أطرقتُ لما قيل حان الموعد
حار الفؤاد وحار عقلي المجهد
كتب المدير قراره ولجانه
فتوجهوا حالاً ولا تتبلدوا
ودخلتُ قاعة الامتحان مراقباً
أرمي عيوني باحثاً وأسدد
وأخذتُ انظر في الوجوه كأنني
أسدٌ لكل فريسة اترصد
فإذا تنفس طالبٌ متنهداً
أرسلتُ عيني نحوه أتوعد
لو غش واحدهم أتانا: لجنة
ومديرُنا ووكيلنا والمرشد
في قاعة الهيجاء، معركة الوغى
تلقى الفتى في ساحها يستأسد
فسهامه نظراته، ورماحه
برشامُه، والهمس منه مهند
ويجول ذهني في الوجوه تأملاً
هذا يُسِرُّ بما يجيب ويُسعد
وهناك آخر بالجواب محيِّرٌ
والأكثرون صدورهم تتنكد
هذا به هَمٌّ وذاكم شاردٌ
وهنا أيادٍ بالخواء تمدد
من بين صفٍّ.. واحدٌ متميزٌ!
والغالبية بالرسوب تُهدد
وبقية الطلاب هم: موقوذةٌ
ونطيحةٌ، فرسوبهم متأكَدُ
وأظلُّ أقرأُ في الوحوه لعلَّ في
صفحاتها مستقبلاً ما يُحمد
ذاكم مليءٌ بالتفاؤل ساعياً
بالجد مجتهداً.. رؤاه تغرد
أو ذاك يرجو أن ينال وظيفةً
بعد التخرج حائراً يتردد
أو ذاك مغتبطاً يريد شهادةً
وهو الكسول بدرسه يتوسد؟
ويقول علِّي أن أحوز شهادتي
فأنال منها غايتي وأجند
أو ذلكم بيديه مَزَّق حاله
حتى انثنى وشكا أذاه المقعد
هذي الوجوه وهذه صفحاتها
بيضٌ قليلٌ! والكثير الأسود
يا خيبة الطلاب إن كانوا بلا
هدفٍ يثور عزيمةً تتوقد
فنجاحكم بصلاحكم وفلاحكم
والعلم تاجٌ للرؤوس مسوِّد
واجيل انظاري بكل مراقبٍ
حولي لعلَّ عزيمتي تتجدد
فسررت لما أن رأيت مراقباً
رفع الجبين بطاقةٍ تتولد
والثغر يبدو سنُّه متضاحكاً
فإذا به متفجراً يتنهد
متألماً يشكو الهموم كأنه
مأسور حرب بالقيود مصفد
واحسرتاه أبعد ما أمَّلتُ في
عزمي يجدُّ إذا به يتبدد؟!
ويهزُّني قول المراقب: وقِّعوا
قلت: انتهت ساعاتكم.. وأردد
قال المراقب: لا، فهذا نصفها!
بقي المثيل لها، وسوف نمدد!
فتمكن الاحباط بين جوانبي
وجعلت أرثي حالتي وأندد
والوقت يزحف بيننا مثَّاقلاً
فكأنما لحظاته تتعدد
بثلاث ساعاتٍ تمرُّ كأنني
عند انتهاء زمانها أتشهد