Sunday 9th June,200210846العددالأحد 28 ,ربيع الاول 1423

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

المطلوب تغيير عقول البشر المطلوب تغيير عقول البشر
د. صالح بن ناصر الشويرخ

كثر الحديث في الآونة الأخيرة عن قضية تغيير المناهج التعليمية. وقد حاول البعض ربط ذلك بالأحداث الأخيرة «أحداث نيويورك وواشنطن»، والحقيقة أن المطالبة بتغيير المناهج قضية قديمة كانت تطرح بين الحين والآخر من قبل المختصين والمهتمين بشؤون التربية والتعليم. ولازلنا نطالب بعملية التغيير هذه ولكن في إطار الثوابت الدينية والاجتماعية.
ولكن السؤال المهم هنا: ما طبيعة التغيير المطلوب؟ هل المقصود هو تغيير بعض الدروس والوحدات وتغيير الشكل الخارجي للكتب بشكل يوحي بأن المناهج قد غيرت وعدلت وطورت؟ أم أن التغيير سيكون تغييرا جذريا في الفلسفة التي يقوم عليها النظام التعليمي لدينا؟ إذا كان التغيير من النوع الأول فلا حاجة لنا به، ولن يؤدي إلى شيء جديد بل إنه سوف يشكل عبئا مادياً كبيراً على وزارة المعارف، والوضع الحالي لا يسمح بإضافة أعباء مالية على القطاعات الحكومية.
أما إذا كان التغيير من النوع الثاني فهو ما نطالب به ونشجعه. فالمناهج الجديدة ينبغي أن تقوم على الأسس الحديثة في التربية والتي يمكن تلخيصها في النقاط التالية:
التربية تحرير وليست ترويض. التربية متغيرة لزمن متغير وليست مستوحاة من الماضي. الطالب هو محور العملية التعليمية وغايتها. مبدأ التفكير والنقد والتحليل لا الحفظ والاستظهار. مبدأ الحوار لا مبدأ القسر والإلزام. مبدأ المسؤولية لا مبدأ الاتكالية. مبدأ الاستقلالية لا مبدأ التبعية. مبدأ الاعتماد على التجربة الذاتية لا على تجارب الآخرين. تقديم الثواب والمساندة للطلاب لا العقاب والقصاص الجسدي. وعلى الرغم من مطالبتنا بأن تعتمد المناهج الجديدة على هذه الأسس والمبادئ، إلا أن مثل هذا التغيير لو حدث فلن يؤدي إلى النتائج المتوقعة والمرجوة في ظل الظروف الحالية. وذلك لأن من سيقوم بتدريس المنهج الجديد ويتعامل معه هو المدرس التقليدي الذي درس المناهج القديمة ودرب على تدريسها بل إن كثيراً من المدرسين العاملين في سلك التدريس قد تخرجوا من كليات نظرية وتطبيقية ولم يتلقوا أي تدريب على ممارسة العملية التعليمية، وكثير منهم يدرس مواد ليست من اختصاصه، كما أن كثيرا ممن يدرس في المرحلة الابتدائية لا يعرف شيئا عن سيكيولوجية الطفل ومراحل النمو التي يمر بها وكيفية التعامل معها. ومثل هذا المدرس غير المدرب أصلا تدريبا علمياً وتربوياً سليما لن يستطيع التعامل مع عناصر المنهج الجديد، بل قد يحول المنهج الجديد إلى منهج تقليدي. ومن ثم لن يؤدي تغيير المناهج إلى تغيير في التعليم ومخرجاته، بل ربما يؤدي ذلك إلى خلل كبير في عملية التدريس نظراً لأن المدرس قد لايفهم ويستوعب الفلسفة الجديدة التي يقوم عليها المنهج الجديد، وقد لا يقتنع بالمنهج الجديد وفلسفته أصلا. ولذا يبدو لي أنه قبل تغيير المناهج وبنائها على مبادئ التربية الحديثة المطلوب هو تغيير عقول البشر العاملين في سلك التعليم والذين لهم علاقة مباشرة بالتعليم وأقصد الوالدين بما يتوافق مع أسس التربية الحديثة.

 

[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved