أباحك من طول اختيارٍ ودادُهُ
وأعطاك من بعد الوداد قيادَهُ
وأنزلك الحب العميق بقلبه
تحل به أنّى حللتَ سوادَهُ
فبالأمس ما أن ودَّعتْك وهودُهُ
تطبقِّ أمواجُ السرورِ نجادَهُ
ويفترُّ عن عُرف الخزامى ونشرِهِ
كأن غزيراً مسبلَ الودقِ جادَهُ
وما الحُبُّ إلا ما صنعتَ وسرُّهُ
أردت لهذا الشعب ما قد أرادَهُ
بنيت لهم مجداً ومثلك من بنى
لأمّته صرحَ العلا فأجادَهُ
حفظت لهم عهد الأُلى علَّموا الورى
وسنُّوا له بعد الضلال رشادَهُ
وكان تراث الخالدين وربما
تعاوره ريبُ الزمان فآدَهُ
وجاوزتَ أطرافَ الدُّنا في سبيلهِ
تحقِّق في ذات الاله مرادَهُ
أيبقى حمى الاسلام نهباً تسومُهُ
عِداه ويبغي الجاحدون فسادَهُ
وتغزوه بالبلوى طلائعُ فتنةٍ
مشيَّعةٍ بالحقد تمحو مدادَهُ
وفي موطن الإسلام ليثٌ مرابطٌ
يُطيل بشأن المسلمين سُهادَهُ
تبنَّى من الشَّيخ المجدِّد حكمَهُ
ومن صنوِه عبدالعزيز جهادَهُ
أشادوا من الاسلام ركناً تطاولتْ
ذراه وأرسَوْا بالنضال سنادَهُ
هُمُ العُرْبُ إن قيلَ العروبةُ محتداً
وإن ذُكر الاسلامُ كانوا عمادَهُ
وهمْ وحّدوا شملَ الجزيرةِ قبل أنْ
يردِّدَ غِرٌّ بالدعاوى اتحادَهُ
وكانت لُقىً يعثو بها كل واغلٍ
يُحَكِّم فيها حيث شاء مرادَهُ
وهاهي أمست للعروبةِ مأرزاً
يؤمِّل منها كل راجٍ عِهادَهُ
أجلْ هذه آثارهم وفخارُهُمْ
إذا ظالمٌ أجرى لبغيٍ جوادَهُ
وجاء بها مشبوهةً جاهليةً
يُلقِّنُها - رغمَ العُزُوف - بلادَهُ
يُمنّيهِ فيما يدَّعي أنه الغِنَى
وياليتَه أبقى عليه سَدَادَهُ
فَسَلْ بلدَ الخبرات أين نعيمُه
ومن غالَ بالحلمِ المرومِ اقتصادَهُ
ودعْهم فكلٌّ ذاهبٌ لسبيلِهِ
وما أنت هادٍ من أضلَّ رشادَهُ
وقُدها الى حيث العُلا عُمريةً
وشِدْ في سبيل الله ما قد أشادَهُ
ومِنْ شعبك الأوفى إليك تحيةً
يُحمِّلُها بعدَ اللسان فؤادَهُ