حقيقة إنها معادلة صعبة للغاية، ولم نفهم لها إجابة، حتى أصبحنا نعتقد أن من ينادي بسعودة الوظائف في وادِ، ومن يسعى إلى تطوير مخرجات التعليم في وادِ آخر، وبالطبع فإن هذه المعادلة لا يفترض لها القيام في ظل معرفتنا أن من بين منظومة مجلس التعليم العالي مسؤولين البعض منهم ذو علاقة بشئون التعليم والبعض الآخر ذو علاقة بشئون وشجون سوق العمل، وتلكم المعادلة حينما قلنا أنها صعبة من وجهة نظرنا، كان ذلك بسبب ما نشاهده باستمرار في غالبية الجامعات الثمان التي لا تزال تُدرس وتُخرج أفواجاً من الطلاب من حملة المؤهلات الجامعية ذات التخصصات غير المطلوبة في سوق العمل عامة، وذلك للقطاعين العام والخاص ، ولم يصل الأمر إلى حد الانتهاء أو التخلص من الطلاب الذين لا يزالون يتلقون التعليم في تلكم التخصصات سواء كان البعض منهم في منتصف دراسته والآخر على أبواب التخرج فحسب، بل الأمر يتعدى ذلك بكثير، فعلى سبيل المثال أعلنت جامعة الملك سعود، عن فتح باب القبول في جامعتها العريقة، والتي أوضحت للجميع عن بعض من الشروط في الالتحاق بكلياتها والتخصصات التي تدرسها للعام الدراسي 1423 1424ه. فكان من الملفت للنظر في ذلك ان هذه الجامعة العريقة، والتي نعتبرها مثالا للجامعات الأخرى، أنها لا تزال تدرس في كلياتها مواد أدبية لا يحتاج من خريجيها أي جهة سواء حكومية أو خاصة، منها على سبيل المثال تخصصات (الآثار والمتاحف والجغرافيا... الخ) ولأن هناك أعدادا كبيرة من خريجي مثل هذه التخصصات ولا توجد أعمال لمعظمهم، فما هو الداعي يا ترى في استمرار هذه الجامعة لقبول طلاب لتدريسهم في هذه الأقسام؟! هل رحمة بالأساتذة الذين تخصصوافي هذين المجالين ويصعب على الجامعة تشغيلهم في أقسام أخرى، ومن ثم يذهب أفواج من الطلاب ضحية بسبب أولئك، ولا نريد ان يفهم من ذلك المطالبة بإلغاء مثل هذه الأقسام نهائياً، بل يفترض أن تكون عملية القبول فيها محدودة للغاية، وهناك تخصص آخر شرعت فيه هذه الجامعة مؤخراً، حينما أحدثت كلية متخصصة للغات والترجمة، وهي بادرة نشكر عليها الجامعة بوجود كلية تتخصص في اللغات، لكن السؤال المطروح ، لماذا تحتضن الجامعة كل هذه التخصصات من اللغات الذي يعد البعض منها عالمي المنفعة والآخر محليا، وعددها عشرة تخصصات للغات متعددة وهي (الإنجليزية الفرنسية الألمانية الروسية الأسبانية الإيطالية اليابانية العبرية التركية الفارسية) فهل سوق العمل السعودي يحتاج إلى لغة مثل الأسبانية أو التركية أو الفارسية؟ وهل يا ترى هناك تقنيات ترد إلينا من بلدان تنتمي إليها تلك اللغات، ويتطلب الأمر معه إتقان البعض منا إلى لغاتهم، ربما يرى البعض أن هناك ثمة حاجة لتعلم بعض من هذه اللغات، ولكن لا نرى أنه يتطلب الأمر معه حتمية فتح أقسام على مصراعيها لاستقبال طلاب بأعداد لابد أنها سوف تكون كبيرة ويتخرج منها أفواج عديدة أيضاً، ثم ما هي يا ترى المنشآت الاقتصادية التي تتعامل بالتركية أو الفارسية أو حتى الإسبانية والإيطالية حتى يلتحقوا في العمل بها، والأمر المستغرب أننا لانزال نعاني من عجز في مدرسي اللغة الإنجليزية، بدليل أن وزارة المعارف عازمة النية في العام الدراسي القادم 1423ه 1424ه على تدريس مادة اللغة الإنجليزية في بعض صفوف المرحلة الإبتدائية، وانها سوف تقوم باستقدام وتوظيف معلمين من القارة الهندية وجنوب أفريقيا لتدريس هذه المادة، ومع هذا تسعى جامعة الملك سعود إلى فتح أقسام جديدة لتدريس لغات لا اعتقد اننا بحاجة إليها خصوصاً في هذه المرحلة القادمة والتي قد تمتد إلى خمسة عشر سنة قادمة، وإن كان من احتياج فنعتقد ايضا انه يسير جداً، ولا يستحق الأمر معه فتح أقسام بحجم وإمكانيات أقسام يكثر الطلب عليها في سوق العمل مثل الإنجليزية والفرنسية على أقل تقدير، وبعد هذا كله هل لدينا تنسيق فعلي وجاد بين كافة الأطراف؟ أم ما نراه جهود وأفعال فردية يجب احتواؤها تحت مظلة جماعية واحدة هي في الأصل قائمة؟!
(*) الباحث في الشئون العمالية للتواصل فاكس 2697771/01 ص.ب 10668 الرياض 11443 |