حوار صلاح مخارش
يعتبر الفنان محمد صبحي احدى العلامات الفنية البارزة في تاريخ الفن العربي واكثر الفنانين الذين اطلق عليهم لفظ فنان ملتزم.. فهو صاحب رؤية واضحة في كل أعماله التي يهدف من خلالها إلى زيادة الوعي بأمور كثيرة لدى المشاهدين وخاصة في تثبيت معاني القيم الأسرية والتعريف بأعداء الأمة.
ورغم ان مسرح محمد صبحي مسرح هادف إلا انه يحمل الابتسامة ايضا وهذا في حد ذاته انجاز كبير في زمن من الصعب ان تجد من يتقبل الكلمة الجيدة.
يؤمن بأهمية الكلمة ورسالتها في الحياة وفي المسرح والصدق في التعامل ويرى ان المسرح رسالة اجتماعية كبيرة وأن الفنان له دور اجتماعي كبير.. كما ان له نظرة «اخرى»، في فنان اليوم!!
التقيت به .. ففتح صدره بكل صراحة.. وكان هذا الحوار:
* بداية .. ما هي التكوينات الثقافية الأولى للفنان محمد صبحي؟
- أنا من مواليد حي شعبي وكان منزلنا يطل على سينمائين صيفيتين حفظت من خلالهما كل الأفلام العربية الفنية الرائعة ومن هنا كان اهتمامي بالسينما ثم جاء اهتمامي بالمسرح من خلال المسرح الجامعي ثم بما يسمى مسرح التلفزيون في الستينات الميلادية وأذكر انني كنت ومازلت عاشقاً للقراءة والثقافة في كل المجالات خاصة الأدب والفن.
* المشوار الفني هل كان متعباً بالنسبة لك؟
- بالتأكيد كان متعباً فأنا لم انشئ مسرحاً خاصا ومحترما هكذا في ليلة فقد عملت في جميع أنواع المسارح، مثلاً أنا عملت في مسرحيات القطاع الخاص وعملت مع المسرح العالمي من خلال المسرح القومي.. ثم عملت في المسرح الخاص الملتزم وهو القليل في العالم.
النقد والمسرح الهابط:
* من المعروف عنك .. انك صاحب مسرح ملتزم.. فما الصعوبات التي تقابل الفنان الملتزم؟
- إشكالية الفنان الملتزم الذي يريد مسرحاً ملتزماً انه يبدو وكأنه يسبح ضد التيار.. وفي العائد المادي يكسب قليلاً.. وأنا عن نفسي كسبت من خلال مسرحي الملتزم وهو مسرح يحاول احترام عقول الناس والحمد لله لقد ساعدني النقاد في ذلك.. وقد كانت الإشكالية من قبل تكمن في هل النقد يساعد في ايجاد حركة مناخ فني أم العكس.. وهل المناخ الفني يساعد في وجود حركة نقدية. وأنا عن نفسي أؤكد أن الحركة الفنية التي توازيها حركة نقدية تصل بالفنان إلى أعلى مراحل النضج.. ومن العجيب أن بعض النقاد وحين ينقدون مسرحية سيئة يجدون الجمهور يقبل عليها بعد ذلك.. فالنقد هنا إذا خطأ يثري المسرح الهابط.
مسرح راق ومسرح سياحي:
* البعض يقسم المسرح إلى مسرح راق ملتزم وآخر استهلاكي وسياحي؟ لم ظهرت هذه التقسيمة وهل هي صحيحة إلى حد ما؟
- أولا أنا مارست جميع أنواع المسارح كما قلت سابقا وعملت في ذلك أدواراً ثانوية وهابطة.. ولكن المشكلة في المسرح انه عمل جماعي يجب أن يقوم على اساس متين يصور النص والكلمة.. ولا يعجبني ما يقدم هذه الأيام باسم المسرح التجريبي الذي يعمل على حذف أهمية الكلمة رغم أهميتها بداية من أرسين وكورني وبريخت .. كما أؤمن بالجمع بين رشاقة الكلمة ورشاقة الجسم.. لأنه إذا اكتفينا برشاقة الجسم صار باليه... وفي المسرح التجريبي يقومون بأشياء عجيبة رغم أن أي أحد يستطيع القيام بذلك وأنا أتعجب من التجريب في الدول الخليجية أو بعض الدول التي ليس فيها خشبات مسرح وتقوم بعمل مسرحيات تجريبية.. والمسرح الآن خشبات رقص ونكت ومونولجات والغريب أن الجمهور يستمتع بذلك ولكنه يحتقر الفنان الذي يقوم به وقد جاء لي شخص شاهد مسرحيتي وأثنى عليها ثم قال على مسرحية أخرى إنني اضحك فيها ولكنني لا احترم صاحبها..
واعتقد ان مشكلة المسرح والذي اجرم في حقه هو الجمهور ذاته الذي يقطع تذكرة ويجعل المنتج يزيد من قناعاته بالنجاح.. وأنا دائماً أقول ان الفنان هو الذي يختار جمهوره وليس الجمهور هو الذي يختار الفنان، ففي مسرحية «كارمن»، قيل لي ان اسم المسرحية يجب أن يتغير وضحك وقال : تقول «كارميلا في الفانيلا».
المسرح فاسد واليهود السبب:
* أين بالضبط توجد أزمة المسرح.. هل هي في الفكر أم ماذا؟
- نعم. الفكر الآن والمناخ فاسدان ولذا يخرج المسرح فاسداً ويكتب عني الفنان محمد صبحي الملتزم وهذا مضحك فهذا الشيء الطبيعي وهل بقية الفنانين غير محترمين.. ونحن اعظم أمة بسياسييها وفنانيها ومبدعيها وعبقرياتها وذلك كان في الماضي.. فهل ماتت تلك العبقريات. أبداً ولكن المناخ لا يساعد على إبراز المواهب.. وبروتوكولات صهيون لها دخل في ذلك حيث تريد تعميم المجتمعات بالفساد واعتقد ان احداث 11 سبتمبر هي من صنع اليهود حتى لو اتهمت امريكا افراداً آخرين.. وللعلم فإن بروتوكولات حكماء صهيون نفذ منها 19 بندا وباقي 6 بنود فقط لأن المجموع كان 24 بنداً..
ماما أمريكا .. سبقت الأحداث:
* في مسرحيتك «ماما أمريكا»، كان هناك سبق فكري خاص بكيفية فهم التعامل مع أمريكا؟
- نعم، هي كذلك والغريب انها قبل احداث 11 سبتمبر لم تقبل دولة خليجية واحدة عرضها عندها ولكن بعد الأحداث طلبتنا الدول وعرضت علينا مبالغ كبيرة لعرضها رغم انني قدمت بعدها 3 عروض مسرحية. وأنا أقول إن هذا دليل وعي رغم كثافة الثقافة الفنية وأنا هنا أتذكر مسرح الكويت الذي بدأ قوياً في الستينات ولكنهم الآن باتوا يقلدون المسارح التجارية في مصر.
أؤمن بنظرية المؤامرة:
* من الواضح انك من المؤمنين بنظرية المؤامرة على العالم العربي ما تفسيرك لذلك؟
- يوجد بالفعل مؤامرة وأنا متشائم بسبب ذلك.. انظر إلى الأحداث بشيء من القلق. الرئيس الأمريكي يقول ستكون هناك دولتان فلسطينية وإسرائيلية والكل فرحان بسبب ذلك ولكني لم أفرح وبالفعل بعد اسبوعين ضربوا افغانستان ثم رجع وشتم ياسر عرفات والفلسطينيين، ثم قام عنان وقال حق الفلسطينيين دولة ثم ساند إخماد ثورة الفلسطينيين لصالح إسرائيل ولم نتعلم ويحاولون التهدئة فقط من أجل ضرب العراق.. وبعد العراق الدول العربية واحدة واحدة.. وهناك من تهجم وقال نحذف الآيات القرآنية التي تتحدث عن اليهود وظهرت كتابات تقول نتطور وهذه دعوة باطلة وبعد كل هذا لا نقول مؤامرة.
فاشل في السينما:
* أين أنت من السينما الآن؟
- أنا معتزل السينما من عام 1988م أي من حوالي 14 سنة وكنت بين موقفين ان ابيع نفسي أو ابيع السينما فاخترت ان ابيع السينما- وانا عملت 23 فيلماً سينمائيا لم أخجل من اي فيلم منهما، وعموما السينما الآن لا تعبر عن هموم الفرد المصري والعربي.
* أنت نجم ومسؤول عن نجاح الفيلم ولكن الكثير يؤكد فشلك في السينما؟
- الممثل الملتزم غير مسؤول عن نجاح الفيلم لأن هناك مجموعات تشترك معه أي تقصير فيها سيؤثر في نجاح الفيلم مثل الصوت والإضاءة والمونتاج والدعاية- وجود تركيبة السينما الآن غير مناسبين فمصر كانت تنتج 120 فيلماً في العام الآن تنتج عشرة افلام، النقاد السينمائيون يقارونني بغيري أما في المسرح فيقفون بجواري وأنا أؤمن بأن السينما صناعة ومناخها الآن غير مناسب.
وأنا لم افشل في السينما ولكن هناك اسفاف في الفكر السينمائي مثل فيلم يتحدث عن التفاصيل في اعطاء المخدرات ثم في النهاية يقولون هذا عيب.. هذا اسمه إسفاف في الفكرة...
|