كتبها - مروان عمر قصاص
عندما بعث الله جلت قدرته نبيه ورسوله سيدنا محمد بن عبدالله صلى الله عليه وسلم لهداية الناس الى دين الحق وعبادته عز وجل كانت بعثته في مكة المكرمة، حيث أدى ما أمره به الله وقد عانى الكثير من مشركي مكة حتى فرج الله عنه بعد الشدة والعسر حيث أذن له بالهجرة الى المدينة المنورة وقد رأى الرسول صلى الله عليه وسلم هذه المدينة في منامه حيث رأى أنها أرض بها نخل وسبخة وسط حرتين وكانت الهجرة العظيمة والنقلة الهامة في مسيرة الاسلام حيث ان هذه المدينة الطاهرة هي دار الايمان والسلام ومهاجر رسول الله وقد اختارها الله لنبيه وخصها بالعديد من الخصائص وقد أوردت العديد من الكتب والدراسات الكثير من المميزات والفضائل التي تميزت بها هذه المدينة المباركة وفي هذه المدينة تقع على مقربة من المسجد النبوي الشريف مقبرة اهالي المدينة المنورة منذ عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فضائل المدينة المنورة
لقد خص الله عز وجل المدينة المنورة بخصائص عديدة كما أنها تتميز بفضائل منها إنها تحتل مكانة جليلة بين مدن العالم الاسلامي، ولها قدسيتها وخصوصيتها في قلوب المسلمين، فهي دار الهجرة، ومهبط الوحي ومثوى رسول الله صلى الله عليه وسلم وفيها مسجده الشريف وهي دار المجتمع الاسلامي الاول ومنطلق الجيوش الاسلامية الفاتحة وهي سيدة البلدان وعاصمة الاسلام الاولى، تجتمع فيها معالم تاريخية ومعان ايمانية جمة وتملأ أمجادها وفضائلها الاسماع والابصار وقد ورد في فضلها أحاديث نبوية كثيرة تبين جوانب هذه الفضائل. اهتم بجمعها مدونو الحديث الشريف، وجعلها بعضهم في باب مستقل من مصنفاته ومنها: كتب الصحاح الستة - المسانيد - المعجم الكبير - معجم الزوائد - الطبقات الكبرى - كتب التاريخ الاسلامية، وفاء الوفا للسمهودي.. وغيرها.
واهتم بعض الكتاب قديماً وحديثا بهذا الموضوع فصنفوا فيه كتباً مستقلة ومنها:
- فضائل المدينة المنورة لأبي سعيد المفصل بن محمد الجندي المتوفى سنة 308هـ.
- فضائل المدينة المنورة لأبي محمد القاسم بن علي بن الحسن بن عساكر المتوفى سنة 600هـ.
- الدلائل المبينة في فضائل المدينة لابي الحسين يحيى بن علي العطار المتوفى سنة 662هـ.
- أربعون حديثا في فضائل المدينة المنورة لمحمد بن احمد الشاذلي جمعها سنة 1170هـ.
-فضائل المدينة المنورة للإمام محمد بن يوسف الصالحي الدمشقي المتوفى 942هـ.
- فضائل المدينة المنورة 3 أجزاء د. خليل ابراهيم ملا خاطر 1413هـ.
- فضائل سيدة البلدان عبدالفتاح جميل بري 1413هـ.
- الاحاديث الواردة في فضائل المدينة المنورة د. صالح بن حامد الرفاعي (ط2) 1415هـ.
وسوف نعرض فيما يلي جملة من الاحاديث النبوية التي تبين فضائل المدينة المنورة وفضائل العيش فيها وخصائص بعض البقاع فيها وفي مقدمتها المسجد النبوي ثم مسجد قباء ثم بقيع الغرقد.. الخ.
- عن عبدالله بن زيد عن النبي قال: «ان ابراهيم حرم مكة، ،ودعا لها وحرمت المدينة كما حرم ابراهيم مكة ودعوت لها في مدها وصاعها مثل ما دعا ابراهيم عليه السلام لمكة».
- عن سعد بن أبي وقاص ان رسول الله قال: (من أخذتموه يقطع من الشجر شيئا - يعني شجر الحرم - فلكم سلبه لا يعضد) فرأى سعد غلماناً يقطعون، فأخذ متاعهم، فانتهوا الى مواليهم فأخبروهم ان سعداً فعل كذا وكذا فأتوه فقالوا: يا ابا اسحاق ان غلمانك أو مواليك أخذوا متاع غلماننا فقال: بل أنا أخذته سمعت رسول الله يقول: (من أخذتموه يقطع من شجر الحرم فلكم سلبه) ولكن سلوني من مالي ما شئتم.
- عن سهل بن حنيف رضي الله عنهما قال: أهوى رسول الله بيده الى المدينة فقال: (إنها حرم آمن).
- وفي رواية (انها حرام آمن، إنها حرام آمن).
- عن أبي هريرة عن النبي قال: (المدينة حرم، فمن أحدث فيها حدثاً أو آوى محدثاً فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين لا يقبل منه عدل ولا صرف وذمة المسلمين واحدة يسعى بها أدناهم فمن أخفر مسلماً فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين لا يقبل منه يوم القيامة عدل ولا صرف).
- سئل أنس بن مالك: أحرَّم رسول الله المدينة؟ قال: نعم هي حرام، لا يختلى خلاها، فمن فعل ذلك فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين.
- عن أبي أيوب الأنصاري، انه وجد غلمانا قد ألجأوا ثعلباً الى زاوية فطردهم عنه. قال مالك: لاأعلم الا أنه قال: أفي حرم رسول الله يصنع هذا؟
- عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله: (لكل نبي حرم، وحرمي المدينة).
زاد الامام احمد: (اللهم إني احرمها بحُرَمك، أن لا يؤوى فيها محدث، ولا يختلى خلاها ولا يعضد شوكها ولا تؤخذ لقطتها إلا لمنشد).
- عن أبي هريرة، ان رسول الله قال: (ان ابراهيم حرم مكة ،اني أحرم المدينة بمثل ما حرم) قال: (ونهى النبي أن يعضد شجرها او يخبط أو يؤخذ طيرها).
- عن ابن عباس رضي الله عنهما انه سمع النبي يقول: (اللهم اني حرمت المدينة بما حرمت به مكة).
- عن ابي هريرة انه كان يقول: لو رأيت الظباء بالمدينة ترتع ما ذعرتها، قال رسول الله: (ما بين لا بتيها حرام).
وفي رواية أخرى زاد بعد قول النبي (لا يعضد شجرها ولا ينفر صيدها) وليس فيه أو الحديث 182، فضائل المدينة للجندي 44 و47 شرح معاني الآثار 4/193 ابن حبان 6/25.
- عن أنس بن مالك قال: خرجت مع رسول الله الى خيبر أخدمه فلما قدم النبي راجعاً وبدا له أحد قال: (هذا جبل يحبنا ونحبه) ثم اشار بيده الى المدينة: (اللهم اني احرم ما بين لابتيها كتحريم ابراهيم مكة اللهم بارك في صاعنا ومدنا).
- عن أبي هريرة: ان النبي صلى الله عليه وسلم قال: (حُرم ما بين لابتي المدينة على لساني) قال: وأتى النبي صلى الله عليه وسلم بني حارثة فقال: (أراكم يا بني حارثة خرجتم من الحرم) ثم التفت فقال: (بل أنتم فيه).
وقد أنزل الله فيها البركات وأفاض عليها ربنا الطيبات وعندما قدم اليها الرسول صلى الله عليه وسلم كانت أرضا تنتشر فيها الاوبئة فمرض بعض الصحابة فقال الرسول (اللهم صححها لنا وانقل حماها الى الجحفة) وقال ابن حجر فعادت المدينة أصح بلاد الله والبركة فيها مضاعفة ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم (اللهم بارك لنا في قليلنا وكثيرنا واجعل مع البركة بركتين) كما قال عليه الصلاة والسلام (اللهم اجعل في المدينة ضعفي ما بمكة من البركة).
وهذه المدينة محفوفة بالرعاية محفوفة بحفظ الله بالملائكة يدفعون عنها شرور الاعداء، لا يدخلها الدجال ولا رعب الدجال.
فضائل العيش في
المدينة المنورة
وللمدينة والعيش فيها
فضل كبير..
- عن سعد بن أبي وقاص ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إني أحرم ما بين لابتي المدينة: أن يقطع عضاها، أو يقتل صيدها» وقال: «المدينة خير لهم لو كانوا يعلمون، لا يدعها احد رغبة عنها الا أبدل الله فيها من هو خير منه، ولا يثبت أحد على لأوائها وجهدها الا كنت له شفيعاً أو شهيداً يوم القيامة».
- عن أبي هريرة ان رسول الله قال: «يأتي على الناس زمان يدعو الرجل ابن عمه وقريبه: هلهم الى الرخا، هلم الى الرخاء والمدينة خير لهم لو كانوا يعلمون، والذي نفسي بيده لايخرج منهم احد رغبة عنها إلا أخلف الله فيها خيراً منه، ألا إن المدنية كالكير، تخرج الخبيث، لا تقوم الساعة حتى تنفي المدينة شرارها كما ينفي الكير خبث الحديد).
- عن أبي هريرة قال: قال رسول الله: (لا يخرج منها أحد - يعني المدينة - رغبة عنها الا أبدلها الله ما هو خير لها منه، والمدينة خير لهم لو كانوا يعلمون).
وفي رواية: (إلا أخلف الله فيها خيراً منه) 6/19. وهو عند أبي يعلي بزيادة في أوله: (لا يصبر على لأوائها وجهدها الا كنت له شفيعاً أو شهيداً يوم القيامة) 10/341.
وفي رواية بلفظ: (يخرج من المدينة رجال رغبة عنها، والمدينة خير لهم لو كانوا يعلمون).
وفي رواية لعروة بن الزبير عن النبي بلفظ: (لا يخرج أحد من المدينة رغبة عنها الا أبدلها الله خيراً منه).
- عن ابي هريرة قال: قال رسول الله: (تفتح الارياف فيأتي ناس الى معارفهم فيذهبون معهم والمدنية خير لهم لو كانوا يعلمون) قالها مرتين.
- عن ابي أسيد الساعدي قال: كنا مع رسول الله على قبر حمزة فجعلوا يجرون النمرة على وجهه فينكشف قدماه ويجرونها على قدميه فينكشف وجهه، فقال رسول الله : (اجعلوها على وجهه واجعلوا على قدميه من هذا الشجر) قال فرفع رسول الله رأسه فإذا اصحابه يبكون فقال رسول الله: (إنه يأتي على الناس زمان يخرجون الى الارياف والمدينة خير لهم لو كانوا يعلمون لا يصبر على لأوائها وشدتها احد الا كنت له شفيعاً أو شهيداً يوم القيامة).
مساجد مشهورة بالمدينة
تشتهر المدينة المنورة بوجود العديد من المساجد الاثرية والتاريخية منها مسجد قباء ومسجد القبلتين ومسجد الميقات ومسجد الجمعة ومسجد سيدنا عثمان ومسجد سيدنا عمر وغير ذلك من المساجد وسوف نتطرق لبعضها ومنها.
مسجد قباء
* ويقول رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديث صحيح (من تطهر في بيته ثم أتى مسجد قباء فصلى فيه ركعتين كان أجر عمرة)، وقد شارك الرسول كما يقال في عمارته حيث كان عليه السلام ينقل بنفسه الحجر والصخر والتراب مع الصحابة رضي الله عنهم وقد شهد هذا المسجد على مر التاريخ العديد من مشروعات التوسعة وكانت أول التوسعات في عهد الخليفة الراشد/ عثمان بن عفان رضي الله عنه كما جدد عمر بن عبدالعزيز الذي كان واليا على المدينة المنورة عمارته في عهد الخليفة الوليد بن عبدالملك الأموى وأنشأ مئذنة للمسجد وتوالت عليه توسعات عديدة.
التوسعة السعوديةوقد كان للدولة السعودية جهود موفقة في تطوير هذا المسجد وتجديد عمارته وكانت توسعة خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز - حفظه الله - الأكبر في اطار اهتماماته بعمارة المساجد حيث نفذت أكبر توسعة للمسجد حيث بلغت النسبة في التوسعة أكثر من 500% فقد كانت مساحة المسجد قبل التوسعة الفهدية (1352) مترامربعاَ وأصبحت بعد التوسعة حوالي (7465) مترامربعاً ويجد الناظر لعمارة المسجد أفضل تجسيد للعمارة الاسلامية حيث تعتلي المسجد (56) قبة متفاوتة الارتفاع قطر كل منها (30 ،5) متر الى جانب ست قباب كبيرة قطر كل منها (12) مترا بارتفاع تتراوح ما بين 30 و24 و30 و18 مترا وترتفع فوق المسجد أربع مآذن ارتفاع كل منها (42) مترا، وقد تم تكييف المسجد بالكامل وتمت تكسية حوائطه بارتفاع (6 ،3) أمتار بالجرانيت المزخرف كما تم رصف أرضيات الصحن المكشوف بالرخام والجرانيت المزخرف فيما تغطي الجزء المكشوف خيمة كهربائية كبيرة، كما أشتمل مشروع التوسعة على ملاحق خاصة بدورات المياه للرجال والسيدات تبلغ مساحتها مجتمعة (857) مترا مربعاً.
مسجد ذي الحليفة
وهذا المسجد يقع في ضاحية آبار علي غرب المدينة المنورة وهو أحد مواقيت الاحرام بالحج والعمرة يرتاده الحجاج والمعتمرون لعقد نية الاحرام.
وقد شهدت كافة مواقيت الاحرام في عهد خادم الحرمين الشريفين مشروعات عملاقة لتطويرها وتجديد عمارتها ومنها الميقات المسمى بميقات ذي الحليفة أو آبار علي، حيث نفذت توسعة هذا المسجد بشكل معماري منبثق من فن العمارة الاسلامية كما جاءت عمارته مواكبة للبيئة المحيطة بموقع المسجد حيث أشتمل مشروع التوسعة على توفير عدة ساحات محيطة بالمسجد تمت زراعتها بأشجار النخيل التي تجسد بيئة آبار علي حيث يقع المسجد، وتبلغ مساحة المسجد حوالي 6000 متر مربع وتم تنفيذه على شكل مربع طول ضلعه (77) مترا كما يشتمل على جزء داخلي مكشوف مساحته (1000) مترمربع وتبلغ الطاقة الاستيعابية للمسجد الآن أكثر من 5000 مصل ومما يجدر ذكره هنا ان المساحة الكلية للمشروع بمكوناته وهي المسجد والملحقات التابعة له والخدمات المساندة والساحات المحيطة به تبلغ 90 الف متر مربع منها 26 الف متر مربع للمسجد وملحقاته و64 الف متر مربع مساحة الطرق والارصفة والمواقف والخدمات ويتكون المسجد من سلسلة صفوف من الأروقة مرتبة على التوالي ومحمولة على أعمدة ضخمة وتغطي هذه الاروقة قباب طولية وارتفاع هذه الأروقة (16) متراً من مستوى الأرض، ويضم هذا المشروع وحدات يتميز بها كونه أحد المواقيت وهي وحدات خاصة للاحرام والوضوء ودورات المياه والتي تتكون من مجموعتين مساحة كل مجموعة (3900) مترامربعاً واشتمل المشروع على مواقف للحافلات تستوعب (80) حافلة كبيرة في آن معا و(20) حافلة صغيرة ومواقف للسيارات الصغيرة.
مسجد القبلتين
* ، وكانت عمارة هذا المسجد في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم من الحجر واللبن وجذوع النخيل والجريد وقد جدد بناء هذا المسجد في عهد عمر بن عبدالعزيز وشهد العديد من أعمال التوسعة على مر العصور.
وفي العهد السعودي الزاهر شهد هذا المسجد اهتماماً كبيراً حيث بادر الملك عبدالعزيز رحمه الله وأمر بتجديد عمارته وتوسعته وجعل له مئذنة وكان بطول تسعة أمتار وعرض أربعة أمتار ونصف كما حظي المسجد باهتمامات من خادم الحرمين الشريفين حفظه الله الذي أعاد عمارته بحلة جديدة مع توسعته بمقدار تسع مرات حيث كانت مساحته (425) مترامربعاً قبل التوسعة لتصبح مساحته (3920) مترامربعاً ويشتمل المسجد بعد التوسعة على قاعة للصلاة مساحتها (1190) مترامربعاً تتسع لأكثر من (2000) مصلى اضافة الى جزء مخصص للسيدات مساحته (400) مترمربع اضافة الى الخدمات المساندة مثل دورات المياه والمواقف المخصصة للسيارات.
مسجد الغمامة (المصلى)
يقع مسجد المصلى في الجهة الغربية الجنوبية للمسجد النبوي الشريف على بعد 500م من باب السلام وكان هذا المكان آخر المواضع التي صلى بها الرسول صلى الله عليه وسلم صلاة العيد. وسمي بالغمامة لما يقال من أن غمامة حجبت الشمس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم عند صلاته كما انه مصلى العيد في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم.
مسجد الإجابة
بني هذا المسجد في عهد رسول الله بنو معاوية بن مالك بن عوف الأوسيون، وسمي باسمهم مسجد بني معاوية أما اسمه الحالي فيقال انه تغير لأن رسول الله صلى فيه ركعتين ثم سأل الله أموراً معينة، ففي صحيح مسلم أن رسول الله أقبل ذات يوم من العالية حتى إذا مر بمسجد بني معاوية دخل فركع ركعتين وصلينا معه ودعا ربه طويلاً ثم انصرف الينا، وقال: (سألت ربي ثلاثاً، فأعطاني اثنتين ومنعني واحدة، سألته أن لا يهلك أمتي بالسنة، وسألته أن لا يهلك أمتي بالغرق، فأعطانيها، وسألته أن لا يجعل بأسهم بينهم، فمنعنيها) والسنة بفتح السين هي القحط.
المعالم الحضارية
تميزت المدينة المنورة على مر التاريخ بالعديد من المعالم الحضارية التي تؤكد ان هذه المدنية عاصمة كبيرة منذ فجر التاريخ نطراً لمكانتها ولما تحتضنه من أماكن مقدسة جعلتها محل نظر الكثيرين وموقع يتمنى الكثيرون الحياة فيه ونيل البركة العظيمة التي تتميز بها هذه المدينة وقد حظيت هذه المدينة باهتمام الولاة والأمراء الذين تشرفوا بخدمتها وكانوا يحرصون على توفير كل ما من شأنه خدمة أهالي هذه المدينة التي حظيت برعاية وعناية فائقة خلال العهد السعودي الميمون منذ تأسيس هذا الكيان العظيم المملكة العربية السعودية على يد الملك المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود رحمه الله مروراً بالملوك أبناء هذا المؤسس الذين أكملوا ما بدأه المؤسس وكان عهد خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز - حفظه الله - مفصليا في إحداث نقلة كبيرة بكل المقاييس لأنها شملت العديد من المجالات حتى أصبحت المدينة المنورة مدينة عصرية كبيرة وعاصمة من العواصم الاسلامية العملاقة.
معالم المدينة المنورة
تحتضن المدينة المنورة العديد من المعالم التي تقف شواهد بارزة على عظمة هذه المدينة وتاريخها العريق ومن أبرز هذه المعالم.
العين الزرقاء
وهي العين التي تشرب منها المدينة المنورة منذ سنين عديدة واسمها الأصلي عين الأزرق وهي قناة مائية تجري تحت الارض أنشأها مروان بن الحكم عندما كان أميراً على المدينة المنورة بأمر الخليفة معاوية بن أبي سفيان وكان مروان أزرق العينين فنسبت القناة اليه وأصلها من بئر الازرق وهي بئر واسعة الارجاء عذبة الماء في بستان قرب مسجد قباء وتسير القناة شمالا نحو المدينة في مجرى مغطى له فتحات يسقى منها تسمى الدبول وهي على نوعين: نوع يشبه فتحة البئر ويستقي منها بالحبال والدلاء ونوع يتزل الى المجرى عبر درج حجري ليستقى منه.
وفي العهد السعودي اهتم الملك عبدالعزيز بها وأمر بتشكيل هيئة خاصة لادارتها سميت (لجنة العين الزرقاء) وصارت ادارة حكومية وأجريت مياهها في انابيب معدنية لحفظ المياه من التلوث ثم أوصلت الى البيوت وعندما حصلت الطفرة العمرانية وتوسعت المدينة توسعاً كبيراً لم تعد مياه العين كافية فأنشئت مصلحة المياه وغذيت الشبكة بموارد جديدة ثم حلت مياه البحر المحلاة مكانها وتبقى للعين الزرقاء ذكريات أربعة عشر قرنا كانت خلالها تسقي أهل المدينة وزوارها بالمياه العذبة.
ثنية الوداع
موقع تاريخي يقع على مدخل المدينة ويدل اسمها على أنها كانت مكانا لتوديع المسافرين منها الى مكة أو الى الشام لذلك توجد ثنيتان احداهما على طريق الشام قرب رابية صغيرة أقيم عندها مسجد صغير ثم أزيل وأزيلت الرابية ضمن مشروع تخطيط الطرقات والثانية على طريق مكة وهذه الثنية أيضا هي المذكورة في الشعر الذي ترويه بعض كتب السيرة وتقرر ان فتيات من الأنصار استقبلن به رسول الله صلى الله عليه وسلم قائلات:
طلع البدر علينا من ثنيات الوداع
وجب الشكر علينا من دعا لله داع
وأغلب الظن ان هذه الرواية متأخرة وليس في كتب الحديث الصحيح ما يعضدها وقد دخلت هذه الثنية في شوارع المدينة بعد توسعها.
الغابة
موضع يقع في الشمال الغربي من المدينة المنورة كانت أرضاً سبخة تنمو فيها شجيرات من الأثل والطرفاء ولكثافة الأشجار فيها أطلق عليها اسم الغابة منذ القديم وقد ورد ذكرها في بعض الأحاديث النبوية.
وظلت كذلك الى منتصف القرن الماضي حيث زارها عبدالقدوس الأنصاري ورفاقه وكانت ذلك الوقت موطناً لبعض الوحوش مثل السباع والنمور وتروي بعض المصادر ان الزبير بن العوام اشتراها واستطلح قسما منها وأنشأ فبها بركة كبيرة تتجمع فيها المياه ومازالت المنطقة تعرف باسم البركة أو بركة الزبير وفي عصرنا الحاضر لم يبق فيها سوى بعض الاشجار وتحولت بقيتها الى مزارع أو أراضي تنتظر ان يغزوها العمران كما أنها منتزها بريا لاهالي المدينة المنورة.
ومن المعالم المعروفة بالمدينة المنورة نجد العديد من المعالم ومنها:
جبل أحد
اشتهرت المدينة المنورة بالعديد من الجبال التي جاء ذكر بعضها في الاحاديث النبوية الشريقة ومنها جبل أحد وجبل سلع وجبل سليع وغيرها ومن هذه الجبال جبل احد وهو من اهم المعالم الطبيعية في المدينة المنورة ويمتد أحد كسلسلة جبلية من الشرق الى الغرب ومع ميل نحو الشمال في الجهة الشمالية من المدينة المنورة ومعظم صخوره من الجرانيت الاحمر واجزاء منه تميل ألوانها الى الخضرة الداكنة والسواد وتتخلله تجريفات طبيعية تمسك مياه الامطار اغلب ايام السنة لأنها مستورة عن الشمس وتسمى تلك التجويفات (المهاريس) ويبلغ طول جبل احد سبعة أكيال وعرضه ما بين 2 - 3 أكيال ويبعد عن المسجد النبوي خمسة أكيال تقريباً.
ويرتبط اسم هذا الجبل بموقعة تاريخية وقعت في السنة الثالثة للهجرة وسميت باسمه (غزوة أحد) وكان ميدانها الساحة الممتدة ما بين قاعدته الجنوبية الغربية وجبل عينين الذي يبعد عنه كيلاً واحداً تقريباً ويسمى أيضاً (جبل الرماة).
جبل ثور
جبل صغير يقع خلف جبل احد من جهة الشمال وهو الحد الذي يبدأ منه حرم المدينة شمالا ويمتد جنوبا الى جبل عير وذلك لقول الرسول صلى الله عليه وسلم: (المدنية حرم ما بين عير الى ثور). وقد وصفه بعض المؤرخين بأنه مدور أقرب الى الحمرة خلف أحد عن يساره. وقد شكلت لجان رسمية لتحديده بدقة من بين مجموعة الجبال المتقاربة في المنطقة.
جبل سلع
يقع جبل سلع غربي المسجد النبوي على بعد خمسمائة متر تقريبا من سوره الغربي، يبلغ طوله كيلا واحدا تقريبا، وارتفاعه 80 مترا، وعرضه ما بين 300 ـ 800 مترا، ويمتد من الشمال الى الجنوب ويتفرع منه اجزاء في وسطه على شكل اجنحة قصيرة باتجاه الشرق والغرب.
ولجبل سلع مكانة تاريخية متميزة فقد وقعت عدة احداث مهمة على سفوحه أو بالقرب منه أهمها: غزوة الخندق التي تجمع فيها المشركون في جهته الغربية، وكان يفصل بينه وبينهم الخندق الذي حفره المسلمون في السنة الخامسة للهجرة، وكان سفح جبل سلع مقر قيادة المسلمين فقد ضربت خيمة لرسول الله، ورابط عدد من الصحابة في مواقع مختلفة منه، وعند قاعدة الجبل سكنت منذ العهد النبوي قبائل عدة، وفي العهد العثماني أقيمت على قمته عدة أبنية عسكرية ما زالت آثارها باقية حتى الآن، وفي عصرنا الحاضر أحاط العمران بالجبل من كل ناحية، وصار جزءا من حدود المنطقة المركزية للمدينة المنورة.
كما تشتهر المدينة المنورة بوجود عدد من الحرات ومن أبرزها
حرة واقم:
وتسمى ايضا (الحرة الشرقية)، وهي هضبة طويلة ممتدة شرقي المدينة، فيها مجموعة تلال، وفيها أراض منبسطة، وسميت الحرة لأن جزءا كبيرا من سطحها مغطى بصخور وحجارة بركانية سوداء تجعلها شديدة الحرارة في الصيف، ويروى أنها سميت واقم نسبة الى شخص او جماعة من العماليق نزلوا فيها، كما يروى ان التسمية قصد بها الدلالة اللغوية لكلمة واقم وهي الحاجز، ففي القاموس وقمت الرجل عن حاجته إذا رددته، تشكل حرة واقم حاجزا طبيعيا يحمي المدينة من شرقيها.
حرة الوبرة:
وتسمى أيضا الحرة الغربية لأنها تقع في الجهة الغربية من المدينة، وهي اقل وعورة من حرة واقم، ويتخللها مساحات منبسطة صالحة للعمران، تظهر فيها عدة تلال وقيعان تتجمع فيها مياه الأمطار، وتمتد من مسجد القبلتين شمالا الى محاذاة مسجد قباء جنوبا، وكانت تشكل حاجزا طبيعيا يحمي المدينة من جهتها الغربية وجزءا من جهتها الجنوبية، وكانت مزارع النخيل الكثيفة تغطي المساحات المنبسطة منها، وليس لها سوى منافذ قليلة أشهرها منفذ ثنية الوداع التي يخرج منها المسافرون إلى مكة. وفي العصر الحديث استصلح قسم كبير من أراضي هذه الحرة وزحف العمران إليها.
البقيع:
هو المقبرة الرئيسة لأهل المدينة المنورة منذ عهد الرسول صلى الله عليه وسلم، ومن أقرب الأماكن التاريخية إلى مبنى المسجد النبوي حاليا، يقع في مواجهة القسم الجنوبي الشرقي من سوره، وقد ضمت إليه أراض مجاورة وبني حوله سور جديد مرتفع مكسو بالرخام. وتبلغ مساحته الحالية مائة وثمانين الف متر مربع، يضم البقيع رفات الآلاف المؤلفة من أهل المدينة ومن توفي فيها من المجاورين والزائرين أو نقل جثمانهم على مدى العصور الماضية، وفي مقدمتهم الصحابة الكرام، ويروى أن عشرة آلاف صحابي دفنوا فيه، منهم أمهات المؤمنين زوجات رسول الله صلى الله عليه وسلم عدا خديجة وميمونة، كما دفن فيه ابنته فاطمة الزهراء، وابنه ابراهيم، وعمه العباس، وعمته صفية، وحفيده الحسن بن علي، وغيرهم كثير. وقد وردت أحاديث عدة في فضل البقيع، وزيارة مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم له والدعاء لمن دفن فيه، منها: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يخرج من آخر الليل الى البقيع، فيقول: (السلام عليكم دار قوم مؤمنين، وأتاكم ما توعدون، غدا مؤجلون، وإنا إن شاء الله بكم لاحقون، اللهم اغفر لأهل بقيع الغرقد).
لذا تستحب زيارة البقيع والدعاء لمن دفن فيه اتباعا لسنة المصطفى صلى الله عليه وسلم.
وفي اطلالة على أهم الأحياء المعروفة بالمدينة المنورة نجد العديد من الاحياء منها:
حي المناخة:
وهي منطقة غربي المسجد النبوي من ثنية الوداع (الشامية) شمالا الى بداية قربان جنوبا. كان القسم الشمالي منها ميدانا للتدرب على ركوب الخيل والرماية، وكان الرسول صلى الله عليه وسلم يحضر بعض المرات ويحض المتدربين على ان يجودوا، ويسابق بينهم أحيانا. وقد بني في موقع السباق مسجد سمي مسجد السبق. وفي قسمه الثاني اختط رسول الله صلى الله عليه وسلم للمسلمين السوق في السنوات الأولى من الهجرة ليخلصهم من سيطرة اليهود على الأسواق الاخرى، وقال: هذا سوقكم فلا يضيق ولا يؤخذ منه خراج، وكانت السوق مكشوفة ليس فيها بناء، يحضر التجار إليها صباحا. وفي عهد الخليفة الأموي هشام بن عبدالملك بني في منطقة السوق بناء كبير ونظمت فيه الدكاكين ليكون سوقا ثابتا. بعد ذلك قام حي سكني في المنطقة لقربها من المسجد النبوي وبقيت فيه في الدور الارضي من مساكنه دكاكين ومعارض تجارية ثم أزيلت في مشروع تحسين المناطق المحيطة بالمسجد النبوي، وحفر على امتداد المنطقة نفق للسيارات يصل بين طريق سيد الشهداء شمالا وأول منطقة قربان جنوبا. وستبقى ساحة المناخة وامتداد السوق القديم ممرا للمشاة ولخدمة المسجد النبوي وسيتم تطوير هذا الحي بشكل حديث.
أسوار المدينة:
كان سور المدينة من المعالم التي لم يبقى منها شيئا بعد تطور المدينة وقد تم بناء السور في القرن الثالث الهجري بعد أن تعرضت المدينة المنورة لهجمات متعددة، فجمعت الأموال من التجار، وأرسلت الى المدينة، فقام أميرها محمد بن إسحاق الجعدي ببناء سور من الطوب واللبن وجعل له أربعة أبواب: باب في المشرق يخرج منه الى بقيع الغرقد، وباب في المغرب يخرج منه الى العقيق والى قباء، وباب ما بين الشمال الى الغرب، وباب آخر يخرج منه الى قبور الشهداء بأحد.
كما تم تجديد هذا السور واصبح له خمسة ابواب: باب العوالي، وباب الوسط شرقا، وباب قباء جنوبا، وباب العنبرية في الجنوب الغربي، ويسمى بالباب الحميدي لان السلطان عبدالحميد جدده وزاد في السور من تلك الناحية في سنة 1305هـ، ثم سمي بالباب الرشادي نسبة الى السلطان رشادآخر سلاطين بني عثمان، وباب الكومة في الشمال الغربي، وهذا السور أساسه من حجر وارتفاعه عن وجه الأرض من اللبن والطين والمشهور بين أهل المدينة أنهم هم الذين بنوه.
حارة الأغوات:
وهذا الحي من اشهر الحارات والمناطق في المدينة المنورة، حيث يبدأ زقاق الحارة من امام باب جبريل من الناحية الشرقية للمسجد النبوي ويتجه شرقا إلى باب الجمعة في السور العثماني.
وكانت بيوت الحارة بشكل عام قديمة جدا مبنية بالطين والطوب وهي على ارتفاع دورين وثلاثة أدوار، تحتوي على العديد من الأزقة منها: زقاق اللبان، زقاق الحبس، زقاق سيدنا إسماعيل، زقاق مظهر، زقاق الخشب، كما يوجد فيها كتاب بنت الشيخ خليل.
ومدرسة ومكتبة قرباش، بجانب بيت المدني، ومدرسة ومكتبة عمر أفندي، مكتبة مدرسة رباط مظهر، مكتبة الشيخ عبدالغفور البخاري.
كمات يوجد فيها العديد من الأربطة منها: رباط مظهر، رباط القدم، رباط البقر، رباط البدوي، رباط العرجة، رباط حواء بياضة، رباط المارداني، رباط خير الله، رباط أبو دقة، رباط العجوة، رباط ملكة، رباط العشرة (للعزاب فقط) رباط العشرة (للعازبات فقط) رباط الزيلعي، رباط الرومي، رباط الطميرة، رباط إسماعيل الأول، رباط المظفر، رباط نافع الأول الثاني، رباط كخية كاظم، رباط العين، رباط جودة، رباط الهندي، رباط الكناس، رباط الانصاري، رباط القمبرة، رباط الجبرت، رباط الصندل، رباط إسحاق، رباط الصادر والوارد، رباط الحسن والحسين، رباط البدرة، رباط سيدنا أبوبكر.
وقد أزيلت هذه الحارة في مشروع
توسعة المسجد النبوي وصارت جزءا من ساحاته.
|