Saturday 29th June,200210866العددالسبت 18 ,ربيع الثاني 1423

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

سؤال القرن الحادي والعشرين.. ما دور الموساد في أحداث 11 سبتمبر؟ سؤال القرن الحادي والعشرين.. ما دور الموساد في أحداث 11 سبتمبر؟
د. علي بن شويل القرني *

«أنت فقط، ومن كل قلبك تعرف أن بمقدورك أن تعمل الشيءالكثير.. وبمقدورك أن تفكر في كل شيء مختلف، وبمقدورك أن تتجاوز كل الحدود المألوفة إلى حيث الاستثناءة في القدرة والتفكير والجوهر والابداع والفعل..» هذا ليس اعلاناً عن بعض الوظائف التنفيذية لكبرى الشركات العالمية، ولا لمبدعين في الصناعة الإعلامية أوالصناعة الاعلانية على وجه الخصوص، بل إن هذا هو اعلان نشره في بعض الصحف الاسرائيلية جهاز الموساد الإسرائيلي في أغسطس عام 2000م، ووضعه أيضاً على شبكة الإنترنت في موقع خاص برئيس الوزراء الإسرائيلي..واضاف الاعلان «نعرض عليك المستقبل والآفاق الجديدة في مجال يمكن من خلاله أن تحقق أحلامك ونساهم جميعاً في الأماني الغالية لنا..».
وكان جهاز الموساد الذي أسسه ديفيد بن جوريون عام 1951م «وتعني كلمة الموساد بالعبرية تأسيساً أومؤسسة» قد وضع لنفسه أهدافاً كثيرة، ولكن من ضمنها ما جاء على لسان بن جوريون من كون الهدف الأساسي لهذا الجهاز الاستخباراتي هو أن يكون «خط الدفاع الأول عن المصالح الإسرائيلية..».
ونشر اعلانات عن طلب جواسيس في صيف العام قبل الماضي كان يعكس لا شك رغبتين اساسيتين كان الموساد يتطلع إليهما، أولها أن الموساد قد تعثر في بعض العمليات التي حاول تنفيذها في الخارج..ولهذا اراد أن يتجه إلى عمليات نوعية جديدة لا يمكن تنفيذها إلا من خلال دماء وأفكار جديدة..والمشكلة الأخرى أن المؤسسات الإسرائيلية في نهاية التسعينيات الميلادية وبداية القرن الجديد واجهت مشاكل جوهرية في الداخل، ومن الخارج واجهت ضغوطاً كبرى من الرأي العام العالمي كلها تتجه إلى لوم اسرائيل والضغط عليها لوضع تسوية نهائية مع الفلسطينيين.. هاتان المسألتان - وربما لأسباب أخرى غيرها.. - أدت إلى الولوج لأول مرة من قبل الموساد إلى الجمهور الداخلي والخارجي بهدف فتح المجال أمام العناصر المبدعة التي قد تأتي من جراء الاعلانات الصحافية الداخلية، والتي تناقلتها وكالات الأنباء العالمية وبعض شبكات التلفزة الدولية للتوظيف الخارجي وفتح الفاكسات الخاصة بالموساد لتلقي المتدافعين إلى الإبداع الاستخباراتي..
إذن.. هل استطاعت اسرائيل من خلال جهازها «الموساد» أن تجند وتنتقي عناصر مبدعة حققت لها عمليات نوعية في نشاطاته الخارجية؟ وهل كان من ضمن هؤلاء اشخاص شاركوا في العمليات التدميرية لمركز التجارة العالمي ومبنى البنتاجون ومحاولة ضرب البيت الأبيض.. هذا هو السؤال المهم.. وهو في نظري سؤال القرن الحادي والعشرين..الذي لا يزال يبحث عن اجابة..
وفي هذا السياق سأحاول هنا أن أبرز بعض الحقائق والملابسات التي تعطي خلفيات شكية حول دور محتمل للموساد الإسرائيلي في عمليات التفجير الجوية في الولايات المتحدة.
1- إذا أخذنا مبدأ المصلحة والاستفادة التي أفرزتها وقائع 11 سبتمبر نجد أن اسرائيل هي المستفيد الأول من جراء كل هذه التبعات التي تلت تلك الأحداث.. هذا على المستوى المباشر ولكن على المستوى الاستراتيجي فإن اسرائيل تسعى إلى وضع أجندة دولية تصب في صالحها في محاولة لتقطيع كل سبل الدبلوماسية التي تربط بين العرب والولايات المتحدة..ووضع العرب والمسلمين في واجهة ضدية مع العالم.. وخروج اسرائيل والفكر الصهيوني كحليف استراتيجي للغرب والمسيحية..
2- من الواضح جدا وخصوصاً قبل احداث سبتمبر ان الاستخبارات الاسرائيلية قد تغلغلت كثيراً داخل مؤسسات القرار الأمريكي،وخير دليل على ذلك انه كان يجري في وسائل الاعلام الأمريكية ان الموساد كان له عمليات مشبوهة واسعة النطاق في الأسبوع الذي سبق الحادي عشر من سبتمبر..
3 لاحظ بعض المحققين الأمريكيين أن هناك جهات (استخبارات اسرائيلية) كانت تعرف بسير تحقيقات 11 سبتمبر أولاً بأول.. وكانت تعرف بمن يتم الاتصال به، وبمن يتم مخاطبته ومن هم المحققون الذين يجرون هذه الاتصالات.. أي وجود اسبقية لمعرفة العناصر المحقق معها.. وهذا نتيجة ان شركة فوترة الاتصالات AMDOCS وهي الشركة المحتكرة كل عمليات الفواتير للهواتف والاتصالات في الولايات المتحدة هي شركة اسرائيلية أو لنقل مركزها الرئيسي في تل أبيب..وهكذا من خلال هذه الشركة يمكن معرفة من يتصل؟ وبمن يتصل؟ ويمكنها بعمليات استخباراتية أخرى معرفة مضمون هذه الاتصالات.. وهذا في حد ذاته اختراق للأمن الوطني الأمريكي.
4- ومما يدلل على اختراق أجهزة الاتصال داخل الولايات المتحدة من قبل اسرائيل الحديث الذي ذكرته مونيكا نقلاً عن الرئيس الأمريكي السابق بيل كلينتون، عندما كان يتحادث معها أنه يخشى أن تكون مكالماته الرومانسية قد تم تسجيلها عليه من قبل سفارة دولة أجنبية في واشنطن.. وكان يقصد سفارة اسرائيل في واشنطن.
5- في أعقاب أحداث سبتمبر أوقفت أجهزة الأمن الأمريكية ستين اسرائيلياً، ولكنها اطلقتهم فيما بعد.. ومن بين هؤلاء خمسة إسرائيليين شوهدوا وهم يرقصون فرحاً ويشاهدون انهيار مركز التجارة العالمي وهم على مقربة منه..وتم القبض عليهم،واتضح فيما بعد أن لهم ارتباطاً مباشراً بالموساد الاسرائيلي.. وتم مؤخراً اطلاقهم وعودتهم إلى اسرائيل..
6- على الرغم من تغلغل ونفوذ اليهود في أوساط الشركات والمؤسسات المالية في نيويورك، إلا أنه لم يوجد ضحايا يهود من بين هؤلاء الذين وقعوا ضحية هذا التدمير..وربما يطرح هذا سؤال عن مدى علم عدة آلاف من اليهود الموظفين في مركز التجارة العالمي بهذه النوايا التدميرية وتوقيتها..
7- قامت شركة Zim American Israeli Shipping Co باخلاء مكاتبها الموجودة في الدور 17 و 18 من البرج الشمالي لمركز التجارة قبل أيام فقط من أحدث التفجيرات.. وقد جاء الانتقال فجائياً وقطعاً للعقد المبرم سابقاً.. وكان من المفترض أن يكون الانتقال في نهاية ذلك العام، إذا لم يتم التجديد.. وقد فقدت هذه الشركة مبلغاً قدره خمسون ألف دولار نتيجة عدم استفادتها من باقي الوقت المؤجر عليها..ومن المهم هنا ملاحظة أن الشركة الأم التي تملك هذه الشركة (Zim Israeli Navegation Co) هي شركة من أكبر شركات الشحن العالمية، وتملك نصف حصصها الحكومة الإسرائيلية والنصف الآخر شركة zim الإسرائيلية كذلك..وقد استفسرت وكالة الصحافة الفرنسية من الشركة عن سبب رحيلها المفاجئ فأفادت بأن رئيس الشركة هو الشخص الوحيد الذي يمكن أن يفيد لمعرفة الاجابة على هذا الاستفسار.. وعندما كررت الوكالة السؤال للمكاتب العقارية المسؤولة عن تأجير مركز التجارة العالمية، تم احالة ذلك إلى شركة العلاقات العامة Howard J. Rubenstein التي قام رئيس الوزراء الإسرائيلي شارون بالتعاقد معها لتحسين صورة إسرائيل في الولايات المتحدة الأمريكية.. أي أن السؤال السياسي والجنائي سيتحول إلى اجابات اعلامية صرفة..
8- رجل الأعمال الإسرائيلي الأسترالي فرانك لوي Frank Lowy يصنف من أثرياء العالم (رقم 209) وصاحب شركات كبرى.. كان قد تعاقد مع مركز التجارة العالمي قبل أربعة أشهر فقط على تخصيص مساحات مستأجرة لمكاتب شركاته.. ولكنه طلب قبل ذلك أن يكون ذلك مؤمّناً عليه من شركات تأمين كبرى ضد الارهاب.. ويكون ذلك ليس مقتصراً على الخسائر التي قد يواجهها من جراء الارهاب بل ينبغي أن تشتمل كذلك على تعويضات عن فقدانه للدخل المتوقع خلال تعاقده مع مركز التجارة العالمي..
9- ذكر مدير مكتب التحقيقات الفيدرالي الأمريكي انه لا توجد أي أدلة يمكن ربطها بين المشتبه فيهم (ال19 الذين كانوا على متن الطائرات التي تفجرت في نيويورك وواشنطن) وبين هذه الحوادث.. أي أنه لا يوجد دليل واحد يربطهم بالتفجيرات.
وبعد كل هذه الملابسات التي تضع الموساد في دائرة الشك وترجح ربما ارتباطه بهذه الأحداث، نتساءل ونضيف..ان الموساد ربما كان مشاركاً ومنفذاً للعمليات.. عن طريق اشخاص غرر بهم.. فهل وجد ضالته في أشخاص تقدموا له في أغسطس عام 2000م وجندهم في هذه العمليات الارهابية..؟ والمؤكد فعلاً أن الموساد الإسرائيلي كان يعلم - إذا هو لم يشارك - بتنفيذ هذه العمليات، لأنه أبلغ أجهزة أمنية أمريكية عن احتمالات تفجيرات ضخمة تحدث في أمريكا..وعندما طلب الأمريكيون أدلة ومصادر رفض الإسرائيليون ذلك.. ولا تدري الأجهزة الأمنية الأمريكية أسباب رفض اسرائيل لاعطاء معلومات عن مصادر معلوماته.. ويأتي ذلك الرفض ربما نتيجة أحد أمرين (أمرهما أشد مرارة) هل تخفي اسرائيل المصادر لأنها مشاركة ومنفذة في هذه العمليات وتحاول أن تخفي دورها في العمليات.. اما ان اسرائيل تخفي المصادر خشية فضح مصادرها مع بن لادن..وهذا ربما يعكس علاقات استخباراتية مع شبكة القاعدة.. ربما..
ولكن ربما يقول أحد ان اسرائيل لا يمكن أن تكون مشاركة في التخطيط والتنفيذ لسببين، أولهما أن تسجيلات الصندوق الأسود أوضحت أن بعض المختطفين في هذه الطائرات كانوا يتكلمون باللغة العربية.. والرد على هذه المقولة هو معرفة داخلية من عملاء الموساد عادة ما يجري تشبههم بشخصيات عربية بهدف المراوغة والتمويه.. ويتم كذلك إعطاؤهم كورسات باللغة العربية لمدة عام تقريباً.. وكذلك يتم تدريبهم داخل الضفة الغربية أو قطاع غزة.. ناهيك عن امكانية كونهم عرباً مؤجرين انفسهم لصالح الموساد.
أما السبب الثاني، هو أن بن لادن وأعضاء من شبكة القاعدة قد أعلنوا صراحة عن ارتباطهم بهذه العمليات.. ولكن ربما يكون هناك تفسير لذلك.. وهو ان بن لادن والقاعدة وربما طالبان كانت تبحث عن أي انتصار ضد الولايات المتحدة،وجاءت هذه الأحداث وهيأت له وللشبكة فرصة صنع بطولة لم يفعلها بل ادعاها.. ناهيك عن امكانية ان يكون هناك تواطؤ والتقاء مصالح بين الموساد وشبكة القاعدة في ضرب المصالح الأمريكية..وكلا الطرفين تلبي له مثل هذه الأحداث أهدافاً استراتيجية.. والإسرائيل ربما يكون الهدف الاستراتيجي هو رغبتها في تعكير الأمن وترويج الرعب داخل الولايات المتحدة لمنع الهجرة المعاكسة إلى الولايات المتحدة من داخل اسرائيل والتي تضاعفت في السنوات الماضية..وقد ذكر أحد المتطرفين اليمينيين الاسرائيليين رابي كاهان رئيس اتحاد الدفاع عن اليهود الذي يعد شارون أحد المؤيدين له أن الولايات المتحدة ستتحول إلى عدو لاسرائيل وينبغي الهجرة إلى اسرائيل.. ودعا إلى أن يعمل بعض اليهود للتضحية بأنفسهم من أجل مستقبل اسرائيل.. (في كتابه عام 1979 بعنوان «جاء الوقت للعودة إلى الوطن»)..
وأخيراً نحن نعلم أن بعض وسائل الاعلام الأمريكية حاولت طرح ومناقشة هذا الارتباط، ولكن باءت محاولاتها بالفشل.. ويتم وقف هذه التحقيقات بالضغط على ملاك هذه الوسائل أوالسياسيين الذين يعرفون - ربما - أكثر مما يعرفه المباشرون في هذه التحقيقات ان كل من يقدم على مثل هذه المحاولات فانه لا شك يقدم على «انتحار مهني».. لا رجعة بعده..والله أعلم

* رئيس مجلس إدارة الجمعية السعودية لعلوم الاتصال أستاذ الصحافة والإعلام الدولي بجامعة الملك سعود

 

[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved