Thursday 6th June,200210843العددالخميس 25 ,ربيع الاول 1423

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

صفحات من تاريخ بلدة الحريّق بالوشم صفحات من تاريخ بلدة الحريّق بالوشم
الحلقة السادسة والأخيرة
عبدالله بن بسام البسيمي

يواصل الباحث ما بدأه في الحلقات السابقة:
19 علي بن محمد بن عبدالله الحميزي من آل كثير من بني لام من قبيلة طيء القحطانية، ولد في بلدة الحريّق في 1/1/1319ه وتعلم في كتابها على يد والده الذي كان يشغل وظيفة التدريس في البلدة ذلك الوقت بالإضافة إلى كونه إماماً وخطيباً لجامعها، كما أنه استفاد من أخيه عبدالعزيز الذي يكبره سنا الذي تولى الوظائف التي كان يقوم بها والده بعد وفاته.
وقد حفظ المترجم له اثنين وعشرين جزءا من القرآن عن ظهر قلب. ومنذ مطلع شبابه أخذ يسعى في طلب الرزق فامتهن عدداً من الأعمال مع أخيه عبدالله منها مزاولتهما زراعة بعض البساتين في بلدة الحريّق، وكذلك مزاولتهما مهنة البناء بالطين وما يتعلق بها من أعمال، وكان ذلك في بلدتهما إلا أن الظروف المعيشية لم تساعدهما، فانتقلا إلى مدينة الرياض واستمرا في مزاولة هذه المهنة مدة من الزمن، انتقلا بعد ذلك إلى دولة قطر فعمل عبدالله في ركوب البحر وصيد السمك، أما المترجم له فعمل مدرسا لأولاد أسرة آل مانع أثناء إقامته هناك، عاد بعد ذلك إلى بلدته الحريّق وأصبح يعمل أعمالاً مختلفة مر ذكر بعضها، وكان في شهر رمضان يصلي إماما بأهالي بلدة المعشبة صلاة التراويح حيث يذهب إليها من بلدة الحريِّق يوميا من بعد صلاة العصر، وكان ذلك في حياة أخيه عبدالعزيز. وبعد وفاة أخيه عبدالعزيز في سنة 1373هـ عين المترجم له خلفاً له في الإمامة والخطابة في المسجد الجامع في بلدة الحريّق، كما أنه محل ثقة في كتابة الوثائق والعقود لأهالي البلدة.
تولى افتتاح المدرسة الابتدائية في بلدة الحريِّق سنة 1374هـ(1) وعمل فيها مديراً ومعلما بمفرده لمدة ثلاث سنوات وكان في تدريسه سائراً على النمط القديم في تدريس الكتاتيب، فالطلاب جميعهم في فصل واحد ولم تطبق المناهج المقررة، ولا توجد اختبارات لمعرفة مستوى الطلاب تؤهلهم للانتقال من فصل دراسي إلى فصل آخر.
وفي سنة 1377هـ كلف بتدريس الصف الأول الابتدائي فقط واستمر فيه إلى أن أحيل على التقاعد لبلوغه السن النظامية وذلك في مطلع سنة 1379هـ.
وبعد أن كبرت سنه وأثرت فيه عوامل الشيخوخة استقال من الإمامة والخطابة في المسجد الجامع ببلدة الحريّق وطوي قيده في 1/8/1397هـ(2) ، وانتقل في هذه السنة إلى مدينة شقراء ليكون على مقربة من ذويه واتخذها له دار إقامة إلى وفاته.
كانت لديه مجموعة من الكتب ورثها من والده وأخيه عبدالعزيز فرط في بعضها في حياته، فتناولتها أيد غير أمينة، وما بقي منها بعد وفاته عدت عليه العوادي.
والمترجم له ينظم بعض القصائد في المناسبات إلا أنه مقل من ذلك، وبعضها فيه انكسار في الوزن، ومما اطلعت عليه بخطه قصيدة نظمها في 1/4/1395ه يمدح فيها الملك خالد بن عبدالعزيز آل سعود رحمه الله يقول في مطلعها:


سلامي على وافي الخصائل خالد
سلام محب للإمام المعظم
سلام عدد ما ناض في السحب بارق
وما طلع فجر وما غاب أنجم
على خالد مني التحية مثنيا
عليه بما هو أهله من تكرم

أما زوجة المترجم له فهي: لطيفة بنت رشيد الرشيد من المشارفة من الوهبة من بني تميم رزق منها بخمس بنات وولد واحد اسمه محمد توفي في حياته وله من العمر خمسة عشر عاماً.
وقد توفي المترجم له في مدينة شقراء بعد ظهر يوم السبت الموافق 20/10/1408هـ وصلي عليه ودفن في مقبرة شقراء بعد عصر ذلك اليوم رحمه الله برحمته الواسعة هو وجميع موتى المسلمين(3) .
20 محمد بن علي بن محمد بن علي بن محمد بن علي ابن الشيخ محمد بن محمد بن عبدالله بن نشوان من المشارفة من قبيلة الوهبة من بني تميم. ولد في بلدة الحريّق سنة 1330ه نشأ وترعرع فيها وأخذ مبادئ العلوم على أئمة بلده، وقد بدأ بحفظ القرآن الكريم على يد والده علي بن محمد بن نشوان الذي كان يحفظ القرآن الكريم عن ظهر قلب ويقرؤه في المصحف، ولكنه لا يقرأ في غيره من الكتب ولا يكتب. ثم قرأ المترجم له على يد الحافظ سعد بن شويرخ، ثم أكمل حفظ القرآن الكريم لدى إمام جامع الحريّق عبدالعزيز بن محمد الحميزي وهو لم يبلغ الخامسة عشرة من عمره بعد، وقد تعلم على يد الحميزي القراءة والكتابة حتى مهر فيهما، وأخذ عنه مبادئ الفقه والتوحيد والعربية وما توفر لديه من علوم، كما أنه استفاد من أخيه عبدالعزيز الذي يكبره سنا(4) ، وقد ظهرت عليه النجابة والتفوق على أقرانه في سن مبكرة، وبعد أن شب عن الطوق كانت المعيشة تستدعي الكد والجد والكدح فأشغلته عن طلب زيادة العلم. تزوج من آل قاسم إحدى أسر البلدة، وهم من آل عاصم من قحطان.
وقد شارك المترجم له مع الملك عبدالعزيز أثناء توحيد المملكة العربية السعودية فكانت له مشاركة في «مغزى» اليمن سنة 1353هـ وهو في ريعان شبابه(5) .
تولى إمامة مسجد موافقة(6) في بلدة الحريّق منذ تأسيسه في سنة 1370هـ تقريباً إلى أن انتقل من بلدة الحريق إلى مدينة الرياض في سنة 1386هـ من أجل دراسة أولاده.
كان من الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر احتسابا، وكان يكتب بعض الوثائق والمخاليص لأهالي بلدته الحريّق، وخطه معمول به لدى القضاة والكتاب الآخرين، وكانت له مكاتبات مع قضاة الوشم، ومنهم الشيخ صالح بن علي بن غصون رحمه الله تعالى وتميز خطه بالحسن.
وبعد فتح المدرسة الابتدائية في الحريّق سنة 1377هـ عمل ضمن أعضائها وموظفيها وقد طلب منه أن يكون إماما للمسجد الجامع في بلدة الحريّق خلفا لعلي الحميزي بعد ما انتقل إلى مدينة شقراء إلا أنه امتنع، وكان مقيماً في مدينة الرياض منذ سنة 1386هـ كما مر آنفا. ومحل إقامته في الرياض في حي العجلية الذي يضم جماعته أهل الحريّق، وقد وافق عام قدومه للرياض توجيه سماحة مفتي الديار السعودية الشيخ العلامة محمد بن إبراهيم آل الشيخ عبدالعزيز بن عبدالرحمن بن نشوان لقضاء الخرج، وكان في ذلك الوقت إماما لمسجد العجلية فعرض الشيخ عبدالعزيز على المترجم له إمامة المسجد فوافق على ذلك خلفاً له، وكان المترجم له يستعير بعض الكتب من مكتبة الشيخ عبدالعزيز لقراءتها. وبعد عشر سنوات نقل إمامته إلى مسجد الشعبة في حي العجلية واستمر فيه حتى تركه قبل وفاته بسنتين بسبب المرض والكبر كما عين مراسلا في المدرسة الرحمانية. توفي - رحمه الله تعالى - في يوم السبت الموافق 17/3/1419هـ عن عمر قارب التسعين عاما وصلي عليه بعد صلاة العصر من يوم الأحد في مسجد الراجحي بحي الربوة بالرياض، ودفن في مقبرة النسيم وقد حضر جنازته وتشييعه جمع غفير من جماعته ومحبيه.
كان رحمه الله صدوقاً صادقاً ثقة عدلاً محبوباً من جماعته ومقربيه وأهل بلدته، وكان وصولاً للرحم فلا يترك اجتماعاً أو مجلساً يضم أفراد أسرته إلا حضره سواء كان المكان بعيداً أو قريباً، وكانت له مداعبات جميلة مع من صحبوه. وإذا حصلت منازعات ومشاكل كان بمحبته وحسن أخلاقه يتوسط بينهم وينهي تلك المشاكل لما له من خبرة ومحبة بين الناس. حريص على النوافل في العبادات ومراجعة حفظه للقرآن الكريم، فكان يسأل بعض زائريه عن بداية بعض السور والآيات المتشابهة، وذلك في مرضه رحمه الله.
وقد خلف المترجم له ثلاثة أبناء وهم: علي وبه يكنى وعبدالعزيز وعبدالله.
رحم الله المترجم له برحمته الواسعة هو وجميع موتى المسلمين(7) .
وبعد هذه الحلقات عن تاريخ هذه البلدة وتراجم بعض كتابها استميح القارئ الكريم عذراً عما جرى من تقصير أو نسيان واستحث همم أبناء هذه البلدة النابهين في جمع كل ما يتعلق بها من معلومات ووثائق وانطباعات لحفظه أولاً عن الضياع للأجيال القادمة، ولتسهيل وصول الباحثين إليه ثانياً لتأخذ طريقها في التعريف كبقية البلدان، وليكون ذلك لبنة تعقبها لبنات حتى يتم البناء، ولا يفوتني أن أقدم شكري لجميع الاخوة الذين زودوني بما لديهم من معلومات ووثائق جزاهم الله خير الجزاء، وفق الله الجميع لكل خير وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
الهوامش:
(1) أما الافتتاح الفعلي للمدرسة ففي سنة 1377هـ عندما تولى إدارتها الأستاذ عبدالرحمن بن عبدالعزيز العنقري حيث عمل عند قدومه اختبارا لمعرفة مستويات الطلاب وقسمهم إلى ثلاثة فصول حسب جودة كل طالب ومقدار حفظه من القرآن وطلب عدداً إضافياً من المدرسين.
(2) تولى الإمامة والخطابة في جامع بلدة الحريّق من بعده علي بن إبراهيم بن علي الحسن من المشارفة من الوهبة من بني تميم، ولا يزال إلى الآن وهو مع ذلك شاعر مجيد يمتاز شعره بقوة العبارة وملامسة الواقع نختار له هذه القصيدة عن بلدته الحريق بعدما تجول بين منازلها القديمة:


يقول من قلبه رحوم بالأموات
شفت البيوت وذكّرت من نزلها
وقفت أهوجس والصدر فيه عبرات
دنيا الفلس خسران من يركن الها
رحت أتمشى في البلد بعض الأوقات
شفت المجالس عادمة عقب أهلها
الله وأكبر ذكرتني بما فات
وين البيوت العامرة وين أهلها
ما كنها سكنت ولا جابها أصوات
سبحان محصي كل نفس بأجلها
من عقبهم صارت لك الله دمومات
مجالس شُمخ وساوت سهلها
أمشي مع الشرع وأطوح بالأصوات
والعين تذرف دمع مما جرى الها
ذكرت ربعِ لي بهاو القرابات
فنيوا على ما واجهوا من عملها
ما عاد تلقى للمساكن علامات
توازنت جدرانها مع سهلها
يا الله طلبتك يا عليم الخفيات
يا محصي الأنفس وكاتب أجلها
عضهم عن الدنيا جنان عليات
في جنة الفردوس من ضمن أهلها
برحمتك يالي رافع السموات
يا غافر الزلة عن اللي فعلها
تجعل لهم عندك حضوض وفيرات
تسمح عن اللي للخطايا عملها
واختامها صلوا عدد كل من مات
وعد الشجر مع الحجر مع سهلها
على نبي الله سيد البريات
محطم الأصنام بوجيه أهلها

ونذكر هنا من وصل إلينا خبره من المؤذنين في جامع بلدة الحريّق منهم: عبدالرحمن بن رشيد الرشيد «توفي سنة 1354ه تقريباً» إثر سقوطه من سطح المسجد بعد أن أذن لصلاة العصر، وكان عبدالعزيز بن سيف المهنا وكيل أوقاف الصائمين قد حلم قبل سقوط المذكور بأسبوع أن منارة الجامع قد سقطت، وقد لبث ابن رشيد في وظيفة الأذان أمداً طويلاً وهو أخ الأمير الحريق ذلك الوقت عبدالله بن رشيد «ت 1360ه». كان عبدالرحمن بن عبدالعزيز السنيدي ينوب عن ابن رشيد في الأذان في بعض الأوقات فقط، وقد أدركه أجله بعد ابن رشيد المذكور بأيام قلائل قيل إنها لم تتجاوز أسبوعا، ثم توالى على وظيفة الأذان عدد من المؤذنين، نذكر منهم على غير ترتيب: المؤذن سعد بن دهيّم وعبدالله بن محمد الحميزي ومحمد بن علي الطويل والد الأمير عبدالرحمن وإبراهيم بن عبدالرحمن بن رشيد وعبدالرحمن بن محمد الجماز، وعبدالعزيز بن سيف المهنا كان ينوّب في الأذان والإمامة وعبدالرحمن بن محمد الطويل ثم يحيى بن عبدالله المقحم ولا يزال إلى الآن.
(3) زودني ببعض معلومات هذه الترجمة وغيرها وبعض الوثائق الأستاذ الفاضل إبراهيم بن عبدالله الحميزي فله مني جزيل الشكر والتقدير.
(4) سبقت ترجمته في «الحلقة الثالثة» المنشورة في هذه الصفحة العدد «10629» في يوم الأحد 19/8/1422هـ.
(5) وممن شارك في معارك توحيد البلاد من أفراد أسرة آل نشوان أيضاً: سعد بن عبدالله بن محمد بن نشوان الذي قتل في وقعة جراب سنة 1333هـ رحمه الله تعالى.
(6) حمل المسجد اسم «موافقة» نسبة لبئر تقع شرقيه اسمها بئر «موافقة» وكانت بداية المسجد عندما أوقفت البئر في سنة 1352هـ عبارة عن مصلى صغير يصلي فيه من تفوته الصلاة في المسجد الجامع، و منذ سنة 1370هـ تقريباً صار الناس يصلون في مسجد موافقة بانتظام وفي سنة 1373هـ بني بناء حسنا بالطين حسب لوحة معمولة بالجص كانت موجودة على أحد جدر المسجد، ولكنها أزيلت عندما تم هدمه منذ عشرين عاما تقريباً وأعيد بناؤه بالأسمنت على النمط الحديث.
وأصبح يؤذن ويصلي فيه منذ تأسيسه ولمدة وجيزة قيل إنها شهر واحد فقط عبدالله بن محمد الحميزي وهو من مواليد سنة 1313ه ووفاته في 13/6/1403ه، ثم صار الإمام محمد بن علي بن نشوان المترجم له ثم أتى في الإمامة عثمان بن عبدالعزيز العنقري ثم إبراهيم بن عبدالله السنيدي وصار مؤذناً في بعض السنوات ثم أتى من بعده في الإمامة إبراهيم بن عبدالرحمن الطويل، ثم عثمان بن مشاري العنقري ولا يزال إلى الآن، أما المؤذنون فنذكر منهم عبدالله بن عبدالرحمن بن رشيد وإبراهيم بن رميح وعبدالله بن عامر وعلي بن إبراهيم الطويل ولا يزال إلى الآن.
(7) استقيت هذه الترجمة مع بعض التصرف من فضيلة الشيخ عمر بن عبدالعزيز النشوان قاضي محكمة القصب فله مني جزيل الشكر والتقدير. وقد ذكر فيما أرسله إليَّ أن جد المترجم له: محمد بن علي بن محمد بن علي ابن الشيخ محمد بن نشوان ممن يكتب الوثائق وخطه جميل، وهو الذي سبق أن جعله أمير أشيقر محمد بن إبراهيم بن نشوان أميرا على غزو أهل أشيقر، وللفائدة ينظر: «العلماء والكتاب في أشيقر: 2/225» إذ ورد في وثيقة أن المذكور كان أميرا لأشيقر وذلك قبل أن يتولى محمد بن إبراهيم بن نشوان الإمارة فيها.
(*) للتواصل: الوشم أشيقر 11961
ص.ب: 6075

 

[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved