جاءت استراتيجية التخصيص التي وافق عليها المجلس الاقتصادي الأعلى برئاسة سمو ولي العهد رامية لتحقيق عدد من الأهداف الأساسية والتي من أهمها رفع كفاءة الاقتصاد الوطني وتفعيل قدرته التنافسية في مواجهة التحديات الدولية والاقليمية.
ومن تلك الأهداف التي تضمنتها استراتيجية التخصيص أيضاً توسيع نطاق مشاركة المواطنين في ملكية الأصول المنتجة والمشاريع العامة وذلك من خلال التوسع في أسلوب طرح أسهم تلك المشاريع للاكتتاب العام للجمهور.
كما أن من الأهداف التي عملت استراتيجية التخصيص على إبرازها دفع القطاع الخاص نحو الاستثمار والمشاركة الفاعلة في صناعة الاقتصاد الوطني خاصة وأن لدى القطاع الخاص القدرة على تحقيق الميزة النسبية وتمكنه من تنويع القاعدة الاقتصادية بعيداً عن الاعتماد على النفط.
وفي اعتقادي أن لدى القطاع الخاص الوطني الكفاءة على توجيه الاستثمارات الرأسمالية نحو القطاعات الأعلى مردوداً، كما أنه الأقدر على الاستمرار الذاتي من وجهة النظر التجارية.
ولكي ينجح القطاع الخاص في تحقيق ذلك، فإنه يتوجب عليه العمل وفق أسس تجارية بحتة حتى في حالة احتفاظ الدولة بنسبة كبيرة من المشروع محل التخصيص.
وعلى الرغم من عمق الأهداف المتوخى تحقيقها من عملية التخصيص والتي تضمنتها استراتيجية التخصيص، وعلى الرغم أيضاً من فاعلية السياسات التي أدرجتها الاستراتيجية من أجل تحقيق تلك الأهداف، إلا أنه من الضروري أن نضع عدداً من الاعتبارات الهامة في الحسبان إذا ما أردنا أن يكتب لنا النجاح في عمليات التخصيص المقبلة خاصة وأننا لا نزال في المراحل الأولى منها.
ومن الجوانب التي يتوجب عدم إغفالها عند الشروع في خصخصة أي من المشاريع العامة وتحويل ملكيته للقطاع الخاص أن يصاحب عملية الخصخصة دعم من الجهات السياسية العليا صانعة القرار بحيث يتم تحرير القطاع محل التخصيص من كافة القيود والروتين التي كان يعاني منها هذا القطاع قبل التخصيص، خاصة وأن بعض هذه الضغوط قد توجه الأهداف المراد تحقيقها من خصخصة القطاع عن مسارها الحقيقي.
أيضاً من الجوانب التي يجب وضعها في الاعتبار عند البدء في عملية تخصيص قطاع ما، أن يتم إبرام كافة التعاقدات بكل شفافية ووضوح وأن تتاح الفرصة بالمشاركة للجميع دون استثناء وألا يتم قصر ذلك على عدد معين من المؤسسات والشركات وأن يتم تبليغ الرأي العام بكل شيء عن آلية السوق.
كما أن من الأهمية أن يتم تقنين كافة الإجراءات الأساسية والقواعد التي تحكم عملية التخصيص وقد أثبتت التجارب أن الأنماط الاقتصادية التي تقع خارج إطار المؤسسة التنظيمية تعتبر أموراً غير مجدية وليس مرغوباً فيها من وجهة النظر الاقتصادية.
وفي اعتقادي أن تعزيز المصداقية والثبات في السياسات والإجراءات المتبعة من قبل الجهاز الحكومي المشرف على المشروع محل التخصيص سيعمل على دفع المساهمين والمستثمرين للعمل جنباً إلى جنب مع الحكومة، فالجهاز الحكومي المشرف يمكنه القيام بأمور متعددة لتعزيز المصداقية والثبات الدائم في التعامل مع القطاع الخاص، وبالتالي فإن الإخفاق في الالتزام باللوائح القانونية قد يؤثر سلباً على المشروع أو القطاع محل التخصيص.
ختاما، نتوجه بموفور التقدير للمجلس الاقتصادي الأعلى برئاسة سمو ولي العهد على موافقته على استراتيجية التخصيص حيث يعد ذلك خطوة أساسية في سبيل تفعيل الخدمات المقدمة للمواطنين وذلك من خلال مشاركة القطاعات الأهلية في إدارة وتملك تلك الخدمات.
|