Saturday 29th June,200210866العددالسبت 18 ,ربيع الثاني 1423

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

قطرات قطرات
منيرة السعران

القطرة الأولى:
من الواقع:
ماجد طفل في العاشرة من عمره كل الظواهر تؤكد أنه طفل موهوب وممّيز كان متفوقاً في دراسته يرسم رسومات جميلة ويقصها بشكل فنّي جميل خطه جميل ومتفرد. ماجد يعيش مع أسرته. وله أخ كبير قاس كالحجر، وهو أصغر الأطفال في البيت فجعله وكأنه خادمٌ له يأمره بغلظة والطفل يخافه لدرجة الرعب وخاصة أن والدته سيدة طيبة مسالمة تخشى عندما يشتكي أن يصل الأمر للاشتباك بين الوالد وابنه الأكبر فكانت تقول دائماً وهي خائفة وبصوت منخفض: اسكت اسكت، وتقول للوالد عندما يضجر وينفد صبره:«اتركه يربيه». فيسكت الوالد لأنه كان يخضع لهذه السيدة التي لا تعرف ما نتيجة كل هذا على طفل لا يجد من يناصره ويقف معه ضد هذا الظلم وضد هذا الرعب، فعظمه الغض لا يحتمل كل هذا، وعاش طفولته ومراهقته تحت سيطرة وضغط.
وذات مرة دعا صديقه إلى المنزل وأجلسه في المجلس المتواضع وأحضر الشاي ليقدمه لصديقه وكان فرحاً مبتسماً، وبينما هو يقدّم الشاي لصديقه يدخل عليه أخوه الأكبر فجأة ويجره ويصفعه ويصرخ: اخرج أنت«وبزرانك» عن المجلس، وبكى لوحده ولم يستطع أن يدافع عن نفسه ولم يجد أحداً يشتكي له وينصفه من هذا المتجرد من الرحمة والشفقة،. كبر وهو يحمل كل هذه الترسبات. تخرج بامتياز وعمل مدرساً.وتزوج، ومرت سنوات وأراد أن يبني له مسكناً كغيره ممن كانوا في سنه، وبالفعل اشترى أرضاً وحصل على القرض ولكنه لم يستطع أن يكمل بناءها، فتدين من عدة جهات فحلت الأقساط وحاصرته في المدرسة والبيت فباعها والألم يعصر قلبه، توفيت والدته التي ترفده في أزماته وتخلى عنه أصدقاؤه وإخوته في محنته، وضاقت به الدنيا فأصابه اكتئاب، وملّ من عمله، فأصبح يتغيب بكثرة وهُدّد بالفصل فقدّم استقالته وأخذ حقوقه البسيطة، وسدد بها بقية الديون. ومع هذه الأزمات وتفجر ترسبات الطفولة وجروحها انهار وأصيب بانفصام شخصية وضاعت حياة واعدة بالفن والإبداع.
القطرة الثانية:
الأستاذ الدكتور السيد عبدالقادر عويضة أستاذ مصري من جامعة الأزهر العريقة، ومن الذين تميّزوا بالأخلاق الإسلامية العالية، وممّن شهد لهم بالمعرفة وغزارة العلم. قدّم علمه وجهده لطلاب جامعة الإمام وهذه الأيّام يغادر لوطنه مصر العزيزة آملين عودته سواء لجامعة الإمام أو غيرها من جامعات المملكة العربية السعودية، فهو خبرة كبيرة في مجال الأدب والبحث العلمي، فله ما يزيد على ثلاثة عشر كتاباً في مجال الأدب والنقد والتوثيق، فمن أهمّ كتبه التي أرى أن في اقتنائها فائدة كبيرة للقارئ: أثر الإسلام في الشعر في عصر الرسول والخلفاء الراشدين، والصراع السياسي وأثره في شعر العصر الأموي، وعبدالحميد بن يحيى الكاتب واضع الأصول الفنية للكتابة الأدبية، وله أيضاً: شعر الحرفيين في العصر المملوكي دراسة ونقداً، ونظرات في شعر الفتوحات الإسلامية وخصائصها الفنية، وله: شعر حافظ إبراهيم الوطني في ميزان النقد، وخطوات البحث الأدبي. وغيرها من الكتب ذات الفائدة والمضمون.
القطرة الثالثة:
الشاعر العراقي الكبير محمد بهجة الأثري نال جائزة الملك فيصل العالمية في الأدب عام 1406هـ/1986م وهو من الشعراء الذين أحبّوا المملكة العربية السعودية إلى آخر أيام حياته. يقول الأثري في محنة فلسطين التي عاشها وهزت مشاعره وأشجانه وكان له دور ومواقف فقد خصها بقصائد منها:«حرب حزيران سنة 1967م» وغيرها يقول:
سَلُوا«قِبْيةَ» ما الحبُّ؟
وقتلى«دير ياسينِ»
سَلُوا الجزّار ما ضرَّجَ
من تُرْبِ «فلسطينِ»
سَلُوا الثُّكلَ، سَلُوا اليُتْمَ
ودمعَ الخُرَّدِ العِينِ
سَلُوا الجُوعَ، سَلُوا الدَّاءَ
سَلُوا بُؤْسَ المسَاكِينِ
وما أشبه اليوم بالبارحة فهذه«جنين» تعاني ما عانت«دير ياسين» والأيام تدور وحال العدو باقية بل تشتد ضراوة وبطشاً!!
القطرة الأخيرة:
التجربة في الأدب هي«الفيض الاختياري للأحاسيس القوية» وللأثري في تجاربه صدق كبير فهو أحب الإسلام ولغته حباً كبيراً، وهذا الصدق الذي يعيشه الأثري في واقعه أدى إلى توافره فنياً في تجاربه، انظر هذه الزخات الشعورية في قوله:


يا بارئَ الأكوانِ مِنْ عَدَمٍ، ويا
مُنْشي الحياةِ وباسطَ الأرزاقِ
لكَ وحدَكَ اللهُمَّ جالَ تَفَكرُّيِ
وهواك مالئُ قلبِيَ الخفَّاقِ
رُوحي ورَيْحاني وَوَارِفْ جنَّتي
ونعيمُ وجْداني وطِيبُ مذاقي

 

[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved