الخارج من الصلاة في الحرم النبوي يفاجأ بوجود معارك صغيرة تتكرر بشكل «تراجيدي» مرير..بين البائعات ومراقبي منطقة الحرم.. وذات المشكلة التي تعانيها النساء ب«بسطاتهن الشعبية» في مناطق المملكة تعاني منها النساء في مواجهة بوابات الحرم المديني وبمحاذاة مداخل الفنادق فئة «5 نجوم».
والحقيقة انني لا ألوم أولئك الذين يقودون عرباتهم الصغيرة ويهبطون منها سريعا ثائرين غاضبين على استمرار البسطات والتحدي المستفز الذي تبديه البائعات أمام تهديداتهم.
ولقد استوقفتني احدى هذه المعارك فرأيت ان انتظر نهايتها .. النساء يتراكضن ويتراجعن الى الخلف ببضائعهن وكأنهن يعدن الى خطوط حدودهن المفروضة دوليا..
وينتقل خبر وصول مراقب الامانة الى البائعين والبائعات فيحدث الفزع وتعم الفوضى وتتوقف مناشط البيع التي بدت للتو مع بسطاء المعتمرين من كافة الجنسيات.
** واحدة فقط..
وقفت بتحدٍ..
وقالت.. لن أذهب..
وسأظل أبيع وأترزق الله الكريم..
كانت امرأة «سمراء» تبدو في نهايات الأربعين صوتها محمل بالبكاء الصامت.. والتحدي المتأجج ضد شظف الحياة ..ربما.. وحزنها عظيم كبركان خامد لكنه سينفجر حتما..
قالت..
لن أتراجع
وان حملت البسطة.. في سيارتك المكشوفة هذه.. فستحملني معها..
وسأذهب مع بسطتي الى أي جهة ستسلمها اليها..
كثرت البلبلة ..
فرأيت ان أنهي عملية المتابعة..
وفي صلاة العصر..
وجدت المرأة حزينة.. بلا بسطة..
تقتعد الفراغ..
وتنصت لدعوات المارين بها..
«الله يعينك.. الله يعينك»..
فهي لا تكف عن الشكوى..
«أخذوا بسطتي وخلوني...!!»
** ما هو الحل..
نساء لا يردن ان يتنازلن عن حقهن بطلب المعيشة وسط ظروفهن الصعبة والملحة.
وأنظمة تكتفي برفض المزاولة والمطاردة..
** هل تعجز وزارة التجارة من اصدار تنظيم يتيح للنساء اخذ فرصتهن في العمل الشريف.
دون ان يتخذن من منتصفات الطرقات وبوابات المساجد ذريعة يمارسن فيها تجارتهن دون ان يفكرن بضرورة الحفاظ على حد أدنى من المظهرية المقبولة التي لا تنغص على الناس ولا تحد من حرياتهن في السير أو التمتع بمناظر جيدة ومظهرية لائقة..؟
هل نقدم الحل الذي يجمع بين طرفي المعادلة..
وهل تظل المعارك دائرة.. تستفزنا أكثر وتحيرنا أكثر وتؤلمنا أكثر..؟
|