الأمية والجهل من أسبابها الرئيسية
جرائم القتل في اليمن ظاهرة تؤرق الحكومة

* صنعاء - الجزيرة - عبد المنعم الجابري:
«س.ن.ق» 65 عاما.. مواطن يمني من أبناء منطقة «رداع» الى الجنوب من صنعاء.. هذا المواطن قرر مؤخرا بناء منزل جديد له ولباقي أفراد اسرته.. وشرع «س.ن» في أعمال البناء الى ان وصلت الى مرحلة توشك على الانتهاء .. وفي تلك الاثناء ذهب المواطن المذكور لاحضار كمية من الرمل لاستخدامها في استكمال بعض الأعمال والتشطيبات التي يحتاجها المنزل إذ ولم يكن يعلم بما تحمله له الاقدار .. فبينما كان يقوم بتجميع الرمل تمهيدا لنقله الى مكان المنزل اتاه مواطن آخر من ابناء منطقته ويدعى «ص.أ.ح» واراد ان يمنعه من اخذ ما يحتاجه من «الرمل» مدعيا ملكيته لذلك.. فاختلف الرجلان وتشاجرا مع بعضهما.. حتى اقدم «ص.أ» على اطلاق النار من بندقيته صوب «س.ن» الذي سقط قتيلا متأثرا باحدى الرصاصات التي اخترقت جسده ليفارق الحياة قبل ان يسكن في منزله الجديد.
وفي قصة اخرى تحمل نفس المأساة وتحكي كيف ان لغة السلاح والقتل اصبحت من الوسائل التي سرعان ما يلجأ اليها الناس في بعض المناطق اليمنية وبالذات أبناء القبائل كلما وجدت هناك خلافات او قضايا أيا كان نوعها..
وملخص القضية الثانية التي ضبطتها اجهزة الأمن مؤخرا هي ان خلافاً نشب بين شخصين في منطقة «الشرافي» بمحافظة «حجة» شمال صنعاء حول ينبوع «ماء» صغير.
وحسب مصادر الشرطة فان هذا الخلاف نشب بين الشخصين الذي يدعى أحدهما «ع.م.ص» والآخر «ف.ح.ب» منذ فترة طويلة ولم يتمكن أبناء المنطقة من تسويته والصلح بين الرجلين.. وخلال الأيام الماضية تفجر الموقف وتشاجر الخصمان عند مكان الينبوع ولم يكن من «ع.م.ص» الا ان أخذ بندقيته واطلق عدة اعيرة نارية صوب خصمه الذي فارق الحياة في الحال.. كما ادى اطلاق النار الى اصابة فتاتين كانتا تقفان بالقرب من مكان الحادث وتم اسعافهما الى المستشفى.
ونموذج ثالث لقضايا القتل التي باتت تؤرق السلطات الرسمية في اليمن أقدم قبل أيام شخص من منطقة «المحابشة» التابعة كذلك لمحافظة حجة على قتل شقيقه بسبب خلاف حول آلة «كمبريشن» تستخدم في قطع وتكسير الصخور.
فبعد ان كان «ي.ع.ص» 40 عاما وشقيقه «ع.ع.ص» 40 عاما يعملان معا وبينهما شراكة في عقارات ومعدات وأشياء اخرى، فإذا بهما يختلفان مع بعضهما وقررا تصفية شراكتهما وتقاسما ممتلكاتهما ما عدا آلة «الكمبريشن» لم يتوصلا الى اتفاق بشأنها وأصر كل منهما على الاحتفاظ بها لنفسه.. وأمام ذلك اقدم الأخ الاكبر على اطلاق النار على شقيقه الأصغر الذي اصابه بطلقة نارية أردته قتيلا.
وهناك قضايا كثيرة مماثلة تشهدها بعض مناطق اليمن.. حيث يقتل كثير من الناس بسبب خلافات على اراض أو خلافات عابرة حول أشياء لا تستدعي أحيانا نشوب خلاف بشأنها ومع ذلك فهي تصل الى حد استخدام السلاح واللجوء الى القتل.. ومن ذلك انه وقبل عدة اسابيع نشب خلاف بين اسرتين في احدى مناطق محافظة صنعاء حول ملكية «شجرة» غير مثمرة ولجأ طرفا النزاع الى تبادل اطلاق النار الذي ادى الى مصرع شخصين واصابة آخرين.. وفي أحد أحياء مدينة صنعاء «العاصمة» نشب خلاف بين اسرتين حول ممر ضيق يفصل بين منزليهما وتطور هذا الخلاف ولجأ أفراد الأسرتين الى تبادل اطلاق النار الذي ادى الى مقتل شخصين واصابة ثالث.
وفي الوقت الذي تسعى فيه السلطات العليا في اليمن الى معالجة ظاهرة «الثأر» التي كانت لجنة من مجلس الشورى قد أعدت دراسة بشأنها بناء على توجيهات من الرئيس علي عبد الله صالح.. حيث اشتملت مقترحات معالجة هذه الظاهرة على اقامة صلح عام بين القبائل.. كشفت مصادر رسمية في وزارة الداخلية بأن الاشهر الثلاثة الاولى من العام الجاري 2002م شهدت نحو 224 قضية قتل في مختلف المحافظات اليمنية.. في حين كان هذا الرقم قد بلغ 252 قضية خلال الربع الاول من العام الماضي 2001م وهو العام الذي اظهرت الاحصائيات الرسمية انه شهد على مدى الشهور الـ12 نحو 36196 قضية جنائية نتج عنها وفاة 1757 شخصا واصابة 1014 آخرين.. وكان عدد جرائم القتل العمد المسجلة خلال هذا العام قد وصل الى 1097 جريمة.. وهناك اعداد غير قليلة من القتلى الذين يسقطون في صراعات قبلية مسلحة بين القبائل من حين الى آخر.. وفي اربع محافظات فقط هي «ذمار، عمران، صنعاء، والبيضاء» قتل خلال العام المنصرم 1979 شخصا في حروب قبلية وقضايا ثأر.. وازاء ذلك يرى بعض المراقبين بأن انتشار السلاح في اوساط السكان اضافة الى التخلف الثقافي والأمية والجهل في بعض المناطق من الأسباب الرئيسية وراء وجود مثل هذه القضايا في اليمن.