Tuesday 25th June,200210862العددالثلاثاء 14 ,ربيع الثاني 1423

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

نوافذ نوافذ
الشاعرات
أميمة الخميس

أتذكر في طفولتي كان هناك مشهد أخاذ يثير دهشتي وفضولي في حفلات الزفاف وذلك عندما تتوسط إحدى الحاضرات حلبة الرقص وتبدأ في الرقص وهي قد غطت وجهها بالغطاء أو بالبرقع، تنثر شعرها وتبرز كل مصاغها وتنخرط في نشوة الرقص والغناء وجميع هذا وقد استتر وجهها خلف غطاء، الذي يوفر لها الحماية والجرأة لتذهب في حركات الرقص حتى منتهاها.
هذا المشهد الطريف والغريب معاً تذكرته وأنا أنصت إلى عدد من الشاعرات الشعبيات اللواتي كن يبرقن ويرعدن في قصائدهن وهن خلف أمان وستر الأسماء المستعارة.
المشهد بحد ذاته كان يحمل مفارقة والكثير من الإيحاءات منها:
1- الشاعرة كانت موجودة بيننا على المنصة بذاتها وجسمها وجميع أبعادها الإنسانية، ولكن هذا الوجود كان وجوداً شبحياً أو مواربا، لأن في اعتبارها بما أنها اختفت كاسم وكشجرة عائلة فهي عندئذ تختفي عن الوجود، فهـي إذاً كائن موجود ليس بذاته ولكن من خلال سلالتها العائلية هي فقط التي تمنحها وجودها ومكانته.
2- بينما الشعر الفصيح بشقه الرسمي كان يخضع لرقابة مجتمعية شديدة وصارمة على مستوى الإبداع النسائي، فإن الشعر الشعبي من ناحية أخرى تسلل من الباب الخلفي تحت غطاء الأسماء المستعارة وقدم قصائد اخترقت الوجدان وعبرت عن تجربة المرأة الحقيقية في المجتمع، تجربة المرأة التي تعشق وتكره وتهجر وتهجر ومن ثم تتوسل عودة محبوبها وتترقب تلك العودة ومن ثم تخاتل وتطارد حرة وبرية، تعي كل هذا وتعتز به.. طروحات جديدة ومتجاوزة على مستوى الموضوعات.
المرأة عبر التاريخ كائن مفعول به شعرياً يقال فيها الشعر ولا يحق لها سوى قصائد الرثاء، فإن ذلك المخلوق الجريء الغريب تسلل من الباب الخلفي وقدم طروحات متجاوزة وفكر واقعي وصريح ويعبر عن تجربة نابضة بالحياة.
3- إحدى الشاعرات كان اسمها المستعار «بنت أبوها» وكأنها استجارات بهذا الاسم كنوع من الوقاية المصاغة في اللاوعي، فالشعر بحد ذاته هو خروج وتحد وبوح متجاوز لم تعتده المرأة عبر التاريخ، فكأن هذه الشاعرة تشعل الضوء الأحمر أمام أي من التفسيرات المريبة من خلال هذا الاسم الذي يؤكد على كونها ما برحت تنخرط في القوانين من خلال بنوتها لأبيها واحترامها لهذا الانتماء.
4- هناك امرأة جديدة تتطور وتتبلور بداخل هذه القصائد امرأة جديدة على مستوى فطري خالية من النظريات والأدلجة، امرأة تخرجت من تلك الصفوف المتجاورة الكئيبة التي كانت تتلقى فيها النساء علومها في المدارس، ولكنها استطاعت أن تنفر وتنأى شعرياً بعيداً جداً عن قصائد الكتب والمناهج.
5- كيف استطاع الشعر الشعبي أن يختطف صولجان الشعر، ويتأثر به ويحظى بهذه الشعبية الكبيرة، أين يكمن الخطأ وأين الحلقة المفقودة هل هي الجمهور؟ أم الشعر؟ أم أمور أخرى لم نصل إليها بعد؟؟

 

[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved