* القاهرة - مكتب «الجزيرة» عبدالله الحصري:
تختلف تقديرات المؤسسات العربية حول مديونية الدول العربية رغم وجود مراكز للمعلومات ترصد بدقة كافة الأرقام الاقتصادية فبينما أكد تقرير لصندوق النقد العربي أن حجم المديونية العربية بلغ حوالي 156 مليار دولار إلا أن تقريراً لمجلس الوحدة الاقتصادية العربية أكد أنها 160 مليار دولار بلغت أعباء خدمتها نحو 12 مليار دولار سنوياً الأمر الذي يعرض الاقتصاديات العربية خاصة غير النفطية لمخاطر عديدة ويحد من قدرتها على تحقيق أهدافها التنموية. وإذا كانت أعباء خدمة الديون العربية توازي 17% من إجمالي حصيلة الصادرات السلعية والخدمية، فإن الديون العامة تمثل نحو 58% من إجمالي حجم الناتج المحلي للدول العربية البالغ حوالي 621 مليار دولار.
وتعد المديونية العربية مرتفعة نسبياً حيث اضطر عدد من الدول العربية للاقتراض من المؤسسات المالية الدولية في غياب البديل المتمثل في الاستثمار الأمر الذي يتطلب دعم العمل العربي الاقتصادي المشترك في مواجهة التحديات التي باتت تفرضها التطورات الاقتصادية الراهنة من خلال تدابير عملية.
واشار تقرير مجلس الوحدة الاقتصادية العربية إلى أن إقامة السوق العربية هي آخر مرحلة تتوج العمل الاقتصادي وليست أولاها وتأتي بعد منطقة التجارة الحرة العربية واقامة اتحاد جمركي يعمل على توحيد التعريفة الجمركية على البضائع الواردة والصادرة من خارج الدول العربية، وأيضا تحرير حركة عناصر الإنتاج الأخرى كالعمل ورأس المال ومنه تحقيق السوق العربية المشتركة.
وقدر التقرير حجم الاحتياطيات العربية الدولية من النقد الأجنبي بحوالي 84 مليار دولار تمثل 5 ،61% من حجم الواردات مشيراً إلى أن الصادرات السلعية العربية لعام 2000م تجاوزت 165 مليار دولار بنسبة 3% فقط عن نظيرتها العالمية مقابل 154 مليار دولار للواردات بنسبة 7 ،2% من إجمالي الواردات العالمية.
ووصف التقرير التجارة البينية العربية بأنها مازالت ضعيفة حيث بلغت 14 مليار دولار فقط بنسبة 4 ،8% من حجم التجارة الخارجية العربية العام الماضي والبالغ 319 مليار دولار.
وفيما يتعلق باحتياطيات النفط العربي أشار التقرير إلى أن الاحتياطي المؤكد يوازي 5 ،62% من الاحتياطي العالمي فيما يستحوذ احتياطي الغاز العربي على 5 ،22% عن نظيره العالمي، موضحاً أن الإنتاج العربي من النفط الخام يتجاوز 20 مليون برميل يومياً بنسبة 2 ،27% من الإنتاج العالمي، وأن نسبة القيمة المضافة للصناعات الاستخراجية بلغت 4 ،18% مقابل 4 ،11% للصناعات التحويلية، كما أن متوسط دخل الفرد في الوطن العربي تجاوز ألفين و 272 دولاراً سنوياً بمعدل يتجاوز 6 دولارات يومياً.
وأظهر التقرير أن حصة الدول العربية مجتمعة من إجمالي حجم تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر الواردة بلغت 7 ،8 مليارات دولار وبنسبة 1% من إجمالي التدفقات العالمية الواردة التي تجاوزت 5 ،865 مليار دولار وبنحو 2 ،4% من إجمالي التدفقات التي حصلت عليها الدول النامية والبالغة 6 ،207 مليار دولار، موضحاً أن السعودية تصدرت قائمة الدول العربية اذ استحوذت على 7 ،54% من إجمالي التدفقات الواردة وبقيمة 8 ،4 مليارات دولار تلتها مصر بحوالي 5 ،1 مليار دولار ونسبة 1 ،17% ثم المغرب بنسبة 7 ،9% وبقيمة 847 مليون دولار.
وقد أوجدت المديونية الخارجية وما رافقها من تعاظم لدور الشركات المتعددة الجنسية واقعا جديدا يفرض على الدول العربية التعامل معه. ويتجلى هذا الواقع في تراجع مكانة العلاقات بين الحكومات لصالح هذه الشركات والمستثمرين. وهو ما يحتم تعزيز قدرتنا التفاوضية كعرب مع هذه الجهات والبحث عن اللغة التي تفهمها هذه الأطراف بعيدا عن العواطف والصيغ الفارغة. وعناصر هذه اللغة هي حجم السوق المحلية والأداءالاقتصادي والمالي الجيد والمستقر ورأس المال البشري المؤهل بالإضافة للاستقرار السياسي والتشريعات والنظم المحكمة.
وقد أبرزت الدراسة أن هناك ظروفاً وشروطاً متعلقة بالبيئة الدولية وأخرى مرتبطة بأوضاع الدول المدينة تلعب دوراً هاماً في اتساع نطاق المديونية الخارجية للدول العربية، وان هذه العوامل المتشابكة في النظام الدولي المعاصر أدت إلى الدفع بهذه الدول مرغمة إلى سياسات مالية تقود إلى الاستزادة في المديونية والارتماء في أحضان المؤسسات المالية الدولية.
كما أكدت أن مشكلة المديونية تعود في جانب أساسي منها إلى تباطؤ عملية التنمية، وانخفاض معدلات النمو الاقتصادي، وركود الاستثمار، وبالتالي عدم القدرة على بناء جهاز إنتاج قوي ومرن يكون قادراً على خلق مصادر تمويلية.واشارت الدراسة إلى أن التجارب في الوطن العربي أثبتت أن الاستثمارات الأجنبية لم تسهم بصورة حقيقية في رفع مستوى المدخرات، والفائض الاقتصادي القومي بما يمكن هذه الدول المقترضة من التعامل الفعال مع مشكلة ديونها الخارجية، الأمر الذي يجعل الاعتماد على الآخر نوعاً من الحلول التي تؤجل حل المشكلة.
ورأت الدراسة أن أزمة المديونية العربية يمكن علاجها من خلال توسيع مساحة العمل العربي المشترك مع الاستفادة من اتفاقيات منظمة التجارة العالمية وتفعيل اتفاقية التجارة الحرة العربية الكبرى، وتجسيد اتفاقية السوق العربية المشتركة، والتوسع في الاتفاقيات الثنائية لمناطق التجارة الحرة بين الدول العربية. وأكد صندوق النقد العربي في تقرير له حول سياسات وإدارة الدين العام في الدول العربية أن الخبراء والمسؤولين عن قطاع الدين العام في 17 دولة عربية وبعد استعراض تجارب أربع دول عربية هي مصر ولبنان والمغرب والاردن أكدوا أن المديونية العربية لا تمثل أزمة يصعب الخروج منها.
وان مفهوم الدين العام يعني الاقتراض الحكومي الداخلي والخارجي لتغطية عجز موازنتها، كما تقترض الحكومات من الأسواق الدولية أو من المؤسسات الخاصة أو العامة أو الاقليمية أو الدولية ويكون الاقتراض سواء من السوق المحلية أو من الخارج بتكلفة يتحدد مقدارها بسعر الفائدة وحجم الاقتراض وعادة ما يكون حجم الاقتراض بمقدار تمويل العجز في الميزانية.
ولا تكمن المشكلة في الاقتراض بحد ذاته لان جميع الدول بما فيها الدول الصناعية السبع دول مقترضة وانما هوفي حجم المديونية الذي تستطيع كل دولة أن تتحمله . وتم التأكيد على وجود علاقة مترابطة بين سلامة الوضع الاقتصادي في بلد ما وبين مدى قدرة الدولة على الاقتراض بتكاليف معقولة حيث ان تحسن الوضع الاقتصادي يحسن الجدارة الائتمانية ويؤدي بالتالي إلى تخفيض تكلفة الاقتراض وهذا ما يؤدي إلى ضرورة التأكيد على الاصلاحات الاقتصادية وضرورة استمرارها.
|