كتب الصحفي المعروف الأستاذ أنيس المقدسي مندوب مجلة الجديد اللبنانية الذي يزور المملكة هذه الأيام مقالا تحدث فيه عن النهضة الكبيرة والتطور العظيم الذي تعيشه المملكة في عهد الفيصل العظيم هذا نصه:
تشهد عاصمة المملكة العربية السعودية اليوم تدفقاً من الوفود والبعثات السياسية والاقتصادية والدينية والصحفية من مختلف أنحاء العالم، بشكل لا مثيل له في أي عاصمة عربية أو شرق أوسطية.
قضيت في الرياض اثني عشر يوما، ما مر يوم إلا وأشهد وصول أو سفر بضعة وفود، بمختلف المستويات، من رؤساء الدول إلى رؤساء حكومات إلى ممثلي مجالس أمة إلى وزراء إلى بعثات اقتصادية رسمية أو تمثل شركات كبرى، إلى زعماء دينيين، إلى ممثلي الصحافة العربية والعالمية..
هذا بالإضافة إلى عشرات الوفود المنتظرة خلال أيام وأسابيع.
قصور الضيافة والفنادق تعج بالناس من كل حدب وصوب ومن كل لسان ولون وجنسية.
وفي الواقع أن المملكة العربية السعودية قد قفزت خلال السنتين الأخيرتين إلى مركز الصدارة في العالم من ثلاثة منطلقات.
المنطلق الأول وهو الرسالة الدينية التي رفع الملك فيصل لواءها، فاستقطبت الرأي العام الإسلامي في العالم كله، لأنها تشكل أول دعوة من نوعها منذ مئات السنين، لجمع المسلمين مسؤولين ورجال دين وزعماء وهيئات شعبية في مؤتمر يتدارسون فيه أوضاعهم من مختلف جوانبها.
ولقد عبر مسؤول كبير عن جدوى هذه الدعوة بقوله إنه مهما تباعدت ديار المسلمين وتشعبت أو تباينت اتجاهات دولهم، فمما لا ريب فيه أن رابطة الإسلام تشكل جامعة أقوى وأفعل بالنسبة للمسلمين من أي مؤتمر آسيوي أفريقي يشتركون فيه. فمثل هذه الجامعة تعالج ذات المشاكل والقضايا التي تعالجها مؤتمرات الدول النامية إنما على أسس واحدة من الدين والأخلاق.
وأهمية الدعوة التي انطلق بها الملك فيصل لا تقتصر على أنها لجمع شمل المسلمين بل إن هذه الدعوة ذات طابع إنساني شمولي إذ تهدف إلى التعاون والتفاعل مع جميع القوى التي ما تزال تتمسك بالقيم الدينية والأخلاقية في عملها لتطوير البشرية ضمن حدود الإخاء والمحبة والسلام.
والمنطلق الثاني للمكانة العالمية التي تتمتع بها السعودية اليوم هو في سياستها الداخلية والعربية والدولية.
وهي سياسة قائمة علي تكريس كرامة الإنسان وحرية الشعوب وذلك ليس في الأقوال والنظريات فحسب بل خصوصا في التطبيق العملي اليومي.
فعلى الصعيد الداخلي يتمتع الفرد السعودي بجميع الضمانات والحقوق والفرص التي يطمح إليها مطلق فرد في العالم.
وعلى الصعيد العربي فإن أبواب السعودية مشرعة أمام كل عربي للعمل، للتعاون لتوجيه الجهود من أجل القضايا العربية الخاصة والعامة، فلولا مشكلة اليمن التي فرضت على السعودية فرضا، لما كان بينها وبين أي بلد عربي آخر أي مشكلة خاصة بها، بل إنها تضحي وتبذل كل ما بوسعها لحل المشاكل سلميا وللتعاون على أسس من الأخلاق والاستقامة المطلقة.
وعلى الصعيد الدولي فإن المنظمات الدولية لم تسجل للسعودية قط موقفا إلا في طليعة الداعين للسلام العالمي وخير الشعوب وحريتها وكرامتها.
والمنطلق الثالث لنهضة السعودية الحديثة هو في وثبتها الاقتصادية الجبارة. ففي الوقت الذي أمنت فيه المملكة للمواطن السعودي جميع أسباب الحياة الكريمة من استقرار ومن مشاريع الضمان الاجتماعي والصحي ووفرت له العمل وفرص النجاح، وأمنته ضد البطالة والعجز والشيخوخة في ذات الوقت أطلقت المملكة المشاريع العمرانية والإنتاجية الكبرى فتحولت البلاد إلى ورشة عمل دائب، حتى ليقدر الخبراء بأنه خلال عشر سنوات ستتحول السعودية إلى بلد نموذجي من حيث تقدمه وعمرانه وإنتاج مشاريعه.
فليس عجيباً بعد ذلك أن تحتل المملكة العربية السعودية هذه المكانة المرموقة في العالم كله وتصبح محط أنظار الشعوب والدول النامية والمتطورة على السواء.
|