لعل ما يستوجب هذا التعقيب هو ذلكم الحوار الصحفي الذي أُجري مع صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سعود أمير منطقة الباحة بعدد الجزيرة 10847 في 29/3/1423هـ الذي خصها فيه بحديث جريء وصريح كعادته عندما تطرق الى مشكلة الفساد الاداري الذي أصاب بعض الأجهزة الحكومية ذات الصلة المباشرة بمصالح المواطنين حيث شبهه سموه بالداء الخبيث الذي ينتشر بسرعة ولاشك ان المجتمع بكافة فئاته هم أشد المتضررين من هذا الفساد والداء العضال. إن موضوع الفساد الإداري والمالي الذي تعددت أصنافه وممارساته ابتداء من تأخير المعاملات مروراً باستغلالية المنصب وتسخيرها للمصالح الذاتية والعلاقات الشخصية فكم نسمع عن مسؤول في ادارة ما ظفر اقاربه وابناء عمومته وافراد قبيلته بالنصيب الاوفر من الوظائف في تلك الادارة وكم نرى مسؤولاً كوّن ثروة مالية هائلة عندما تربع على عرش هرم هذا المنصب وكان قبله مستور الحال فتعددت مشاريعه التجارية وتنوعت أنشطته الاستثمارية والمواطن لا يملك الا ان يقول من أين له هذا، وانتهاء بممارسات خاطئة يتأثر منها المجتمع بأكمله.
هذا الامر يحدث في ظل غياب دور الجهات المعنية والتي من مهامها متابعة تلك الاجهزة ومسؤوليها فكم نقرأ بين حين وآخر أن مسؤولا كبيرا في احدى الدول الغربية تم اقتياده الى المحاكم القانونية بتهمة الاساءة وسوء استغلاله للمنصب فهذا يطبق بحقه العقوبات الرادعة دون النظر لموقعه ووجاهته . اما في العالم الثالث لا نسمع عن مثل هذا الاجراء الا اجراء جبر الخواطر أما الموظف الصغير المدان بالفساد فهو الذي (يدق رأسه ويوطي بطنه) وتطبق بحقه اللوائح والانظمة ومن ثم يشهّر به ويطرد من عمله.
أما فيما يتعلق بدور المواطن فهدا لا يمكن اغفاله ولكن هناك موانع أو بمعنى أصح مخاوف تجعله لا يقدم على التبليغ عن مثل هذه الامور خشية ان تقلب الامور فيكون عرضة للجزاءات والعقوبات بحكم ان المواطن لا يتمتع بعلاقات قوية مع المسؤولين مثلما يتمتع ذلك المسؤول الذي انتشرت جذور علاقاته في غالبية الاجهزة الحكومية الهامة.. ومن هنا يتعثر نجاح خطة التبليغ من قِبل المواطن واحيانا يفسر تبليغ المواطن عن هذا المسؤول بانه من الشكاوى الكيدية أو العدائية ويوصف هذا المواطن فاعل الخير بأنه شرير وصاحب مشاكل وربما يقوده ذلك التبليغ الى المساءلة والمحاسبة ومن ثم تطبق بحقه عقوبات ظالمة وجائرة بسبب تمتع ذلك المسؤول بالعلاقات المتعددة مع كثير من الجهات الحكومية ولذا يردد المواطن المقولة مالي ومال الناس .. هذا والله المستعان.
وفق الله الجميع لما فيه خير العباد والبلاد.
ناصر بن عبدالعزيز الرابح حائل | 
