Tuesday 18th June,200210855العددالثلاثاء 7 ,ربيع الثاني 1423

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

قصة قصيرة قصة قصيرة
اختباء
فردوس أبو القاسم

في العاشرة لفت أمي جسدي الصغير بوشاح اطول مني.
دثرتني بعباءة سوداء،، أخفتني عن أعين الحراس،،
أكبرتني في أعين الناس
أوصتني أن ألتزم الصمت.. وأن أكبر لبعض الوقت.
حاولت ان تضيف الى عمري عشرات السنين
ولتزيد أنوثتي المزعومة لبعض الوقت ألبستني حذاءً محشواً بالفلِّين لأزداد طولاً
ودفعت اليَّ بحقيقتها السوداء المكتظة
ولكن،،
تقدمتني بخطواتها الكبيرة والواثقة بأن هذا الحارس الجاثم أمام بوابة زيارات المرضى لن يلحظ كعبي المزعوم.. او حقيبتي المكتظة بالحلوى لجدتي المريضة التي تقبع في الدور الثاني.
بل لن يلحظ خطواتي الطفولية تلك المتعثرة.
وصايا أمي تربكني وزخات نظرات الحارس تقلقني هل أكبر حيناً واصغر حيناً؟؟
خانة الاختباء التي وضعتني فيها والدتي حاصرتني دون ان تشفع لتوسلاتي الطفولية بأن أبقى حيث أنا..
عند نقطة الالتقاء لم تتمكن خطواتي الطفولية من العبور،، فتدحرجت مع أسئلتي التي طارت بجناحيها!!.
هناك حاولت أن أعرف الى أي مدى تمكنت من تنفيذ وصايا أمي، ونجاحي بأن أكون كبيرة،
هل نجحت يا أمي في الاختباء؟؟
تبسمت أمي علامة القبول،، صفقت فسقطت الحقيبة وتعثرت عند أول خطوة بعد شكوك الحارس ولوحت طفولتي بتلك الضحكة المعصورة من ألم، بعد تلك الضحكة المفجعة،، لم تحملني قدماي فقد أوصى الطبيب ان ابقى في المستشفى لبضع اسابيع لمعالجة كسر مضاعف جراء تعثري بعباءة وحذاء مرتفع.. لم ترضخا للاختباء.

 

[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved