تعد الاجازات في ذلك الزمن كالشهادات التي تمنح للدارسين في زمننا هذا، والاجازة في أبسط صورها: إذن الشيخ لتلميذه أن يروي عنه ما تحمله عنه، ويكون الاذن بالمشافهة أو بالكتابة التحريرية، أو بالمشافهة والكتابة معاً، ولم تكن الاجازة مما ابتدعه المتأخرون، بل الصحيح أنها قديمة، وقد عني بها من العلماء واشتهر ذلك عنه القاضي عياض إذ تتبعها وذكر أنواعها، ثم أتى من بعده ابن الصلاح في مقدمته في علم الحديث، وقد ذكر العلماء أنواعها، وسوف نذكرها من غير تفصيل لعدم الاطالة:
أ- اجازة معين لمعين.
ب- اجازح لمعين في غير معين.
ج- اجازة عامة غير معينة.
د- اجازة المجهول.
هـ- الاجازة للمعدوم وللطفل والصغير.
و- الاجازة المعلقة بالشرط.
ز- اجازة ما لم يسمعه المجيز ولم يتحمله.
ح- اجازة المجاز.
وهذه الاجازات بأنواعها جاءت في التراث الاسلامي على ضربين:
الأول: أن تكون ملحقة بأوائل أو اثناء أو أواخر المخطوطات.
الثاني: أن تكون اجازة مستقلة مفردة في ورقة وأكثر وليس لها ارتباط بالمخطوط وهذا الغالب.
والذي يذهب إليه كثير من الباحثين أن الاجازة انما هي تطور للاسناد في رواية الحديث النبوي، وهو تطور فرضها المسار الثقافي للامة، واتخذ بذلك شكلاً غير الشكل الأول الذي عرف به واشتهر.
ويذهب البعض إلى أن أول اشارة للاجازة وردت في تاريخ الاسلام هي ما ورد في كتاب العلل ومعرفة الرجال، فقد روى الإمام أحمد بن بشير بن نهيك قال: كنت كتبت عن أبي هريرة كتاباً فلما أردت أن افارقه قلت: يا أبا هريرة إني كتبت عنك كتاباً فأرويه عنك؟ قال: نعم، أروه عني وجاء في رواية أخرى قريباً من ذلك.
وللاجازة بنوعيها الملحقة والمفردة والمستقلة فوائد جمة قد لا يدركها إلا من قرأها بعناية وتبعها بشكل دقيق، وذلك لأن الاجازة الملحقة يمكن من خلالها والتعرف على اشياء لم تكن تخطر على بال الباحث مثل:
أ- التعرف على نوع خط المؤلف والمصنف.
ب- قد تكون هذه النسخة مما قرأت على المؤلف وفقد نسخة المؤلف، وبقيت هذه النسخة التي عليها اجازة المؤلف لتلميذه.
ج- تعين هذه الاجازة أيضاً مع تصحيح وفيات واسماء الاعلام ومعرفة معاصرتهم لبعض لورود اسمائهم وغير ذلك.
د- مساعدة على تصحيح التوثيق اسماء المؤلفين أو عناوين الكتب بشكل دقيق.
هـ- تعين على التعرف على تاريخ نسخ الكتاب إن كان لم يذكر.
و- تعين ايضاً على معرفة عدد كراسات في كل زمن وكل قطر.
وغير ذلك من الفوائد الكثيرة يمكن الرجوع إليها في الكتب التي عنيت بمثل هذا العلم، أما الاجازات المفردة والمستقلة فهي في الغالب تكون مطولة يذكر فيها كل علم وفن ومن أين تلقاه العالم وإلى من أجاز ذكر ذلك متسلسلاً بحيث عن طريقه يمكن تسميع كيفية وصول العلم إلى هذا العالم ومصدره. وما يقال عن هذا تقريباً مطابق للاجازة الملحقة.
أما ما نعني هنا فهي هذه الاجازة التي ذكرنا عنوانها في أول كلامنا.
وصف الاجازة:
تقع الاجازة في 14 ورقة تكتب بخط لا يعتمد على قاعدة مشهورة من قواعد الخط العربي، استخدم فيها مدادين اسود واحمر، تكتب في الورقة الأولى عنوان الاجازة هكذا: اجازة سعد بن حمد بن عتيق النجدي الحنبلي الاثري ل: محمد بن عبداللطيف بن عبدالرحمن بن حسن بن امام الدعوة الإسلامية الشيخ محمد بن عبدالوهاب.
وبدأ في الورقة الثانية يعد البسملة: الحمد لله الذي انزل على عبده الكتاب والحكمة.
بلغ عدد الاسطر في كل صفحة باستثناء الأولى والأخيرة 19 سطراً ومقاس الورق هو 28-21 سم. وتنتهي هذه الاجازة في الورقة 14. أما الورقة 15 فهي اجازة غفل من اسم المجاز، أما المجيز فهو الشيخ محمد بن عبداللطيف. أي أنه عندما أخذ الاجازة المقولة التي أشرنا إليها. قام بكتابة مسودة اجازة منه إلى من يطلبها، وجعلها بدون اسم.
والذي يبدو أن كلا النصين بخط عبدالستار الدهلوي الصديقي، وبهذا نكون قد تناولنا أثراً من آثار الإسلام التي اندثر ولم يعد يذكر أو يجد من يعتني به إلا القلة القليلة من طلبة العلم وعلى رأس اولئك معالي الشيخ صالح بن عبدالعزيز بن محمد بن ابراهيم آل الشيخ وزير الشؤون الإسلامية والدعوة والارشاد. وفقنا الله واياه والمسلمين إلى الخير.
|