Sunday 30th June,200210867العددالأحد 19 ,ربيع الثاني 1423

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

وتاليتها..؟ وتاليتها..؟
أ.د هند بنت ماجد بن خثيلة

كثرت في الآونة الأخيرة رؤية الشاحنات المحملة «بالعفش»، في شوارعنا، وعدد كبير من العمال «منغرسون» بين محتويات هذا العفش وفي طياته، واقفين ومستلقين.. والشمس لا ترحم، والحر لا يشفق!!
بعضهم في حاجة إلى نقل عفشه كل عام، والذي يدلك على ذلك هو تلك «الأخشاب المكسرة»، لأشياء كان اسمها ذات يوم دواليب وتلك الكنبات الممزقة والشنط المليئة عن آخرها بالثياب المحشوة فيها- كيفما اتفق-.
وبعضهم يحتاج إلى هذه التجربة كل عامين على الأقل. وحين تتمعن في الأمر، أو تسأل أصحاب الشأن، تجد أنه ليس في الموضوع هواية «الترحال»، ولا حب الشقاء، وقلة «راحة البال»، فالأمر كله يعود إلى أن هؤلاء يهربون من الشقق التي أستأجروها، لأن صاحب العقار فرض عليهم زيادة في الإيجار لا تطيقها مرتباتهم، والسبب: لأن الإيجارات أصبحت غالية في هذه المنطقة أو تلك! وحين يحاول المستأجر التظلم لصاحب العقار بأنه لم يمض عليه إلا عام واحد في سكنه، وهي مدة ليست كافية أو مغرية لكي يرفع عليه أجرة السكن، لا يجد جواباً إلا: إما أن تقبل، وإما أن ترحل!! ويقع هذا المستأجر في «حيص بيص»، فالزيادة في الإيجار ألفا ريال أو ثلاثة آلاف، فإن لم يقبل فهو مضطر إلى البحث عن شقة جديدة، وهذا يعني «500 ريال»، للمكتب العقاري، «1000 ريال»، لشركة النقل، و«1000 ريال»، خسائر في العفش الذي سوف يتهشم، وتتغير ملامحه الطبيعية! إذن الكلفة واحدة، والخسارة واحدة، فلماذا لا يبقى ، ويرضخ لزيادة الإيجار؟!
ولكن هل يبقى الأمر عند هذا الحد؟! من يدري بأن صاحب العقار سوف يعيد الكرة في العام المقبل.. ويزيد أجرة البيت؟ من يدري؟ خاصة وأنه ليس هناك قانون يحكم مثل هذا الأمر. بل إن بعض أصحاب العقار يطلب من الساكن إفراغ عمارته كلها والسبب أنه يريد تأجيرها مرة واحدة لشركة كذا، أو دائرة كذا..!
والنتيجة عشر أو خمس عشرة عائلة سوف يدورون ليل نهار على مكاتب العقار.. وليس ذاك نهاية المطاف، إذ أن على هؤلاء البحث عن مدارس جديدة قريبة، وربما عن عمل قريب من مسكنهم الجديد.. وقبل ذلك كله عن «جيران طيبين»، عاشوا معاً سنوات وشعروا بأنهم أسرة واحدة!
قد نكون نحن أمام حالة في حاجة إلى التفاتة من المسؤولين أو التدخل فيها للحد من نتائجها، وربما تكون تحديد مدة معينة لا يجوز لصاحب العقار طلب زيادة من الساكنين قبل مرورها هي أحد الحلول، أو ربما تكون هناك حلول أخرى ترضي الطرفين: المالك والمستأجر وإلا فسيظل «الحبل على الغارب»، وسيظل الشعور بالقهر والاستغلال قائماً، وربما يزداد. مع أن هناك من أصحاب العقار ممن لا يقعون في مصيدة استغلال الآخرين، بل إن منهم من يخفض على ذوي الحاجة والظروف الصعبة، لكن هؤلاء يبقون قلة أما غيرهم في الجهة المضادة، والدليل ارتفاع عدد رواد مكاتب العقارات ممن يبحثون عن سكن بمواصفات أحيانا، وبدون مواصفات أحياناً أخرى، خاصة عندما يكون هؤلاء هاربين إلى الأمام من «عفش» يتحطم بعضه في الشاحنات، ويطير بعض منه على قارعة الطرقات.. وتاليتها؟؟!

 

[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved