Tuesday 18th June,200210855العددالثلاثاء 7 ,ربيع الثاني 1423

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

نوافذ نوافذ
إنها لندن يا عزيزي
أميمة الخميس

ترتبط روايات الروائية اللبنانية «حنان الشيخ» بالمكان وانعكاساته على أجوائها الروائية بصورة واضحة.
فهي في روايتها حكاية زهرة كانت تنزف أجواء الحرب اللبنانية في بيروت، وتحكي عن بيروت عندما توحشت والتهمت أبناءها في حرب شرسة استمرت ستة عشر عاما.
ومن ثم يلي ذلك روايتها «مسك الغزال» التي صوَّرت من خلالها الأجواء الخليجية ولكن بصورة خارجية وفوقية، من خلال رؤية لبنانية قدمت الى الخليج وعاشت فيه، ولكنها لم تستطع الوصول الى تفاصيله الخفية ونسيجه السري فاكتفت بروايتها بالتصوير الخارجي الذي يعتمد على الحكايات واشاعات النسوة، فجاءت الرواية شيئاً فجاً يشبه تفاصيل ألف ليلة وليلة، حيث الاعتماد الكلي على التصور النمطي السائد عن الخليج دون القدرة على الوصول الى نبضه الحقيقي.
وقد ظهر لها عدد من مجموعات القصص القصيرة منها «اكنس الشمس عن السطوح» الى ان أصدرت العام الماضي روايتها «إنها لندن يا عزيزي».
وعلى الرغم من توسل «حنان الشيخ» للمكان كمدخل واطار روائي لها تماماً كروايتيها السابقتين، إلا ان البنيان الروائي في روايتها الأخيرة يقدم تجاوزاً واضحاً وملموساً على مستوى الطرح والسيطرة على الشخصيات والسياق واحتدام ارتطام الشرق بالغرب.
فالرواية تدور حول مجموعة من الركاب العرب يستقلون طائرة في طريقها الى لندن قادمة من الخليج، وهم لميس اللاجئة العراقية، وسمير الذي يمارس أعمالاً مشبوهة، وامرأة من المغرب العربي غير منضبطة أخلاقياً تتقمص دور أميرة خليجية، وأخيراً نيقولاس رجل الأعمال الانجليزي الشغوف بالشرق وسحره ومقتنياته.
ومن خلال الشخصيات السابقة تحاول حنان الشيخ ان تبرز المأزق الشخصي لأبطالها من خلال غربتهم وعلاقتهم بلندن وبالجالية المغتربة هناك.
وتظهر الحرفية والتميّز من خلال شخصيات متوهجة نابضة تشع حياة وعذاباً وألماً وحنيناً الى الوطن، تلك الشخصيات التي تسوقنا الى النهاية بساعات قلائل.
وتتميز اشكالية العلاقة بين الشرق والغرب من خلال علاقة لميس المهاجرة العراقية بنيقولاس التاجر الانجليزي، حيث كان الأمر يتطلب مد عدد لا متناهٍ من الجسور الثقافية والتاريخية والنفسية للوصول الى نقطة تواصل، ولكن المفارقة هنا تعجز لندن باتساعها وحريتها وتقبلها للآخر المختلف عن الوصول بهما الى نهاية الزواج حيث لا يتم التقاؤهما النهائي إلا من خلال الشرق، وكأن الرواية تخبرنا بأن الشرقيين كالأسماك التي إذا غادرت مياهها الاقليمية تجف وتموت.
أما في تصويرها لشخصية أميرة «المغربية» التي تتقمص دور أميرة خليجية فتعود حنان الشيخ الى نفس التنميط المعهود عن الخليج وأهله، حيث الكثير من الأموال والقليل من الوعي والحذر مع ميل الى تصديق المخادعين والمحتالين بصورة فورية، ويبدو ان هذه الصورة «الستريو تايب» ستظل تطارد الخليج وأهله لآماد طويلة ومن العالم العربي قبل العالم الخارجي.
الرواية محتشدة بالشخصيات والتواريخ والأحزان ويتسيّد المكان بطولة كل هذا، في رواية تقدم نقلة مهمة في نتاج حنان الشيخ الابداعي، تجاوزت فيها جميع مناطق الضعف والخلل في رواياتها السابقة.
إنها لندن يا عزيزي.. رواية تحاول ان تصنع عجينتها بأنين المغتربين وأحلامهم ورعبهم من المكان؟؟ من خلال قلم المرأة الحساس الدقيق الفضولي والمتقصي لطبيعة النسيج الاجتماعي لعرب لندن

 

[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved