* صنعاء - واس:
بعد عامين فقط من توقيع معاهدة جدة الحدودية بين المملكة العربية السعودية والجمهورية اليمنية خطت العلاقات بين البلدين بشكل سريع وملموس نحو التبادل التجاري والاستثماري في تزامن فريد مع توحيد الجهود السياسية والأمنية والأفكار المتعلقة بالأطر الايديولوجية والديمغرافية والتطورات والمستجدات العربية والاقليمية والدولية والانسجام مع المناخات الدولية الراهنة مجسدة بذلك نموذجا مثاليا في حل المشكلات العالقة بين الأشقاء.
وفي عامين تعد فترة زمنية قصيرة في منهج الخطط الاستراتيجية سطَّر خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز وأخوه فخامة الرئيس علي عبدالله صالح نهجا جديدا في ارساء العلاقات ودفعها نحو آفاق واسعة ومتقدمة من الشراكة والتعاون والاخاء وحسن الجوار مما يعد مصدر إلهام للمبدعين وصورة من صور الإرادة التي تتمتع بها القيادتان الحكيمتان في البلدين الشقيقين.
وجاء تأسيس مجلس التنسيق السعودي اليمني ثمرة خيِّرة من ثمار العلاقات الثنائية وتمتين جسور التواصل الأخوي بين الشعبين ولما يمثله الحضور عالى المستوى من الجانبين ترجمة صادقة للرغبة المشتركة في تهيئة المناخات الملائمة للدفع بالعلاقات الأخوية الى أعلى مستوى من النمو والازدهار.
ويعد التبادل التجاري بين المملكة العربية السعودية والجمهورية اليمنية دليلا ناصعا على فاعلية المجلس ودوره في تخطي العوائق حيث لعب دورا مهما في دعم التنمية الاقتصادية والاجتماعية في اليمن.
وارتفع حجم التبادل التجاري بين المملكة العربية السعودية والجمهورية اليمنية بشكل ملحوظ خلال العام الماضي 2001م مقارنة بالاعوام الماضية ليبلغ 8 ،29مليار ريال يمني مقابل 5 ،31مليار ريال عام 2000م.
وبلغ إجمالي حجم واردات اليمن من المملكة خلال العام الماضي 8 ،28 مليارريال يمني مقابل 6 ،22 مليار ريال عام 2000م في حين ارتفع اجمالي الصادرات اليمنية الى أسواق المملكة من 9 ،8 مليارات ريال عام 2000م الى 4 ،11 مليار ريال العام الماضي وسجل الميزان التجاري ما قيمته 4 ،11 مليار ريال لصالح المملكة العربية السعودية خلال العام 2001م.
وطبقا لاحصائيات وبيانات صادرة عن مصلحة الجمارك اليمنية فإن حجم التبادل التجاري بين البلدين تنامى بصورة واضحة خلال العامين الماضيين نتيجة طبيعية لتنامي العلاقات في مختلف مجالات التعاون وبصورة مطردة عقب توقيع معاهدة جدة التاريخية لتسوية الخلافات الحدودية بين صنعاء والرياض.
ويمثل القمح ومشتقاته والأسمنت ومنتجات الحديد والبلاستيك والأسمدة والمواد الغذاية أبرز واردات اليمن من المملكة وتصدر القمح قائمة الواردات العام الماضي بمبلغ 2 ،3 مليارات ريال يمني ثم الاسمنت بما قيمته 1 ،2مليار ومنتجات الحديد والاسلاك بمبلغ 4 ،2 مليار.
أما أهم صادرات اليمن الى الأسواق السعودية فهي الاسماك والبن والموز والمانجو والخضروات والعسل والذرة وجاءت الاسماك في صدارة القائمة العام الماضي بما قيمته 8 ،2مليار ريال يمني تلاها البن بمبلغ 2 ،2 مليار ريال فالموز بمبلغ 1 ،1 مليار ريال.
وتشير الاحصائيات والبيانات الاقتصادية الى أن الميزان التجاري يميل وبفارق كبير ومستمر لصالح المملكة على مدى السنوات الماضية حيث ارتفع من 7 ،13مليارا عام 2000 الى 4 ،17 مليار ريال العام الماضي.
وتكشف لغة الأرقام الخاصة بالتبادل التجاري بين المملكة العربية والسعودية والجمهورية اليمنية عن مزيد من الحقائق والأسباب الكامنة خلف الخلل الواضح في الميزان التجاري بين البلدين حيث قفزت واردات اليمن من المملكة خلال الفترة بين الأعوام 1995 و 2001م من 5 ،2 مليار الى 3 ،9 مليارات الى 3 ،13 ملياراً الى7 ،15 ملياراً الى 3 ،16 ملياراً الى 6 ،22 ملياراً و 8 ،28 ملياراً على التوالي ورغم أن المملكة تحتل المرتبة الاولى في قائمة الدول المستقبلة للصادرات اليمنية الا أن الصادرات اليمنية الى أسواق المملكة نمت بشكل متواضع ومحدود من 4 ،1مليار ريال عام 1995 الى 4 ،11 ملياراً العام الماضى.
وشهدت اجتماعات مجلس التنسيق السعودي اليمني في دورته الماضية رغبته في دعم المملكة لجهوده الرامية لايجاد بنية تحتية متطورة في المجال الصناعي ترفع القدرة التنافسية للسلع والمنتجات اليمنية بحيث تجمع بين الجودة والتكلفة الاقتصادية فضلا عن المطالبة المستمرة بتخفيف القيود امام تدفق السلع والمنتجات اليمنية الى الأسواق السعودية عبر المزيد من التسهيلات والاعفاءات اسوة بتلك الممنوحة للمنتجات السعودية في السوق اليمني باعتبار ذلك سبيلا لتحقيق شيء من التوازن في الميزان التجاري بين البلدين.
وفي المقابل تطمح المملكة الى رفع معدلات صادراتها الى الاسواق اليمنية حيث تعتبر الصادرات السعودية الى اليمن محدودة ومتواضعة مقارنة بالصادرات الى الدول الاخرى فاليمن ليست ضمن الدول العشرة الاولى التي تستقبل الصادرات السعودية اذا علمنا أن هناك 120 دولة حول العالم تستقبل هذه الصادرات.
وتسعى المملكة في هذا الصدد الى رفع مستوى صادراتها الى السوق اليمنى بالاستفادة من المزايا النسبية المتوفرة كقرب هذه السوق وسعة حجمها اذ تضم18 مليون مستهلك وايضا الاستفادة من المزايا والتسهيلات التي نصت عليها الاتفاقيات الموقعة بين البلدين.
واذا كان توقيع معاهدة جدة التاريخية عام 2000م بداية لافق وانطلاقة جديدة في سفر العلاقات اليمنية السعودية على مختلف المستويات فإن التنامي المطرد في علاقات التبادل التجاري بين البلدين والدعوة المستمرة لاقامة مشروعات استثمارية مشتركة تعد الإطار الملائم لعقد شراكة اقتصادية يعول عليها الجانبان في تحقيق تشابك المصالح والمنافع المتبادلة.
وحسب الدكتور محمد أحمد الحاوري استاذ الاقتصاد بجامعة صنعاء فإن إقامة شراكة اقتصادية حقيقية بين اليمن والمملكة تتحقق بالاستفادة من الميزات النسبية المتوفرة في اقتصاد كلا البلدين فاليمن بموارده الطبيعية وقواه البشرية ممثلة بالأيدي العاملة الرخيصة نسبيا يمكن أن يشكل اساسا لاستثمارات تستفيد من فوائض رؤوس الأموال في المملكة والخبرات والتجهيزات وغير ذلك من اسس التكامل المالي والفني وبما يعزز مجالات التعاون ويفضي الى الشراكة بمفهومها الحقيقى والقائم على التوازن في المصالح والمنافع المتبادلة التي تنعكس على حياة شعب البلدين ويحتل اقتصاد المملكة واليمن مكانة متميزة في عالم الأسواق المفتوحة والتكتلات الاقتصادية الكبرى.
|