* القدس المحتلة - خدمة الجزيرة الصحفية:
معظم الإسرائيليين مسرورون بينما العرب مذعورون والفلسطينيون يحاولون النظر إلى الجانب المشرق في الأمر ففي خطابه الذي أكد فيه على مساندة الولايات المتحدة لسياسات وممارسات رئيس الوزراء الإسرائيلي آريئيل شارون، عبر الرئيس بوش أيضا عن رؤيته العامة للسلام في الشرق الأوسط . فبمجرد قيام الفلسطينيين بصنع ديموقراطية حقيقية وانتخاب «قادة جدد... لا يهادنون الإرهاب» يمكن للولايات المتحدة أن تساهم في إقامة دولة فلسطينية مؤقتة.
بإيجاز تبدو رسالة الرئيس على النحو التالي: وداعا ياسر عرفات مرحبا بالدولة الفلسطينية بهذا الترتيب.
إسرائيل تطارد القيادة الفلسطينية منذ شهور عديدة ولذلك حققت صياغة بوش الكثير من السعادة للجانب الإسرائيلي، ويقول زالمان شوفال أحد مستشاري شارون إن الخطاب تأييد كامل للمنهج الإسرائيلي الذي يري أنه يجب وضع نهاية مطلقة للعنف والإرهاب قبل أي تفاوض حول الدولة الفلسطينية.
وعلى الرغم من سعادة الموجودين داخل الحكومة يشعر النقاد بأن تأييد الولايات المتحدة الكامل لرؤية شارون لن يؤدي بالضرورة إلى تحقيق السلام.
ومع ذلك فمن المرجح أن يؤدي هذا الخطاب غير المتوازن إلى المزيد من تعقيد الموقف... إنه ربما يكون خطوة عملاقة لآريئيل شارون، ولكنه في الواقع خطوة ضئيلة جدا لفرص السلام.
كما كتب ناحوم بارنيا الصحفي الإسرائيلي البارز بجريدة يديعوت أحرونوت يقول: إن البيت الأبيض لا يرغب في أن يكون متورطا في المفاوضات: ولكنه يريد ذريعة تبرر قراره بعدم تورط رئيسه في أمورنا فالرئيس غير مؤهل لتحمل تبعة خيبة الأمل في الشرق الأوسط.
ومعظم المعلقين العرب مذعورون من العرض الذي يقدمه بوش فيقول ميخائيل يونج المحلل السياسي اللبناني: إنه اقتراح يثير السخرية فلا يمكنك أن تتوقع أن يقوم عرفات بإصلاح يكون هو ضحيته الأولى.
أما الفلسطينيون الراغبون في الإصلاح مثل الوزير السابق نبيل عمرو الذي استقال من منصبه الشهر الماضي احتجاجا على عدم رغبة عرفات في تشجيع التغيير فإنهم يقدرون تأكيد بوش على الديموقراطية، والمشكلة هي أن بوش لم يقل شيئا حول شكل وجوهر الإصلاح أو آليات عقد الانتخابات في أراض تخضع مدنها وأحياءها للاحتلال العسكري الإسرائيلي.
ويقول عمرو: إننا في حاجةإلي مناخ للإصلاح نحتاج إلى آلية كما إننا بحاجة إلى ضغوط قوية من إدارة بوش على الإسرائيليين لتهيئة هذا المناخ.
وبالنسبة لشعب لا يستطيع أفراده أن يغادروا منازلهم لشراء الحليب ناهيك عن حملة انتخابية للرئاسة فإن عدم وجود مطالبة بالانسحاب الإسرائيلي الفوري من الأراضي الفلسطينية يرى على أنه خدعة كبرى.
ويقول عبدالجواد صالح عضو البرلمان الفلسطيني: إنه لا يبالي بما يحدث على الأرض إن أراضينا تحتل مرة أخري إننا لا نستطيع الانتقال من مدينة إلى أخري.
ويقول غسان الخطيب الذي قام عرفات بتعيينه في التعديل الوزاري الجديد هذا الشهر إنني كفلسطيني شعرت أن هذا الشخص معاد لنا من أول كلمة إلي آخر كلمة.
ويقول الخطيب ان لهجة بوش واقتراحه بأن الرئيس الأمريكي ينبغي أن يخبرالفلسطينيين متى يغيرون قادتهم سوف يرتد إليه ففي نهاية الأمر لا يزال الفلسطينيون يؤيدون ياسر عرفات، وهذا لن يتغير.
أما صالح فإنه ليس متأكدا من ذلك ولكنه يحذر من أن هذا الانقلاب لن يحدث إذا أقيمت الانتخابات في ظل الدبابات الإسرائيلية وهي ظروف سوف تساعد فقط الرجل الذي يعتبر الأب الروحي للحركة الفلسطينية.
ويضيف جيرالد بت محرر جريدة ميدل إيست ايكونوميك سيرفي بمنطقة الخليج إن وجهة نظر العرب سوف تتمثل في أنه غير مقبول على الإطلاق أن تقول واشنطن من الذي يجب أن يقود الفلسطينيين أو أي شيء آخر من هذا القبيل كما تقول وجهة النظر العربية ان الإسرائيليين هم سبب المشكلة وإذا كان لابد من تغيير شخص فهذا الشخص يجب أن يكون شارون إن عرفات يتهم بأنه غير فعال، ولكنه الزعيم المنتخب وهم ليسوا في حالة تسمح لهم بأن تطلب منهم أمريكا أن يقوموا بطرد زعيم منتخب.
ويشير المحللون العرب إلى أن بوش لم يشر إلى مؤتمر سلام الشرق الأوسط الذي أعلنت الولايات المتحدة من قبل أنها سوف تقوم بتنظيمه كما لم يذكر مبادرة السلام السعودية التي تبنتها الجامعة العربية في مارس الماضي وقد طالبت المبادرة السعودية بانسحاب إسرائيل من الأراضي العربية المحتلة في 1967 مقابل التطبيع الكامل للعلاقات مع العالم العربي.وقد نظر إلى هذا الاقتراح الذي هو أكثر مشاريع السلام مرونة من جانب العرب منذ عقود طويلة على أنه ركيزة أساسية يمكن بناء عليها التفاوض حول تسوية سلمية شاملة.
* كريستيان ساينس مونيتور |