Tuesday 18th June,200210855العددالثلاثاء 7 ,ربيع الثاني 1423

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

لقاء الثلاثاء لقاء الثلاثاء
أنسوا المنتخب..!
عبدالكريم الجاسر

إذا أردنا ان نعالج إخفاق المنتخب في نهائيات كأس العالم والنتائج المفجعة التي خرجنا بها من المونديال فإن علينا ان ننسى المنتخب حالياً وأن نعمل على معالجة الاسباب التي اوصلت المنتخب والكرة السعودية عموماً لهذا الوضع المخيف.. فالمنتخب اي منتخب هو نتاج لمنظومة متكاملة للكرة في البلد الذي يمثله.. فإذا نجحت الخطط التي تؤسس لهذه الكرة كان طبيعياً ان يكون هناك كرة قوية تنتج منتخباً قوياً..
وإذا نظرنا للكرة السعودية خلال الـ12 سنة الماضية نجد ان المنتخب السعودي وصل لنهائيات كأس العالم 94 في أمريكا وحقق نتائج رائعة صعدت به للدور الثاني كأول منتخب آسيوي يحقق هذا الإنجاز.. وجاء هذا الانجاز بعد مرحلة استقرار عاشتها الكرة السعودية على صعيد المسابقات المحلية التي كانت تسير بشكل قوي ومنظم.
غير ان المرحلة التي تلت ذلك شهدت انحداراً واضحاً في النتائج والمستويات فرغم تأهلنا لكأس العالم 98 في فرنسا الا ان المحصلة النهائية لهذه المشاركة كانت اقل من سابقتها.. ولأننا لم نتلاف السلبيات التي ساهمت في تدهور وتراجع الكرة السعودية في المونديال الماضي فقد جاءت نتائج المنتخب في المونديال الحالي لتعكس واقع الكرة السعودية الحقيقي الذي لم ندركه وتجاهلناه حتى وصل بنا الحال للخروج بأكبر نتيجة في تاريخ دورات كأس العالم الثلاث الماضية.. وبـ12 هدفاً في ثلاث مباريات فقط..
والواقع الذي تحدثنا عنه كثيراً يقول انه لايوجد منتخب قوي ولا لاعبون أكفاء من دون دوري قوي ومنظم ومستقر ومبرمج بطريقة صحيحة كباقي دول العالم فالمسابقات الكروية السعودية الثلاث «كأس الدوري، وكأس ولي العهد، وكأس الأمير فيصل بن فهد» لم تستطع اللجان الفنية باتحاد الكرة ان تضع لها البرنامج الزمني الذي يساهم في تنظيم مسابقات كروية مفيدة وصحيحة وان تمنحها الوقت الزمني الذي يتيح للأندية الاستفادة منها واعداد فرقها وفقاً لهذه المسابقات.
فأصبحت مسابقة كأس الأمير فيصل بن فهد تنفذ في فترة مقاربة أو مساوية للفترة الزمنية المخصصة للدوري وهو المسابقة الأساسية في جميع دول العالم.. في حين تنفذ مسابقة كأس سمو ولي العهد في فترة اربعة اسابيع تقتطع من وقت الدوري ليصبح الموسم في مجمله خمسة اشهر تقريباً تلعب خلاله الفرق المسابقات المحلية والخارجية ومشاركات المنتخب وغيرها من المعسكرات.. فضلاً عن الفوضى الفنية التي تبعد لاعبي المنتخب عن انديتهم وعن اجواء المنافسات والمباريات وتخضعهم لمعسكرات تدريبية طويلة اثبتت التجارب ان اضرارها اكبر من فوائدها..
فعلى سبيل المثال فان اللاعبين الدوليين هذا الموسم خضعوا لبرنامج هو الاغرب في العالم فتارة يزجون في معسكرات طويلة للتدريب ولعب مباريات ضعيفة جداً.. وتارة يمنحون اجازات للراحة.. وتارة يعادون لأنديتهم لفترة قصيرة وتشهد ضغط جميع المباريات لأنهاء الموسم بأي شكل وكيفما اتفق.. دون ان يراعى في ذلك اي اسس فنية من حيث استقرار اداء اللاعب طوال الموسم والمحافظة على جاهزيته فنياً وبدنياً ونفسياً كما يحدث لجميع لاعبي العالم.. فاللاعب الذي يلعب بشكل منتظم طوال عشرة او ثمانية اشهر سيكون في النهاية قادراً على افادة منتخب بلاده وتطوير مستواه والاستفادة الفعلية من التدريبات التي يشرف عليها في معظم الاندية مدربون اكفاء..
أما اللاعب السعودي فإنه لايملك الفرصة ليتدرب جيداً فهو من مباراة الى اخرى ومن مسابقة الى اخرى والمدربون لايملكون الوقت لتطبيق برامجهم التدريبية كما يجب فالموسم خمسة او ستة اشهر بما فيها من توقف للمناسبات وبقية الموسم اجازة طويلة تفوق الاجازات التي تمنح لمعظم لاعبي العالم وهي التي تفصل بين نهاية الموسم وبدايته وفي الغالب فهي لاتتجاوز الـ40 يوماً..
** أما على صعيد الشباب والناشئين فإن أي نوع من العمل المنظم والمخطط فهو معدوم تماماً.. والدليل ابتعاد المنتخبات السعودية منذ ثماني سنوات او اكثر عن التأهل لنهائيات كأس آسيا او العالم حيث يخرجون في التصفيات التمهيدية.. وهو ما أضر بالمنتخب الأول والأنديةوحرمها من المواهب المتدرجة في المراحل السنية لتصل لقمة النضج الفني عند الانتقال للفريق الاول..
هذه الفوضى التنظيمية والفنية وعدم قدرة اللجان الفنية على تقديم عمل يسهم في تطوير الكرة السعودية اوصلنا للوضع الحالي الذي نعيشه.. ولأننا لانملك المرونة الكافية في التعامل مع الواقع فقد اصررنا على استمرار العديد من السلبيات ووقفنا امامها موقفاً سلبياً رغم وضوح اهمية الحاجة لتدخل حاسم.. وأعني بذلك نظام الدوري الذي اثبتت المواسم الماضية فشله وتأثيره المباشر في انخفاض مستوى الكرة السعودية حين انحصرت المنافسة على فرق المربع الذهبي لتصبح بقية الفرق تكملة عدد لا تعدو مشاركتها في الموسم سوى تأدية واجب.. فنظام النقاط الذي يطبق في جميع دول العالم ويحفز جميع الفرق ويوسع المنافسة بين الجميع لاوجود له في الدوري السعودي فابتعدت الاثارة والمنافسة والجماهير ووجدت فقط في ثلاث او اربع مباريات في نهاية الموسم.. كانت سلبياتها اكثر من ايجابياتها حين تجاوزت المنافسة الرياضية الى ماهو أكبر وأعمق وأشد تأثيراً..
** ولذلك يجب ان ننظر لهذه الامور الاساسية بجدية واهتمام إذا ما أردنا ان نعيد ترتيب الكرة السعودية لنواصل انطلاقتها على اسس صحيحة وخطط طويلة الأجل افتقدناها خلال العقد الماضي..
هذا في تصوري أهم العوامل التي يجب ان نعالجها لنجني بعد ذلك نتائج التنظيم والتخطيط على صعيد المنتخب فمسابقة كأس الأمير فيصل يجب ان تخصص لفئة تحت 21 أو 23 سنة ومسابقة الدوري تعود لوضعها السابق بالنقاط وتبدأ في نهاية شهر أغسطس كما يحدث في جميع دول العالم وان تتم برمجة مبارياتها طوال سبعة او ثمانية اشهر واقع مباراة كل اسبوع لكل فريق.. وان تمنح الوقت الكافي لأهم مسابقة وهي المقياس الحقيقي لتطور الكرة في كل البلدان..
أما إذا ما عملنا على معالجة إخفاق المونديال بالتغييرات المعتادة في الاجهزة الفنية والادارية للمنتخب وابعاد لاعبين وضم اخرين فهذا يعني ان نعمل بالمسكنات ولن نستفيد من اي تغيير من هذا النوع مهما كان حجمه لأن الأساس يجب ان يصحح لنجني ثمرته بعد سنوات..

 

[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved