لونارد - لندن:
تحتل المملكة العربية السعودية مكانة متميزة في العالم العربي الاسلامي فيما توليه من عناية خاصة بالأماكن المقدسة والمساجد وبخاصة الحرمين الشريفين بمكة المكرمة والمدينة المنورة حيث الحرمان الشريفان. ويحتل الحرمان الشريفان مكانة مرموقة في هذه العناية بخاصة لما لهما من اهمية دينية ومعنوية للعالم الاسلامي، ولامكانية استيعاب الاعداد الهائلة من الحجاج والمعتمرين كل عام. ولا تقتصر هذه العناية على النواحي المعمارية والتخطيطية للمسجدين حيث جرت توسعات عديدة (حيث شملت توسعة الحرم النبوي الشريف اضافة حوالي 450 مترا طولا و250 مترا عرضا)، انما تشمل توفير اقصى ما يمكن من الجو الآمن وتيسير ما يجده المسافر الحاج او المعتمر من مشقة الترحال بتوفير مناطق ظليلة مع توفير الماء والهواء المبردين. ومؤخرا في العقد الأخير من القرن الماضي تم ادخال عنصر معماري متميز على الافنية الداخلية بالمسجد النبوي الشريف والتي تفرش عادة بالسجاد وتغص بالمصلين الذين يحرصون على المكوث بالمسجد ما امكنهم من ساعات للعبادة، ولئلا ينقطع هذا الاعتكاف نظرا لتقلبات الجو من حر لاهب اثناء شهور الصيف الحارة، او بسبب من الامطار الغزيزة التي تنهمر فجأة، فقد ارتأت الهيئة للعناية بشؤون الحرمين معالجة هذه الظاهرة بتطبيق مشروع معماري يعد سابقة تكنولوجية اضافة الى وظيفيته العملية، وهو تغظية الساحات بمظلات قابلة للاغلاق والانفتاح تبعا لتقلبات الطقس.
ولتغطية الساحتين الداخليتين في المسجد النبوي الشريف فقد تطلب التصميم (والذي قامت به شركة بالمانيا) وضع اثنتي عشرة مظلة ابعاد كل منها 17 x 18 مترا في مسقطها الافقي، حيث تغطي كل ستة منها واحدة من الساحات الداخلية. اما المظلة نفسها فقد احتوت دعائم عرضية متعامدة من اعلاها لتحميل الاطراف، وهذه الدعائم هي المسؤولة عن افراد واغلاق المظلة من خلال التحكم بها من خلال اسطوانات تمتد من خلال سارية المظلة ذاتها وتعمل بمبادىء الميكانيكا المحضة بحيث يمكن فتح المظلة واغلاقها في اقل من دقيقة. وحالما يتم فتح المظلة او اغلاقها تماما تتوقف الوحدة المركزية الميكانيكية ذاتيا . وقد تم تصميم المظلات لتتحمل مقاومة الريح حتى سرعة 155 كيلومترا بالساعة، حيث تم تزويد المظلة بمراقب آلي لسرعة الريح بحيث يوقف عملية فتح او اغلاق المظلة تلقائيا في حالة وصول سرعة الريح الى حد الخطر.
وقد جاء تصميم المظلة متناغما مع الطبيعة المعمارية للمسجد ذاته، حيث تتشكل سارية المظلة من عمود يحاكي الاعمدة المعمارية للمسجد ذاته وتشكل امتدادا لها. اما المادة القماشية المستخدمة للتغطية فقد تم تطويرها خصيصا للمشروع لمقاومة الحرارة العالية وتقلبات الطقس والتي استخدمت ايضا في مشروع مجمع الحجاج في جدة، كما توفر جوا وادعا لدى فردها اذ تظلل الفناء وتعكس بلونها الابيض جوا آمنا. كذلك فقد تم ادخال عناصر التكييف التبريد الميكانيكية لتتكامل مع تصميم المظلة العمودية ومن ضمن جسم المظلة ذاته. وكذلك الانارة ليلا. والاهم من ذلك وسائل تصريف مياه المطر المنهارة على المظلة من خلال انابيب خاصة ضمن عمود المظلة. وهكذا يجمع هذا المشروع المتميز بين توفير الراحة والظل والحماية من تقلبات الجو، وبين ادخال وتظويع العناصر والفكر التقني لتلائم روح العصر باسلوب يحترم اصالة التراث.
|