الضمان الاجتماعي هو نظام تكافلي لأفراد المجتمع يحقق الحياة الكريمة لجميع أفراد المجتمع، وهو يطبق في الدول المتطورة مثل المملكة المتحدة والولايات المتحدة الأمريكية على كل أفراد المجتمع سواء كانوا من السكان الوطنيين أو الوافدين بعد اتخاذ إجراءات وأبحاث محددة تؤكد أحقية الفرد أو الأسرة لهذا الضمان. وتمنح مخصصات الضمان الاجتماعي لمختلف الفئات الاجتماعية المحتاجة مثل كبار السن والأرامل والمعاقين والعاطلين عن العمل.
وفي بلادنا طُبق النظام الاجتماعي منذ الستينيات من القرن العشرين، ومما لا شك فيه أنه كان لهذا النظام فوائد وإيجابيات استفاد منها قطاع واسع من أفراد المجتمع، ولكن يبدو لي أن هذا النظام يحتاج إلى مراجعة سريعة وتطوير ليشمل قطاعات أوسع لتعم الفائدة جميع أفراد المجتمع الذين هم في أمس الحاجة لأي عون ومساعدة تكفل لهم الحياة الشريفة.
ومن الفئات التي أركز عليها هنا العاطلون عن العمل. ولا بد أن نعترف بأن هناك أعداداً ونسباً متزايدة من خريجي الكليات والمعاهد والمدارس الذين لا يجدون عملاً يحقق لهم أدنى متطلبات الحياة الشريفة التي يتوخاها كل مجتمع لأفراده. وتشكل هذه الأعداد عبئا على الأسر المحدودة الدخل وحتى المتوسطة الدخل، مما يؤدي أحياناً إلى انحراف أبناء وبنات هذه الأسر أو تسببهم في إشكاليات مستمرة لهم، وظهور سلوكيات لم نكن نسمع بها من قبل مثل زيادة حالات عقوق الوالدين بالكلام السيئ أو الضرب أو حتى القتل مما تطالعنا به الصحف اليومية بين الفينة والأخرى.
لقد نشرت بعض الصحف السعودية أن هناك مراجعة لدى وزارة العمل والشؤون الاجتماعية ولدى مجلس الشورى لنظام الضمان الاجتماعي في المملكة، ولكن يبدو أن هذه المراجعة تسير سير السلحفاة، مع أن المشكلة جد مهمة وتحتاج إلى معالجة صريحة وسريعة قبل أن يستفحل خطرها. والحل الأمثل في نظري هو الاستفادة من أنظمة الضمان الاجتماعي في الدول المتطورة التي تصرف مبالغ ضخمة مقابل أعداد سكانها الكبيرة. وبمقارنة عدد سكان المملكة الذي قد يكون بلغ نحو 18 مليون نسمة في الوقت الحاضر نجد أن هناك نسبة محدودة لا تتجاوز الربع من حجم السكان من جميع القطاعات المحتاجة بما فيها العاطلون عن العمل والتي تحتاج إلى دعم مالي. وبحسبة بسيطة نجد أن منح 1000 ريال شهرياً مثلاً للمحتاجين تعني 4500 مليون ريال، وهذا قد يكون مبلغاً إضافياً على ميزانية الدولة التي حباها الله بخيرات كثيرة لا أجدها تضن في تحمل أعباء مالية إضافية في سبيل تحقيق فوائد كثيرة مستقبلاً تكفل تقوية لحمة أبناء المجتمع الذي عُرف منذ الأزل بتعاونه وتعاضده واحترامه للكبير والصغير والمواطن والوافد.
|