لم يذهب قادة الدول الصناعية الكبرى إلى نهاية المطاف مع الرئيس الأمريكي جورج بوش في مواقفه تجاه القضية الفلسطينية، إذ بينما أيدوا دعوته إلى ضرورة إجراء إصلاحات في السلطة الفلسطينية فإنهم اكتفوا بذلك فقط، ولم يؤيدوا مطالبته بتغيير هذه السلطة.
ومن الواضح أن الانسجام بين هذه الدول في موضوعات عديدة لا يعني أن مواقفها متماثلة تجاه كل المشكلات الدولية، وهذه حقيقة يجب ألا تغيب عن البال، وهي حقيقة خيرة بلا شك، فلو اتفق الكبار على كل شيء، فإن بعض الأفكار الشاذة لدى بعضهم قد تمثل الكارثة بعينها لأجزاء عديدة عن العالم، وهكذا فإن في اختلافهم الكثير من الخير.
ويلاحظ أن دول الاتحاد الأوروبي وكندا وروسيا حالت دون حدوث إجماع تجاه المطالبة الأمريكية بإقصاء القيادة الفلسطينية، وهذا جهد مطلوب ومقدر من قبل هذه الدول، وهو جهد يتفق مع مواقفها المعروفة والمؤيدة للقضية الفلسطينية، على الرغم من تراجع تأثيرات مختلف الكتل الدولية في ظل القيادة الأحادية للولايات المتحدة للشأن الدولي.
هذه الجهود، التي أثمرت قدراً من التوازن في بيان قمة الدول الصناعية الكبرى، تستلزم إبداء التقدير نحوها من قبل الدول العربية وتثمين هذا الموقف باعتباره رافداً مهماً لتأمين الثوابت الخاصة بالقضية الفلسطينية في إطار السعي نحو الحل العادل والشامل.
كما يبقى من المهم إضفاء الاهمية على تلك المواقف من خلال تعزيز التواصل مع تلك الدول باعتبار أنها تقترب كثيراً من المواقف العربية، والمجال واسع لتعزيز العلاقات معها بما يشجع الآخرين على تبني مواقف مماثلة، وهو أمر يستلزم عملاً دبلوماسياً لبناء جبهة قوية مؤيدة للحق العربي ومتفهمة لكل ملابسات القضية الفلسطينية، ومدركة لأبعاد المخططات الصهيونية التي تحاك في أكثر من عاصمة خارج المنطقة ينبغي طرق أبوابها وتنبيهها إلى المخاطر التي تنطوي عليها السياسات العدوانية الإسرائيلية وضرورة عدم المشاركة في تلك المخططات الكارثية.
|