استبقت إسرائيل إعلان التحرك الأمريكي الجديد تجاه التسوية ببناء ما تسميه الجدار الأمني كأنها تطرح رأيها مباشرة في رفضها قيام الدولة الفلسطينية حيث تفيد التوقعات أن البيان الأمريكي يتمحور حول قيام دولتين فلسطينية واسرائيلية.
والمرحلة الأولى من السور الاسرائيلي التي تمتد 115 كلم تستهدف تحقيق عدة أهداف في آن واحد، فهي تقطع أوصال الأراضي الفلسطينية وتضم جزءاً من الأراضي التي تقع حاليا تحت سيطرة السلطة الفلسطينية إلى اسرائيل وهي بذلك كأنها ترسم حدود الدولة الفلسطينية بهذه الصورة المنقوصة والمشوّهة..
وعلى الرغم من هذا التعدي الواضح على المزيد من الأراضي الفلسطينية فقد أثار بناء الجدار حفيظة المتطرفين الصهاينة الذين رأوا فيه حدوداً للدولة الفلسطينية مشيرين إلى خطورة ما يحدث باعتبار أن المطلوب ضم المزيد من الأراضي الفلسطينية وليس فقط تلك التي أتى عليها السور..
وفي ظل التراخي الدولي تجاه اسرائيل فإن حكومة شارون تفعل على الدوام ما يحلو لها وما ترى أنه يحقق المزيد من السيطرة على الفلسطينيين من خلال القمع والإجراءات الجائرة بما فيها تقطيع أوصال الأراضي الفلسطينية وعزلها في شكل «كانتونات» تشبه تلك التي كانت سائدة أيام الفصل العنصري في جنوب افريقيا.
ويحدث كل ذلك فيما ينتظر الجميع الإعلان الجديد من واشنطن الذي سيحدد استراتيجيتها بشأن السلام في المنطقة بالتركيز على قيام دولتين فلسطينية واسرائيلية، غير أن تصريحات أركان الإدارة الأمريكية تشجع بشكل عام على الممارسات الاسرائيلية وأعمال القرصنة التي تقوم بها اسرائيل، فمستشارة الأمن القومي في واشنطن قالت أول أمس إن السلطة الفلسطينية لا يمكن أن تشكل أساساً للدولة الفلسطينية وتدعم مثل هذه التصريحات مواقف شارون تجاه عرفات وسعيه المستمر لإقصائه ومن ثم إباحته لنفسه حمل القانون بيده لتنفيذ ما يراه من استهداف عرفات وحصاره بل والتلميح إلى إمكانية تصفيته إلى جانب سلسلة من السياسات غير المواتية للسلام ومنها بناء هذا الجدار العنصري.
|