لا ريب أن الحوافز المادية والمعنوية لها فاعلية جيدة في إذكاء الفكر وصقل الذهن .. وجعلها مع القوى الأصيلة الأخرى في الإنسان السوي، منارة إشعاع، وحقل إمتاع لهذا الشخص أو ذاك.. ولمن يرتبط به في الدائرة الصغيرة كالأهل والأسرة .. إلى الدائرة الأكبر وهي المجتمع .. ثم الدائرة الكبرى وهي الأمة.
والذين يتطلعون بطموح فاعل إلى مردود هذه القوى العقلية والذهنية والفكرية هم كثيرون ولكن الأكثر منهم قلما يتغلبون على هوى النفس التي لا تتجاوز الهين من الفعل وتمتلئ بالتسويف والتأميل وتصبح عوامل شدهم من بداية الطريق إلى نهايته عوامل مكلفة في المداومة على الفعل والصبر والمصابرة عليه إلا لمن وهبه الله قوة الإرادة ذات الاستشراف البعيد لتحقيق الطماح بالكفاح حتى بلوغ الغاية المنشودة.
وبطبيعة الحال فإن النفس المستشرفة لما هو أعلى لن تبقى رهينة للحوافز المادية وحدها .. وإنما هي تنظر إلى هذه الحوافز كمجرد دفع ليس إلا .. أما الدافع الأصيل والحقيقي فهو ما استبطنه العقل وأطّره الفكر واستوعبه الذهن .. بكل الموحيات والمؤثرات التي هي السدو واللحمة لحيوية الإنسان وآماله العريضة.
***
وإذا كان التفوق الدراسي الذي حظيت به فتاتان من أسرة واحدة هي أسرة «الملحم» الكريمة، في الإحساء قد بوأهما القمة في التخرج من المرحلة الثانوية على جميع أهل هذه المرحلة بنسبة 100% «مائة في المائة» وأبارك لهما ولأمثالهما لهذا الإنجاز والتميز فإن ذلك لم يكن مصادفة أو ضربة حظ .. وإنما هو نتيجة طبيعية لما خططتا له ونفذتاه بالحزم والعزم من خلال أسباب عديدة منها:
1 الرغبة الذاتية التنفيذية في الحصول على التفوق والسعي الحثيث لتحقيقه بكل الأسباب والدوافع.
2 ومنها ما ذكرتاه من حرص والدي كل منهما على متابعتهما وتشجيعهما على المذاكرة المستمرة من بداية السنة الدراسية حتى نهايتها عدة ساعات كل يوم «لا تقل عن أربع ساعات».
وهذا عكس ما عليه أغلبية الطلاب والطالبات عندما يحثهم أهلوهم على الجد والاجتهاد وملازمة المذاكرة من بداية الدراسة حتى نهايتها يردون عليهم بمثل هذه العبارة: «هذا شأني وأنا مقتنع بأني سوف أتفوق حتى ولو ما ذاكرت إلا نصف ساعة»..!.
3 ومنها الحضور الذهني أثناء تلقي الدروس وعدم التشاغل بما سواه .
هذه بعض الأسباب الذاتية لعوامل التفوق.
4 أما الحافز المادي الذي ذكرتاه وهو «جائزة الأمير محمد بن فهد للتفوق العلمي» فهو حقا حافز قوي ودافع لمضاعفة الجهد في التحصيل العلمي ولا سيما بالنسبة لذوي الدخل المحدود .. إضافة إلى ما يقترن بالجائزة من السمعة الطيبة، والحضور الإعلامي والشهرة المحمودة للفائز بالجائزة وأهله ومجتمعه.
ولذلك فإن الواجب على المجتمع أن يحمد ويُثني على هؤلاء الأمراء الذين خصصوا هذه الجوائز السنوية للطلاب والطالبات المتفوقين في دراساتهم بجميع المراحل الدراسية. وأن يستزيدهم من هذا العطاء الجميل.
يبقى أن نأمل ونتطلع إلى أن تتسع هذه الحوافز التشجيعية الفاعلة على مستوى جميع الإمارات في جميع مناطق المملكة .. وأن يهب جميع الأمراء الذين لم يقرروا بعد إنشاء مثل هذه الجوائز أن يفعلوا .. فهي لن تكلفهم ماديا كلفة كبيرة ولكنها سوف تعطيهم محبة وتقديرا من أبناء مناطقهم التي يديرونها .. وقبل ذلك وبعده أن يريدوا بها وجه الله والدار الآخرة .. وهذا هو «الرصيد الأسمى والأغلى».. وما أظنهم إلا فاعلون إن شاء الله .
والله لا يضيع أجر من أحسن عملا .. والله المستعان.
الناسوخ: 2088471 |