلوحون بسعف النخيل بدلا من الرايات: وكانوا يطيعون قائدهم أيا كان، كما كانوا يدافعون، عن بعضهم ولا يرضون أن يعتدي أحد على أي رجل منهم، ثم إنهم إذا قتل احدهم لا يرضون بدون القصاص، وروى لورنس قصة أحد رجاله الذي وُجد قتيلا بين الصخور والذي قتله عبد يسمى حامد فلم يرض رفاقه من عقيل إلا القصاص من حامد فقام لورنس بقتل الجاني من أجل أن يرضي رجال العقيلات.
كما كان رجال العقيلات يتفانون في خدمة بعضهم ويعملون القهوة والزاد بأنفسهم، وكان الشريف إذا اراد أن يعطل الخط الحديدي بعث لتلك المهمة رجالا منهم، وكانوا يتولون ترميم آبار المياه التي ينزلون عليها ليشرب منها الناس.
وقال لورنس عن بني عقيل :(واتباع ابن دغيثر من بني عقيل كانوا لا يهتمون إلا بعشيرتهم، ولا يمكن أن يكلفوا انفسهم عناء البحث عن غريب).
وقال عنهم: إنهم إذا ارادوا أن يسيروا مع الجيش، كانوا يتقدمون في سرايا وفي نظام مكشوف يفصل بين السرية والسرية مسافة تبلغ خمس ياردات، وتتبعها سرايا مساندة اخرى.
«يتبع» |