إذا ما أراد الطبيب أن يتعافى مريضه فإنه لا يتحرج من أن يذكر لمريضه حقيقة مرضه مهما بلغت من الخطورة لأنه وببساطة يريد أن يعي المريض حقيقة مرضه ثم يتعاون مع طبيبه في محاولة الشفاء من هذا المرض. ألا يمكن أن نقول ان الطبيب هنا أدرك طبيعة عمله التي تحتم عليه مراعاة الأمانة والصدق؟! بلى هذه أخلاقية الطبيب.. والذي اريد قوله ان الحياة يجب أن تستمر على نفس الطريقة.
في هذه الحالة يقوم الطبيب بواجبه تجاه المريض بكشف المرض ثم السعي بالتعاون مع العلاج إلى شفاء المريض دون ان يهمه شيء غير شفائه أولاً وأخيراً فهل نستطيع أن نطبق مبادئ الطبيب على باقي مواقف الحياة!! وهل يغضبنا حقا أن يواجهنا الغير بأمراضنا (أخطائنا) خصوصا إذا علمنا أن المواجهة هي السبيل الوحيد للتغلب على هذه الأخطاء؟ لماذا لا نكون جميعا كالأطباء نمارس النقد بحرية تامة شرط ان لا نتعدى الخطوط الحمراء التي قد تسبب الحرج للآخرين وذلك باختيار الوقت والطريقة المناسبين للنقد. فالمريض المصاب بمرض عضال لابد له من طبيب جيد وكذلك كل إنسان بحاجة الى ناقد جيد يكون له كالمرآة ينعكس فيها ايجابياته وسلبياته على حد سواء ليراها بوضوح فإن ترك الإنسان على سجيته دون موجه أو ناقد فإن الحياة ستستحيل إلى فوضى عارمة.. ولن يتطور أحد وسيستمر الكل على أخطائه.
يحضرني موقف مناسب لصديقتي التي أرادت أن تستشير والدها بأمر ربط أسنانها رغبة منها بتخفيف وزنها قليلا، لم يتوان والدها من إسداء النصح لها وقال: (ان ربط الأسنان دليل على ضعف العزيمة وأن عليها أن تتغلب على ضعفها دون اللجوء والاعتماد على تأثيرات خارجية - الربط - أي أن يكون الحل نابعاً من داخلها)، نصحها باتباع نظام غذائي مناسب مع مزاولة الرياضة ولكنها قالت له ان الربط سيساعدها على التغلب على شهيتها المفتوحة فما كان منه إلا ان قال لها: (أنت حرة ولكن أن لم تتوقفى عن التهام الطعام بشراهة سوف تجدين نفسك وقد تحولت إلى برميل متحرك).. كان لكلماته وقع شديد على نفسيتها لقسوتها، ولكنها لم تغضب فإن الانسان لا يواجه إلا من يحب وهي على علم مسبق بمدى حب والدها لها وحرصه على مصلحتها.
ما أردت قوله انه يتحتم علينا التغلب على حساسيتنا الزائدة تجاه النقد البناء وإن كان لاذعا وان نتفهم أن هذا النقد يصب في صالحنا وإن كان جارحا بعض الشيء، علينا ان نفهم ان طلب المساعدة من الآخرين في حل مشاكلنا ليس ضعفا منا بل هو قوة وشجاعة فالقوي هو من يواجه نفسه بعيوبها ولنعلم ان الاصدقاء والأهل لن يترددوا أبداً في المساعدة.
شذى عبدالواحد خالد الحميد/ الرياض |