قرأت تصريحاً لإدارة تعليم البنات بمكة بتخصيص مدرستين داخل محافظة مكة المكرمة للنشاط الصيفي للطالبات. ووجدت ضمن شروط الالتحاق التزام الطالبات بالزي وهو «تنورة زيتي وبلوزة بيج»، وعدت بتفكيري لاستعراض أساليب القمع النفسي التي يستخدمها مسئولو تعليم البنات، وسؤالي هنا لماذا تحديد الزي هذا..؟ وأظنني سأجد عشرات الاجابات من هواة ممارسة الضغوط النفسية على الغير منها: تدريب الطالبات على الالتزام.. وهذا يمارسنه طوال العام، سهولة متابعتهن..، وهذا مرفوض لأنهن يتواجدن في مكان واحد، عدم ترك فرصة المباهاة لهن في اللبس مراعاة لشعور الآخرين، وهذا لا يعني تحديد الزي بلون واحد، رفض لبس البنطلونات والبلايز النصف كم وهذا ما أتوقعه وأنا على يقين منه.
وسؤالي هنا ألا يكفي الألوان المعقدة التي تتصدر زي مدارس تعليم البنات وكأنه لا يوجد ألوان أفضل من هذه الألوان لفتيات في سن الزهور وخاصة في مكة المكرمة فطالبات الابتدائي يرتدين اللون الزيتي، وطالبات المتوسط يرتدين اللون البني الغامق، وطالبات الثانوي يرتدين اللون الكحلي الغامق، تخيلوا ذلك في مدينة من أكثر مدن المملكة ارتفاعا في درجات حرارتها، وحين تصل إلى منزلها تكون قد أصبحت وكأنها في (قدر ضغط)، لماذا لا يكون الزي قطعتين العلوية بيضاء أو بيج من القطن والتنورة تحدد حسب المرحلة..؟
ثم نأتي للنشاط الصيفي فالطالبة في اجازة وبعملية مراجعة بسيطة نجد أنها ترتدي زي المدرسة ثلاثة أرباع السنة، وخروجها من منزلها لترتدي ما تحب أن ترتديه في هذه السن محدود جداً بسبب عاداتنا وتقاليدنا ومورثنا الاجتماعي تجاه الفتاة.. والبنات يسعدن بارتداء الألوان الجميلة بين من هن في عمرهن فلماذا حتى في الصيف والأنشطة نقيدهن بالزي، وإذا لم تلبس الفتاة في هذه السن الألوان الزاهية وبين النساء فمتى ترتديها؟ ولا بأس من وضع الضوابط على طريقة اللبس. ولماذا لا نستغلها فرصة لندربهن على حسن الاختيار ورفع مستوى الذوق العام بلبس ما تشاء من ألوان في حدود ما يتمشى ومورثنا الاجتماعي وديننا الإسلامي.
وكم كنت آمل أن تأتي هذه المبادرة من الأخوات القائمات على الإشراف لتنفيذ الأنشطة الصيفية، لاسيما وأن عدد الطالبات محدود ولا يُقارن بأعداد الطالبات في مدرسة واحدة. وفكرة الاهتمام بالنشاط الصيفي فكرة رائعة وهي متنفس جيد للطالبات اللواتي لا يستطعن السفر أو حتى التنقل داخل مناطق المملكة لظروف أسرهن.. فلماذا نحرمهن حق المتعة في ارتداء ما يرونه مناسبا لهن ويشعرن بنوع من الحرية والتمتع بهذه الاجازة وهذا النشاط.. ولديّ اقتراح للجهات المشرفة على التخطيط لأنشطة الطالبات الصيفية يتمثل في:
1 طرح استفتاء للطالبات في آخر النشاط الصيفي لتقييم النشاط ومدى الاستفادة منه في جميع جوانبه.
2 طلب اقتراحات الطالبات فيما يرغبن أن يقدم لهن في الأنشطة القادمة للسنوات المقبلة.
3 أن تتكون لجنة التخطيط للنشاط من المسئولات المشرفات التربويات، وبعض المعلمات، ومجموعة من الطالبات، وسيدات المجتمع من الأمهات اللواتي يستطعن تحديد بعض احتياجات الفتيات ثم سيدات الأعمال اللواتي يمكن ان يستثمرن بعض الأنشطة مع الطالبات، بحيث يتم بعدها وضع خطة متكاملة يتحقق من خلالها:
1 رغبات الطالبات في أنواع الأنشطة.
2 تحقيق الهدف من النشاط.
3 تعريف الطالبات بالأنشطة النسوية التي يمكن أن تقوم بها المرأة.
إن الهدف من النشاط الصيفي هو خروج الطالبات من الروتين الدراسي الذي يعشنه خلال العام.. وصقل مواهبهن من خلال منحهن فرصة الانطلاق والإبداع في المجالات التي لا يجدن وقتاً لتفعيلها خلال العام الدراسي.. وروتين النشاط المدرسي. الجانب الآخر الذي يحتاج إلى مناقشة من المفترض أن تفرز لنا هذه الأنشطة بعض الموهوبات والمتميزات في المجالات المختلفة مثل الكاتبة والشاعرة والصحفية وغيرها، فأين تقييم النشاط لهذه الجوانب، فنحن إلى الآن لم نسمع بمساهمة اجتماعية لطالبات المدارس. أين الفرق المنتجة..؟ التي يجب أن تكون حصيلة تفعيل هذه الأنشطة. وما الذي قدمته من خلال القنوات التي تنتظر مثل هذه الأنشطة كالإذاعة والتلفزيون بإعداد برامج ناجحة وموجهة لهذه المرحلة العمرية، وضع خطة سنوية لصفحة في إحدى الصحف اليومية تتناول مشاركات الطالبات العلمية، المساهمة في الأنشطة الخيرية في الجمعيات الخيرية لتلتصق أكثر بمشكلات المجتمع وتطلع على النماذج والشرائح المختلفة في مجتمعها.
لنا أمل في اللجنة المشرفة على التخطيط للأنشطة الصيفية للبنات في إعادة هيكلة بناء أهداف النشاط وتفعيل مخرجاته، حتى نستطيع فعلا أن ننشئ جيلا واعياً يدرك أهمية النشاط والقيمة التي يجب أن يقدمها، وألاّ تكون العملية هدفها فقط الترفيه وضياع الوقت، وزيادة لأمية المتعلمين، والمفترض أن أي عمل يقاس بإنجازاته لا بالانتهاء منه.
|