*مكة المكرمة - المدينة المنورة - واس:
أوصى إمام وخطيب المسجد الحرام فضيلة الشيخ الدكتور سعود الشريم المسلمين بتقوى الله لان فيها العز بعد الذل وبها الامن بعد الخوف والنجاة يوم الخروج، ووصف هذا الزمن في خطبة الجمعة التي ألقاها أمس في المسجد الحرام بأنه زمن كثرت فيه المعارف وقل فيه العارف زمن بلغ فيه آلياته أوج تقدمها ونالت الحضارة المادية فيه شأنا بالغا زمن هوغايته في السرعة المهولة سرعة اقتصادية وأخرى طبية وثالثة عسكرية ومعرفية.
وأضاف يقول ان من يتحسس هذا الواقع على وجه الانصاف والوضوح فسيمثل أمامه ان هذه المسارعة لم تكن كفيلة في ايجاد الانسان الواعي الانسان المدرك لحقيقة وجوده على هذه البسيطة نعم عباد الله هذه هي الحقيقة مهما امتدت حبال هذا التقدم العصري والا فمن يخبرنا عن سر انتشار الجهل وتضلعه في عصر تقدم المعلومات وما هو سر شيوع الفقر والمسكنه في عصر الكنوز والغنى وما سر سيطرة البطالة في عصر الانتاج والصناعة وما هوسر وصف بعض الباحثين للشؤون الاجتماعية على المستوى العالمي هذا العصر بعصر الحزن والاكتئاب بعد ان اطلق على فترة قريبة سابقة عصر القلق.
وأكد الشيخ الشريم اننا لسنا بحاجة إلى مزيد من الادلة تؤكد ما يكابده هذا العصر من توغل هذه الظاهرة واستشرائها وقال ان الحزن والاكتئاب هما آفة العصر المدمرة وهما أوسع الآفات النفسية انتشارا في العالم وهي لاتزال في ازدياد ملحوظ كلما ازدادت الاصابة بها ثم ان المترقب لآخر الإحصاءات العالمية ليجد ان ما يقارب عشرة بالمائة من سكان العالم يعانون آفة الحزن والاكتئاب وهذا يعني بداهة معاناة مئات الملايين البشر مع هذا الواقع المرير وقد اسفرت هذه الإحصاءات عن ان الاجيال التي ولدت في هذه العقود الاخيرة يبدأ عندها هذا الحزن والاكتئاب في سن أصغر وبمعدلات أكبر نظرا للعوامل الاجتماعية التي تخللت تلك الجسوم بسبب تهلهلها وضياع الاثر البيئي الناضج فيها.
وأوضح إمام وخطيب المسجد الحرام انه وجد ان هذا الداء ينتشر بشكل عام بين الاناث أكثر من انتشاره بين الذكور بنسبة تصل إلى الضعف تقريبا وذلك بسبب فقدان الوظيفة الحقيقية للمرأه وتحميلها مالا تطيقه من الاعباء الحياتية التي أودت بها إلى تركها بيتها والزج بطفلها بين أحضان الخادمات وعقول المربيات الاجنبيات.
وكشف الشيخ الشريم عن وقوع حوالي ثمانمائة ألف حالة انتحار في العالم كل عام بسبب الاكتئاب والحزن الشديد اضافة إلى وجود ثمانين بالمئة من المصابين به لايذهبون إلى الاطباء ولا يكشفون عن حقيقة حالهم مشيراً إلى ان هذه الظاهرة لست وليدة هذا العصر وليست من الادواء التي لايعرف لها ما يقاومها أو يزيل عمق وجودها في المجتمعات بل هى ظاهرة مرهونة بمدى انغماس الكثرة الكاثرة في متاع الحياة الدنيا وسيطرة النظرة المادية الصرفة. وأشار إلى ان العلاج الشرعي الروحاني على وجه العموم قد يفوق العلاج السريري لهذه الظاهرة الفتاكة بمرات كثيرة، وأورد الشيخ الشريم الادوية الناجحة لعلاج هذه الظاهرة وهي قيام الامة بما فرض الله عليها والحذر من متاع الدنيا وزينتها إذ لمثل ذلك يكون الانشراح والطمأنينة ويزول الضيق ودواء آخر للحزن والاكتئاب يكمن في الموقف الصحيح مع القضاء والقدر وبلوغ منزلة ايمان العبد بأن ما أصابه لم يكن ليخطئه وما اخطأه لم يكن ليصيبه وان الامور بيد الله مقاديرها وان الارزاق مقسومة والآجال محتومه.
من جانبه أوضح فضيلة إمام وخطيب المسجد النبوي الشريف الشيخ صلاح بن محمد البدير ان منن الله على عباده لا تحصى ونعمه عليهم لا تستقصى وان من نعمه وآياته ومننه واعطياته ان جعل النوم سباتا للناس وجعل الليل لهم خير سكن ولباس يقول الملك المنان في معرض الامتنان {وّجّعّلًنّا نّوًمّكٍمً سٍبّاتْا <9> وّجّعّلًنّا اللَّيًلّ لٌبّاسْا}، ويقول في ذكر الأنعام في سورة الأنعام {وّجّعّلّ اللَّيلّ سّّكّنْا...}.
وقال فضيلته في خطبتي الجمعة بالمسجد النبوي الشريف أمس: كان الليل في زمن مضى ميدان سبق ومطية مجد ومضمار صدق ومجد لا ترى فيه الا باكيا اوتاليا اوداعيا وكان السلف يرونه اعظم مطية إلى الجنة العلية. أما اليوم فقد أصبح الليل لدى كثير من الناس لحظات طيش وضلال عيش بعد ان شحنه الشيطان باوكار حزبه وافكار جنده.
وقال: سهر على الجيف وسمر على المعاطب والتلف، سهر دخيل وغريب وسمر مخيف مريب... مرتع لكل فاسق وموبوء... مجلبة لكل شر وسوء. من رأى نأى ومن أبصر أقصر ومن عاين باين.. موارد مقت وغضب وسخط وعتب تمرض القلوب وتولد الجرأة على الذنوب. وقال فضيلته: فواجب على أمة الاسلام بجميع فئاتها وطبقاتها وخاصة ولاة أمرها حماية أجيالها من عنفوان بركان هائج لا يأتي على شيء إلا دمره وأفسده، وبين أنه عند اجازة الدارسين وعطلة العاملين يصبح السهر مشكلة ومعضلة وآفة مستشرية مضللة يلقى السمار فيها الهجود ويهجرون الرقود... مروجا في مروج العطلة وولوجا في رهوج المعصية وما علموا ان ايام الصيف ما هي إلا طيف وضيف.. أيام ثم تنتهى وليل ثم تنقضي فطوبى لعبد أخذ من حر لهيبها ولفح سمومها ويحموم ظلها وحميم مائها... عظة رادعة وذكرى وازعة تكفه عن قضاء ليله في معصية الخالق وتزجية وقته عن المحرمات والبوائق وقتل ساعاته عند هدامة الفضائل ومفسدة الاجيال والاسر والعوائل.
وأوضح ان سهر الليل إلى اسحاره ومسامرته إلى أدباره ومدافعة المرء النوم عند الحاجة اليه وتمنعه منه عند هجومه عليه ومغالبته اغفاءات عينيه بالتصبر والتجلد او باستخدام منبهات محرمة أو تعاطي حبوب مسهرة يورث آفات عظاما وأخطارا جساما وينطوى على اضرار صحية واضطرابات نفسية وعقلية من سوء مزاج الساهر ويبسه وانحراف قلبه ونفسه وجفاف رطوبات جسمه ويصبح الساهر عديم الحماية منهوك القوى كسولا خمولا ذا نفس كالة مالة لايستطيع معها النهوض بعبء ولا الاضطلاع بواجب ولا القيام بتكليف.
وأشار فضيلته إلى ان السهر جهد وبلاء وثقل وشقاء وهوالسبب الرئيس لكثير من الجرائم الاخلاقية والمشكلات الاجتماعية والزعازع الامنية. وقال: يسهد أحدهم فؤاده ويطير رقاده فيما يسبب انحرافه وفساده يمشي إلى حتفه بأخمصيه ويبحث عن هلكته بيديه، يقول رسول الهدى صلى الله عليه وسلم «ان هذا السهر جهد وثقل» أخرجه الدارمي.
وقال فضيلته: تعالوا إلى بيت النبوة لنقف على المنهج السني والهدى النبوي فنقتفي ونقتدي ونهتدي ونحتمي بسنة النبي محمد صلى الله عليه وسلم من تزيين الشياطين وتلبيس المفسدين. تقول عائشة رضي الله عنها «ما نام رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل العشاء ولا سمر بعدها» وحين سمعت عروة بن الزبير يتحدث بعد العشاء قالت «ما هذا الحديث بعد العتمة ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم راقدا قط قبلها ولا متحدثا بعدها إمام صليا فيغنم او راقدا فيسلم» أخرجه عبدالرزاق. وأضاف: وعن الأسود قال سألت عائشة رضي الله عنها كيف كانت صلاة النبي صلى الله عليه وسلم قالت «كان ينام أول الليل ويقوم آخره» متفق عليه، وقال: لقد استمرأ كثير من الناس السهر المحرم الذي أودى بأكثرهم إلى تضييع صلاة الفجر حتى خروجها عن وقتها وصار الذين يشهدونها في جماعةالمسلمين في المساجد افراداً معدودين محدودين.. وأصبح هذا السهر أمراً عادياً وطبيعياً لا ينكره أكثر القلوب.
|