السد الأخير
نشرت هاآرتس مقالا للكاتبين أورن يفتحئيل، ونيف جوردون بعنوان «السد الاخير» وجاء فيه:
وصلت دولة إسرائيل إلى مفترق طرق حاسم وهام، فمنذ شهور والمعسكر القومي في إسرائيل، بالاشترك مع وسائل الإعلام، يهيىء الأجواء لفكرة الترانسفير التي تتعارض مع كل المعايير والمواثيق الدولية، لدى الجمهور الإسرائيلي.
هناك بالطبع صيغ مختلفة لتنفيذ الترانسفير، ابتداء من الصيغة العدوانية التي طرحها الوزير السابق أفيجدور ليبرمان وانتهاء بصيغ «أكثر نعومة» من «الترانسفير الطوعي»، من مدرسة حزب «موليدت»، أو رفض حقوق سياسية ونقل سكان من أرضهم وديارهم «فقط في وقت الضرورة»، كما يقترح الوزير وعضو المجلس الوزاري الأمني - السياسي، إيفى إيتام، من حزب «المفدال» (الحزب الديني القومي).
وأيا تكن الصيغة، فإن الفكرة موجودة وبقوة في الحوار الإسرائيلي، وتحظى بمشروعية لدى قطاعات عريضة من الشعب، وتشهد خطة إفرايم سنيه، التي تقترح «تبادلا للأراضي والسكان»، على أن قطاعا، حتى، من معسكر السلام مستعد لتبني برامج سياسية مستوحاة من فكرة الترانسفير.وها قد سنحت الفرصة للمنادين بالترانسفير على اختلاف أطيافهم للبدء في تنفيذ الطرد على حساب سكان عرب ضعاف على وجه الخصوص، ألا وهم سكان الكهوف في جنوب جبل الخليل، والأمر يتعلق بسابقة لا يمكن المبالغة في أهميتها، فالترانسفير «الصغير» سيعطي رخصة لعمليات طرد أشمل في المستقبل، بالضبط مثلما مهدت عمليات الدخول الأولى و«لمرة واحدة» من جانب جيش «الدفاع» الإسرائيلي للمناطق (أ) في الصيف الماضي الأجواء للغزو الجماعى في عملية «السور الواقي».
ومن المهم أن نذكر القراء بالتفاصيل الرئيسية، فالسكان العرب المزمع إبعادهم يعيشون على الزراعة ورعي الأغنام ويحتفظون منذ الفترة العثمانية بنمط حياة خاص، يتمحور حول السكنى في الكهوف، وقبل عام 1947 استصلح ساكنو الكهوف أراضي امتدت حتى منطقة «عراد»، وفي عام 1967 أقامت إسرائيل معسكرات للجيش في المنطقة وأغلقت مناطق للتدريبات ومحميات طبيعية، وقد تقلصت المساحة التي يعتمد عليها السكان العرب في كسب قوت يومهم عندما شرعت الحكومة الإسرائيلية في إقامة مستوطنات، مثل «كرميل»، و«ماعون» و«سوسيا»، تأسس جزء كبير منهابهدف محاولة خلق تواصل جغرافي عبر الخط الأخضر، وخلال فترة حكم إيهود باراك (1996 - 2000) أضيفت إلى هذه المستوطنات مزارع رعي يهودية، وقد خلقت هذه المزارع، مثلها مثل المستوطنات، احتكاكا مباشرا مع المواطنين العرب.
«حكومة الظلال
وفي يديعوت احرونوت كتب زلمان شوفال لا تعتبر صحيفة «غارديان» البريطانية، اليوم، مناصرة، بشكل خاص، لكل ما يتعلق بإسرائيل أو بالشعب اليهودي. (فقبل فترة ليست بعيدة، مثلا، كتبت أن قيام الدولة كان «ثمنا باهظا» دفعه الاوروبيون لقاء تعاملهم مع اليهود اثناء الكارثة)، ولذلك يجب التعامل بتشكك مع كل ما تنشره بصددنا، لكن الأمر يصبح مختلفا عندما تنشر الصحيفة تقريرا حول ندوة تتعلق بالمسألة الإسرائيلية الفلسطينية، جرت تحت رعايتها، قبل عدة أيام، في ستافورد البريطانية، بمشاركة مندوبين من إسرائيل والفلسطينيين وشمال ايرلندا، وحسب التقرير فقد شارك من إسرائيل في هذا اللقاء النائبين أبراهام بورغ ونعومي حزان، ويوسي بيلين والجنرال (إحتياط) أمنون ليفكين شاحك والكاتب دافيد غروسمان.
كما شاركت في اللقاء مجموعة من الشخصيات السياسية وممثلي الاتحاد الاوروبي الجسم الذي يمول، حسب عدة مصادر، بعض النشاطات السياسية ليوسي بيلين ومن يسمي نفسه «تحالف السلام»، في نظرة اولى، لا نجد أي شائبة في انعقاد لقاءات من هذا النوع، ولكن، من خلال نظرة ثانية، يدهشنا التساؤل حول سبب مشاركة ابراهام بورغ، الذي يحتم عليه منصبه كرئيس للكنيست (والقائم بأعمال رئيس الدولة) التمتع بمكانة فوق سياسية، تقريبا، ومن الواضح، أيضا، يحتم عليه الامتناع عن مبادرات سياسية غير منظمة (لا تحظى بدعم كبير حتى داخل حزبه)، وبتفكير آخر، من المسموح به، في ظل الواقع الحالي، توقع ان تكون الشخصيات الإسرائيلية أكثر انتقائية للقاءات التي تشارك فيها.
وعلى الأقل، ألا تظهر بصحبة شخصيات تدعم عمليات القتل والارهاب الموجهة ضدنا (مثل ياسر عبد ربه، الذي سبق له القول إنه يرغب رؤية إسرائيل «تنزف»).
أما بالنسبة للمندوبين الايرلنديين، فربما تكون نواياهم طاهرة بالتأكيد ولكنه لا يمكن تجاهل الأنباء التي نشرت مؤخرا، حول قيامهم باجراء تدريبات مشتركة مع الارهابيين من منظمة IRA (التي يرتبط بها بعض الذين شاركوا في لقاء ستافورد، على الأقل) ومع المخربين الفلسطينيين.
ولكن، وبرغم كل هذه الدهشة، من المهم أن نتذكر «المبادرات» التي نوقشت خلال هذا اللقاء، حسب ما نقلته ال«غارديان».
ومنها مثلا، تشكيل «حكومة ظلال» إسرائيلية فلسطينية، وصياغة خطة سلام تعتمد على «مقترحات طابة» (بما في ذلك تحديد عدد اللاجئين الذين سيسمح لهم بالعودة)، وبشكل ليس مفاجئا، عبرالوفد الفلسطيني عن رفضه لمطلب الحكومة الإسرائيلية (والأمريكية) بوضع حد للعنف قبل بدء المفاوضات السياسية.
كاتب هذه السطور ما زال يأمل أن تكون صحيفة ال«غارديان» قد أخطأت، وأن تكون «المبادرات» المشار اليها، مجرد مبادرات طرحها رجال م. ت. ف ورفضها المحاورون الإسرائيليون.
|