Thursday 4th July,200210871العددالخميس 23 ,ربيع الثاني 1423

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

ضابط إسرائيلي يرفض خطاب بوش ويتحدث عن اعتقال مئات الجنود الإسرائيليين لرفضهم الخدمة في فلسطين ضابط إسرائيلي يرفض خطاب بوش ويتحدث عن اعتقال مئات الجنود الإسرائيليين لرفضهم الخدمة في فلسطين

  أنا يهودي أرثوذكسي. وأعمل محاميا في القضاء الجنائي بمدينة تل أبيب. وفي الخدمة العسكرية الاحتياطية. أعمل في سلاح المدرعات. وموقعي بالتحديد مدفعي دبابات. الأهم من كل هذا، أنني واحد من مجموعة تضم مائة جندي رفضت الخدمةالعسكرية داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة. وقد تم إلقاء القبض على عدد كبير من هؤلاء الجنود وإيداعهم السجن الحربي منذ بضعة أشهر، ولنأت إلى لب الموضوع لقد أتحفنا الرئيس بوش ب «خطته»، إزاء قضية الشرق الأوسط لكننا نتساءل كم من الوقت يحتاج السيد بوش كي يدرك جيدا أن خطته تلك خطة فارغة من المعنى لا جدوى منها على الإطلاق.. ؟.
رغم أن خطبته العصماء قد ازدانت عن آخرها بالأوصاف الوردية التي يتصورها للدولة الفلسطينية الفاضلة في المستقبل البعيد، استطاع جورج دبليو بوش أن يتجنب الحديث عن الوضع الراهن على تلك المساحة الضيقة من الأرض والتي تتجسد فيها كل هذه الأحداث الدموية الرائعة! ولا كلام عن واقع مدن الضفة الغربية التي تغزوها القوات العسكرية الإسرائيلية ولا كلام عن مئات الآلاف من السكان المسجونين داخل بيوتهم بفعل حظر التجول التعسفي ولا كلام أيضا عن هؤلاءالمدنيين الذين يظهرون في شوارع المدينة فتحصدهم طلقات الأباتشي والمدافع والدبابات الإسرائيلية تماما كأنها تحصد كلاب هائمة على وجوهها. إن الخطأ الأساسي لسياسة بوش يكمن في عدم قدرته على قراءة الواقع السياسي قراءة واعية، فهو لا يدرك أنه من المستحيل إحراز أي تقدم في هذا الصراع المشؤوم طالما هناك دولة وشعب يقعان تحت جنازير الاحتلال القاسية. كما أن فشله في إدراك تلك الحقيقة يعد أحد أسباب الفشل الذريع الذي تمنى به دائما كل خطط السلام المزعومة في الشرق الأوسط. ان التصور الواهم لدى بوش بقدرته على تغييرالقيادة الفلسطينية بمجرد خطبة هو في واقع الأمر نوع من التشويش الذهني وعدم التركيز. فالرئيس الأمريكي يتصور أنه يستطيع فعل كل ما يحلو له مع أي قيادةلا يرضى عنها في شرق العالم أو غربه.وهذا الشكل من التفكير سيكلفنا نحن الإسرائيليين المزيد من حمامات الدم، والمسألة في حقيقتها مسألة وقت وذلك عندما تتحول «الخطة الجديدة»، لبوش إلى مجرد رماد تذروه الرياح وبعدها يتصاعد العنف في المنطقة أكثر وأكثر. وبدلا من ان يعطينا نحن والفلسطينيين ولو بصيصا من الأمل تأتي خطبته كمعادل لتلك الكلمات التي نقرأها في تلمودنا والتي تدعونا إلى المزيد من الرعب والعنف والكوارث الدموية الوحشية.لا شك أننا نكره العنف ونبغضه أشد البغض ولا يمكن تبريره بأي حال من الأحوال في أي سياسة محترمة عاقلة، ومع ذلك لا تجدي تصريحات الشجب والإدانة، مهما كان حجمها وأعدادها مع أعمال العنف لكن الرئيس فشل في أن يدرك أن السبب الحقيقي لأعمال المقاومة من جانب الفلسطينيين هو هذا الإذلال والتشريد اللذان يتعرضون لهما. لقد ألحق بنا بوش ومعاونوه الأجلاء، أشد الضرر حين رفض الاعتراف بأن الإنهاء الفوري للاحتلال الإسرائيلي هو وحده الكفيل بإنهاء أعمال المقاومة والانتفاضة من جانب الشعب الفلسطيني.
إننا الآن إزاء سيناريو من الأحداث تفاصيله المؤلمة 5 ،3 ملايين فلسطيني بلا مستقبل، بلا أمل، بلا رؤية، ولا بديل عن الاندفاع بروح اليأس وراء الانتقام من العمليات الإجرامية التي ترتكبها ترسانة الحرب الإسرائيلية من مروحيات الأباتشي والدبابات والمدافع.
بوش لم يطأ بقدمه المنطقة ليرى مانراه نحن من إنكار أبسط الحقوق وانتهاكها يوما بيوم، لقد كذبوا علينا حين قالوا إن تعاليمنا تقول لنا إنه لا سلام في غياب العدل وكانت الفكرة التي قامت على أساسها إتفاقية «أوسلو»، ألا وهي إمكانية التفاوض على السلام مع الاحتفاظ بالقوة العسكرية فكرة رومانسية خائبة.
هل تتوقع أن يتفاوض عبد أسير مع سيده على صك حرية؟
هناك كثرة من الإسرائيليين تشعر في قرارة نفسها بأنه بمجرد وقف الإذلال والظلم اللذين يتعرض لهما الشعب الفلسطيني سننعم نحن بدولة إسرائيلية ديمقراطيةآمنة تتعايش في سلام مع جارتها الدولة الفلسطينية وهناك عدد كبير من الأذكياء في جميع أنحاء العالم يدركون منذ عدة سنوات أنه من حق الفلسطينيين أن يكون لهم دولتهم ولابد من وجود حدود فاصلة بين إسرائيل وفلسطين حدود تميز وتفصل بين سيادتين كاملتين لا نقص فيهما ولا ينكر هذه الحقيقة سوى مؤسسة واحدة على مستوى العالم بأسره.. الحكومة الإسرائيلية، معنى هذا أن الأمر صار في أيدينا نحن. معشر الجنود الإسرائيليين كي ندافع عن أنفسنا. أجل. ندافع عن أنفسنا ضد حكومتنا. ولا يمكن تنفيذ ذلك إلا برفض المشاركة في عمليات الاحتلال والاغتصاب التي يقوم بها الجيش الإسرائيلي ورأينا الذي ندعو فيه إلى رفض المشاركة في سحق الملايين من الفلسطينيين يعبر بشكل عام عن أسلوبنا الأمثل في الدفاع عن دولتنا والسبب في ذلك بسيط جدا..إذا رفض العدد الكافي من الجنود الإسرائيليين على التورط في هذا الاحتلال، فسوف نجبر حكومتنا في نهاية الأمر على رفع قبضتها المميتة عن قطاع غزة والضفة الغربية.
وفي هذا إنقاذ لآلاف الأرواح، وبعد أن أظهر لنا بوش عجزه التام عن قراءة الواقع قراءة واعية حكيمة، أرى أنه تركنا وأنفسنا كي ننقذ دولتنا من الانهيار التام، سننحي بوش جانبا وسنتولى الأمر بأنفسنا، سنستمر، نحن الرافضون في التكاثر يوما بعد يوم إلى أن يعلن آلاف الجنود الإسرائيليين أنه كفى ما جرى. بعدها وبالأمل وحده ستتحول تلك الأرض التي طالما كانت ميدانا للحروب وحمامات الدم إلى ملاذ من الأمل والمستقبل والأمان لكل ساكنيها بلا استثناء.

* المصدر: هآرتس - خدمة الجزيرة الصحفية

 

[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved