* بيروت عبدالكريم العفنان:
بدأت صباح أمس الخميس فعاليات جلسات ندوة «المملكة العربية السعودية والجمهورية اللبنانية في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز»، التي تنظمها دارة الملك عبدالعزيز بالتعاون مع الجامعة اللبنانية وذلك بمناسبة مرور عشرين عاماً على تولي خادم الحرمين الشريفين مقاليد الحكم.
وشهدت قاعة نزار الدين بالجامعة اللبنانية حضوراً كثيفاً منذ الصباح حيث بدأت الجلسة الأولى في تمام الساعة العاشرة برئاسة الدكتور ساسين عساف عضو هيئة التدريس بالجامعة اللبنانية، وقدم خلالها الدكتور فهد العرابي الحارثي عضو مجلس الشورى السعودي وأستاذ الأدب العربي بجامعة الملك سعود بحثاً بعنوان «دور المملكة العربية السعودية في سلام لبنان واستقراره» ألقى فيه الضوء على الاهتمام السعودي المستمر بالشأن اللبناني وبخاصة خلال الحرب الأهلية الشرسة، والدور الوساطي المميز الذي قام به خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز في إنهاء هذه الحرب، إضافة إلى أن الاهتمام السعودي تجاه الشأن اللبناني يدل دلالة واضحة على موقف أخلاقي واضح عرفت به القيادة السعودية تجاه ما يشغل محيطها من هموم وكوارث.
ثم قدم الدكتور عثمان بن ياسين الرواف عضو مجلس الشورى وأستاذ العلوم السياسية بجامعة الملك سعود بحثا بعنوان «دور خادم الحرمين الشريفين في معالجة الأزمة اللبنانية» اشتمل على ثلاثة أجزاء الأول مقدمة مختصرة توضح منطق خادم الحرمين الشريفين في التعامل مع جميع الأزمات والقضايا العربية والإسلامية وحرصه على تسويتها، كما تناول باختصار طبيعة الأزمة اللبنانية المعقدة، حيث أشار إلى أن من أهم القضايا التي حظيت باهتمام خادم الحرمين الشريفين هما القضية الفلسطينية والأزمة اللبنانية، وفي تعامله مع الأزمة اللبنانية أدرك خادم الحرمين الشريفين أنه يواجه أزمة من أصعب الأزمات العربية وأكثرها تعقيداً، خاصة لارتباطها بالقضية الفلسطينية وما نجم عنها من تدمير للبنان وقتل للبنانيين في الحرب الأهلية، وهو ما جعل الملك فهد بن عبدالعزيز يضاعف من جهوده ويسعى بإصرار للعمل على معالجة الأزمة ، وقد استمرت تلك الجهود ثلاثة عشر عاماً.
حيث أشار إلى أن حرص الملك فهد على الوساطة كان لعدة أسباب ..
1 ظروف الحرب الأهلية اللبنانية الشرسة التي كانت تحصد أحياناً أكثر من مائة قتيل في اليوم الواحد.
2 ارتباط الأزمة اللبنانية بالقضية الفلسطينية التي تحظى باهتمام خاص من المملكة العربية السعودية.
3 إدراك خادم الحرمين الشريفين بأن الوساطة السعودية كانت هي الوساطة الوحيدة في العالم التي يمكنها أن تنجح في معالجة هذه الأزمة لصلة المملكة بجميع الأطراف الرئيسية المعنية. وقد أخذت جهود خادم الحرمين الشريفين منحيين رئيسيين في معالجة الأزمة، وهما الاتصال المباشر مع مختلف القيادات اللبنانية والفلسطينية ومع قيادات الدول المعنية بالأزمة، وكذلك إرسال المبعوثين الشخصيين لمعالجة الوضع في فترات التصعيد.
وخلص الباحث إلى أهم الإنجازات التي حققها خادم الحرمين الشريفين في هذه الأزمة وهي .. عقد القمة الرباعية في الرياض في أواخر أكتوبر عام 1976م وضمت الرئيس المصري أنور السادات والرئيس السوري حافظ الأسد والرئيس الفلسطيني ياسر عرفات والقيادة السعودية ممثلة في الملك خالد رحمه الله وخادم الحرمين الشريفين وكان عندئذ وليّاً للعهد، ونتج عن هذه القمة الاتفاق على وقف سفك الدماء وعودة العلاقات المصرية السورية، وثانيا .. النجاح في إنهاء الحصار الاسرائيلي لبيروت وإخراج القوات الفلسطينية سالمة عام 1981م، ثم الوساطة الناجحة عام 1983م لوقف إطلاق النار بين الفصائل اللبنانية، وأيضا نجاح الأمير سعود الفيصل وزير الخارجية في التوسط بين القوات المتناحرة في طرابلس في نهاية عام 1983م.
وآخر نجاحات الوساطة السعودية هو اتفاق الطائف الذي نتج عن اجتماع المؤتمر الوطني اللبناني في الطائف في 30 سبتمبر عام 1989م ، وأدى إلى معالجة الأزمة اللبنانية وتسوية جميع مشاكلها.
د. عبد الرؤوف سنو يتحدث عن دور الملك فهد في إنهاء الحرب الأهلية اللبنانية
ثم قدم الدكتور عبدالرؤوف سنو عميد كلية التربية في الجامعة اللبنانية بحثاً بعنوان «الملك فهد ولبنان: دوره ومبادراته لإنهاء الحرب الأهلية اللبنانية 1982 ـ 1989م».
تطرق فيه إلى ثوابت السياسة الخارجية السعودية وما تحظى به القضايا العربية من أولوية في توجهاتها، ودور خادم الحرمين الشريفين في إنهاء الأزمة اللبنانية.
وجاء في البحث انه انطلاقا من ثوابت سياستها الخارجية القائمة على عدم التدخل في شؤون الدول الأخرى، وعدم السماح للآخرين في التدخل في الشؤون السعودية، ومشاركتها أمتها العربية همومها وقضاياها، وتقديم الدعم لها، هذا فضلا عن اعتبار أن أي اضطراب في أي عضو في المجموعة العربية هو عامل سلبي على النظام الإقليمي العربي، اضطلعت المملكة العربية السعودية في السابق، ولا تزال تضطلع بدور فعال على الساحة اللبنانية، وتقوم السياسة السعودية تجاه لبنان على تحسس قضاياه وظروفه وتفهم تعدديته الدينية، وعلى مساعدته لتجاوز أزماته والحفاظ على وحدة ترابه وشعبه واستقلاله.
بين عامي 1975 و1981م، تدخلت المملكة العربية السعودية بزخم، ولأكثر من مرة من أجل إطفاء نيران الحرب في لبنان: سواء من خلال مبادراتها الفردية، أو من خلال العمل العربي المشترك.
منذ عام 1981م، وحتى توليه الحكم في العام التالي، برزت سياسة ولي العهد الأمير فهد، أثناء اعتلال صحة المغفور له الملك خالد، في المساهمة بحال أزمة زحلة وأزمة الصواريخ بين سوريا والدولة الصهيونية، وعلى إجراء المصالحة بين الطوائف اللبنانية، وإحلال تسوية متوازنة تحل محل الميثاق الوطني لعام 1943م، لكن الاجتياح الاسرائيلي للبنان عام 1982م، عطل كل هذه المبادرات وفي مقدمتها مبادرة السلام في الشرق الأوسط للملك «ولي العهد» فهد عام 1981م.
وأضاف الباحث .. منذ تولي الملك فهد الحكم عام 1982م وحتى اتفاق الطائف عام 1989م، حافظت المملكة على سياستها السابقة تجاه لبنان.
د. حلاق: الدعم السعودي سياسة ثابتة ومستقرة
أما الجلسة الثانية فقد ترأسها الدكتور رياض زكي قاسم عميد كلية الآداب والعلوم الإنسانية بالجامعة اللبنانية، وبدأت بورقة عمل قدمها الدكتور حسان حلاق عضو هيئة التدريس في الجامعة اللبنانية بعنوان «دور المملكة العربية السعودية في دعم لبنان في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز».
جاء فيها أن المملكة العربية السعودية أسهمت في دعم لبنان منذ استقلاله عام 1943م، واعتبر هذا الدعم بمثابة سياسة ثابتة ومستقرة في مختلف العهود، ولوحظ أن لبنان حظي باهتمام خاص منذ أن تبوأ خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز آل سعود الحكم في المملكة منذ عام 1982م وحتى اليوم.
وأضاف «ومن الأهمية بمكان القول، ان الدعم السعودي للبنان لم يقتصر على ميدان واحد، وإنما كان شاملاً الدعم السياسي والاقتصادي والمالي والاجتماعي والإنساني، ومما يلاحظ أن المملكة العربية السعودية كان لها دور أساسي في دعم المؤسسات الحكومية والخاصة على السواء، بل إنه في فترة من الفترات ولا سيما بعد عام 1982م تم تقديم مساعدات اجتماعية على جميع اللبنانيين في مختلف مناطقهم ودون تمييز في طوائفهم.
هذا وتدل الإحصائيات والجداول الإحصائية مدى ما قدمته السعودية للبنان، ومدى الإسهامات المالية التي قدمتها المملكة حكومة وشعباً، فضلا عن إسهامات بعض أمراء المملكة ورجال الأعمال في استثمار عدد كبير من المشروعات السياحية والاقتصادية والاجتماعية، وهذا مما أعطى دفعاً قوياً للوضع اللبناني على الصعيد المحلي والعربي والدولي.
وقال الباحث «ولا يمكن في هذا المجال، أن ننسى دور المملكة في إنهاء الحرب اللبنانية واستضافة القادة والنواب اللبنانيين في مدينة الطائف، حيث تم التوصل هناك في أيلول سبتمبر 1989م إلى اتفاقية الطائف، التي كانت تمهيداً أساسياً لانطلاق لبنان الجديد على الأصعدة الاقتصادية والاجتماعية، والتربوية والسياسية، وفضلا عن هذا فقد قدمت المملكة إسهامات مالية قيمة لإعادة بناء مجمع الجامعة اللبنانية لتوحيد الجيل اللبناني الناشئ وللوصول إلى جامعة رائدة وحديثة.
د. جميل مرداد: الدور السعودي في لبنان تميز بالاستمرارية والشمولية
ثم قدم الدكتور جميل بن محمد مرداد، الأستاذ بمعهد الدراسات الدبلوماسية بوزارة الخارجية السعودية دراسة تحت عنوان «العلاقات السعودية اللبنانية» تناول فيها دور الملك فهد بن عبدالعزيز في إحلال السلام في لبنان، ومنطلقاته حفظه الله في التعامل مع الأزمة اللبنانية، بعد أن قدم موجزاً عن التضامن العربي والإسلامي في الفكر السياسي للملك عبدالعزيز والملك فهد، والتسويات السلمية للمنازعات العربية في الدبلوماسية السعودية.
وتطرق الباحث إلى مظاهر دعم الملك فهد للبنان سياسياً وإنسانياً واقتصاديا، مشيراً إلى أن المملكة العربية السعودية وقفت مع لبنان «الدولة والشعب» منذ استقلاله وحتى الوقت الحاضر، حيث ساعدت المملكة في إفشال مشروع تقسيم لبنان بعد الاستقلال، وفي تقريب وجهات نظر الفرقاء خلال الحرب الأهلية، ومد يد العون خلال الاجتياح الإسرائيلي وساعدت في التوصل إلى صيغة اتفاق الطائف عام 1989م، وأيضاً في إعادة إعمار لبنان.
قائلاً: «إن دور المملكة في لبنان تميز بالاستمرارية والاهتمام الشخصي من قبل قادة المملكة بأمن واستقرار لبنان وتمتعه بالسيادة الكاملة، كما تميز دور المملكة في لبنان بشموليته لكافة المجالات: السياسية والدبلوماسية والاقتصادية والعسكرية، كما تميز بأنه كان الأكثر نفوذاً وتأثيراً على الولايات المتحدة في الضغط على إسرائيل للابتعاد عن الخلافات اللبنانية الداخلية».
د. الأيوبي: الحرب المحنة والعلاقات السعودية اللبنانية
أما المتحدث الأخير في هذه الجلسة فكان الدكتور محمد بن عبدالرحيم الأيوبي، عضو هيئة التدريس بالجامعة اللبنانية وقدم بحثاً بعنوان «أضواء على جوانب من العلاقات السعودية اللبنانية إبان الحرب المحنة» بدأه بخلفية تاريخية للحرب الأهلية في لبنان أوضح فيها التركيبة الديمغرافية الطائفية التي يتميز بها الشعب اللبناني وكذلك الموقع الجغرافي الهام للبنان وأثره فيما يعيشه هذا القطر الشقيق من تقلبات سياسية.
وأشار إلى ان الاختلافات العقائدية والفكرية بين سكانه أدخلت البلاد في دورات من العنف الطائفي منذ عام 1841م وحتى 1975م.
وقال الباحث: «إن الاحتقان والاختلاف في وجهات النظر هو الذي أدى إلى الانجراف الكبير عام 1975م، وان نار الحرب التي أشعلت في لبنان في ذلك العام طالت البشر والحجر ولم توفر شيئاً».
وحول مبادرات الحل قال الباحث: «بدأت هذه المبادرات بالوساطة السورية التي نجحت في الوصول إلى صيغة تسوية مؤقتة في فبراير 1976م فيما عُرف باسم «الوثيقة الدستورية» ولكن هذه الوثيقة لم تطبق على أرض الواقع، واستمر الخلاف بين الأطراف اللبنانية رغم تدخل دمشق وانعقاد مؤتمر السلام العربي في الرياض، وما استتبعه من إنشاء قوات الردع العربي، ثم شهدت الأمة اللبنانية منعطفاً أخطر تمثل في الغزو الإسرائيلي للأراضي اللبنانية في حزيران 1982م، وهو الأمر الذي دعا المملكة العربية السعودية بقيادة الملك خالد بن عبدالعزيز رحمه الله لوقف هذا الغزو.
وتواصلت الجهود السعودية بعد تولي الملك فهد بن عبدالعزيز مسؤولية الحكم».
وعدد الباحث وسائل وأشكال الدعم السعودي للاستقرار للبنان وسلامته مشيراً إلى أن مؤتمر الطائف يعد من أهم انجازات الملك فهد بن عبدالعزيز التاريخية.
مؤتمر الطائف.. محور الجلسة الثالثة
أما الجلسة الثالثة فأقيمت ظهراً وخصصت لمحور «مؤتمر الطائف» وترأسها الدكتور إحسان أبو حليقة عضو مجلس الشورى بالمملكة العربية السعودية، وبدأت ببحث الدكتور عصام سليمان الأستاذ بكلية الحقوق والعلوم السياسية بالجامعة اللبنانية بعنوان «جهود خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز في انجاح مؤتمر الطائف، ونتائج المؤتمر».
أوضح فيه المعطيات التي سبقت مؤتمر الطائف، وما وصلت إليه الأزمة اللبنانية في عام 1988م، ودور خادم الحرمين الشريفين الملك فهد في إنجاحها مبرراً ذلك بمكانة الملك فهد العالية، والتزام السعودية بالحياد إزاء الصراعات العربية، وبخاصة على الساحة اللبنانية، ثم تطرق إلى تشكل اللجنة الثلاثية العربية العليا كإحدى نتائج القمة وما قام به الملك فهد بن عبدالعزيز أيضاً من أجل إنجاح مهمة هذه اللجنة.
وانتقل الباحث بعد ذلك إلى الخطوات التمهيدية لعقد مؤتمر الطائف، ومشروع وثيقة الوفاق الوطني، والأطراف التي شاركت في صياغة المشروع، وما وفرته المملكة العربية السعودية من مساندة وتمهيد لإقراره من خلال مساعٍ حثيثة مع كل الأطراف المعنية.
واختتم الباحث حديثه بنتائج مؤتمر الطائف، وأهم بنود وثيقة الوفاق الوطني مشيراً إلى ان الاتفاق أرسى قواعد جديدة للنظام السياسي اللبناني وللعلاقات بين سوريا ولبنان، وأيضاً أكد على ضرورة تحرير الأراضي اللبنانية الواقعة تحت الاحتلال الإسرائيلي عن طريق الشرعية الدولية والمقاومة التي هي حق مشروع.
وأكد الباحث ان دور خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز تواصل بعد مؤتمر الطائف لحشد الدعم الدولي لما نتج عن المؤتمر من اتفاق.
مؤتمر الطائف.. رؤى ومواقف
ثم تحدث الأستاذ جورج فرشخ الكاتب والإعلامي اللبناني المعروف عن «مؤتمر الطائف: رؤى ومواقف» فتناول ما أحاط بمباحثات مؤتمر الطائف من مواقف متباينة، وحلل أسباب وخلفيات تلك المواقف من جانب أطراف الأزمة اللبنانية، والجهود التي بذلت لإنجاح المؤتمر.
د. عدنان حسين يتحدث عن المضامين السياسية للاتفاق
ثم اختتم الدكتور عدوان السيد حسين الأستاذ بكلية الحقوق والعلوم السياسية والإدارية بالجامعة اللبنانية هذه الجلسة بورقة عمل بعنوان «اتفاق الطائف في الإطارين الاقليمي والدولي» تحدث فيها عن المضامين الدستورية والسياسية التي حملها الاتفاق، وأهميته في وقف الحرب وإحلال السلام مشيراً إلى أن ذلك لم يكن يتم لولا التحضيرات والمبادرات التي امتدت طوال عقد الثمانينيات، وفي مقدمتها الرعاية الكريمة من خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز التي قامت بدور محوري في عقد شمل البرلمانيين اللبنانيين وفي استخلاص نقاط مشتركة للوفاق الوطني.
ثم تطرق لأبرز التحضيرات المحلية والعربية والدولية للمؤتمر والنقاط المشاركة التي تم التوصل إليها في المشاريع المطروحة للوفاق الذي حظي بتأييد دولي ملحوظ شكل إطاراً كافياً لتنفيذ بنوده.
وقال الباحث «إن اتفاق الطائف لم يكتف بمحددات الإصلاح الداخلي، وإنما طرح محددات علاقات لبنان الخارجية بدءاً من العلاقات اللبنانية السورية، واللبنانية العربية وصولاً إلى علاقات لبنان مع المجموعة الدولية».
واختتم الباحث ورقته بالتأكيد على أهمية اتفاق الطائف ليس فقط على صعيد وقف حرب داخلية تهدد وجود دولة عربية بل وتهدد أمن الدول العربية المجاورة مطالباً بضرورة تنفيذ باقي بنود الاتفاق التي لم تنفذ بعد.
الجلسة الرابعة
وفي الجلسة الرابعة والأخيرة التي ترأسها الدكتور ناصر بن عبدالعزيز الداود الأستاذ الجامعي ومدير المكتب الخاص لصاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز أمير منطقة الرياض، والتي خصصت لمحور «خدمة الأعمال الإنسانية والإغاثية السعودية خلال الحرب الأهلية في لبنان» قدم الدكتور عبدالقادر طاش محمد طاش، الأستاذ الجامعي ورئيس تحرير جريدة البلاد السعودية سابقاً ورقة عمل بعنوان «البعد الإنساني والإغاثي في العلاقات السعودية اللبنانية في عهد خادم الحرمين الشريفين» حيث أشار إلى ان البعد الإنساني والإغاثي يمثل ملمحاً أساسياً في النهج السعودي للعلاقات بين المملكة العربية السعودية وبقية دول العالم، وقد أولت المملكة هذا البعد رعاية خاصة في جميع علاقاتها الخارجية سواء بأشقائها العرب والمسلمين أو بالدول الأخرى دون ان تمارس تمييزاً عرقياً أو دينياً أو ثقافياً فيما بينها.
وعن العلاقات السعودية اللبنانية قال د. عبدالقادر طاش: «أجمع المسؤولون والمحللون السياسيون على أن العلاقات السعودية اللبنانية في عهد خادم الحرمين الشريفين كانت ولا تزال من أكثر العلاقات متانة وتميزاً».
واستشهد الباحث بعنوان لمجلة لبنانية مرموقة في ذكرى اليوم الوطني السعودي عام 1993م والذي قال: «الملك فهد أرسى أقوى العلاقات مع لبنان، سجل ذهب من العون والدعم في شتى الحقول»، كما رصد الباحث تصريحات للسفير اللبناني الأسبق في المملكة الأستاذ زهير حمدان حول المواقف السعودية تجاه الشعب اللبناني، وكذلك ما أعلنه السفير السعودي الحالي في لبنان الأستاذ فؤاد صادق مفتي عن حجم المساعدات السعودية للبنان.
واختتم الباحث كلامه بالتأكيد على أن الدعم الإنساني والإغاثي الذي قدمته المملكة العربية السعودية في عهد خادم الحرمين الشريفين هو جزء أصيل من النهج السعودي في الاهتمام بالأشقاء من منطلق قومي وإسلامي.
د. نادر سراج يتناول الأعمال الإنسانية والإنمائية
ثم تحدث الدكتور محمد نادر سراج عضو هيئة التدريس بالجامعة اللبنانية عن «الجهود السعودية في دعم الأعمال الإنسانية والإنمائية في لبنان خلال وبعد الحرب الأهلية» فقال «الجهود السعودية المشكورة في دعم الأعمال الإنسانية في لبنان وبعد الحرب الأهلية هي موضوع بحثنا وليس بمقدور المراقب إلا أن يضعها في سياق استراتيجية المملكة في تعاطيها مع الأزمة اللبنانية، واسهاماتها السابقة والحالية في تذليل العقبات وتطبيع الأوضاع والظروف الإنسانية والمعيشية والاقتصادية للبنانيين عموماً، لذا فنحن لن نغفل في بحثنا هذا مجمل المبادرات السعودية المتتالية التي صبت في خانة مساعدة اللبنانيين على تجاوز سنوات الحرب والفتنة، فدعم الأعمال الإنسانية والإغاثية، ومد يد العون لتعزيز سبل عيش اللبنانيين وتعزيز صمودهم الاقتصادي، ناهيك عن المشاريع التنموية المختلفة التي اسهمت المملكة في إخراجها إلى النور، في غير منطقة لبنانية، كفيلة كلها بتوفير الشواهد الملموسة على وجوه هذا الدعم المشكور.
وأضاف «وغني عن التذكير هنا ان الدعم الذي قدمته المملكة العربية السعودية ولا تزال إلى لبنان، بتوجيه خادم الحرمين الشريفين لا يقتصر على ميدان بعينه، أو منطقة بحد ذاتها، بل هو يتجلى في مختلف الميادين السياسية والإنسانية والاقتصادية.
فعلى الصعيد الإنساني، قامت المملكة بتقديم مساعدات عينية للشعب اللبناني، في غير مناسبة وفترة زمنية، ومن ثم تفضلت بفتح أبوابها للبنانيين الذين ضاقت بهم سبل العيش وظروف العمل، فاستغاثتهم خلال سنوات الأزمة.
أما على الصعيد الاقتصادي، فقد تمثل الدور المميز للمملكة في توفير فرص العمل الشريف للموارد البشرية اللبنانية إضافة الى فتح أسواقها للبضائع اللبنانية، فضلا عن توفير المساعدات من هبات وقروض ميسرة، وخاصة بعيد مؤتمر الطائف، وإقرار وثيقة الوفاق الوطني.
د. حلبلب يطالب بتطبيق كامل لوثيقة الوفاق
واختتمت فعاليات الجلسات بورقة عمل قدمها الدكتور عمر حلبلب مدير عام وزارة الثقافة اللبنانية وعضو هيئة التدريس بالجامعة اللبنانية، تحت عنوان «وثيقة الوفاق الوطني والمستقبل»، أوضح فيها أن اتفاق الطائف على الرغم من أنه أوقف الحرب الأهلية إلا أنه لم يرسخ السلم الأهلي بعد في إطار الوحدة الوطنية، مؤكدا أن التطبيق الانتقائي أو «الاستنسابي» لا يجوز حتى لا يتهدد السلم الأهلي من جديد.
وتحدث الباحث عن إمكانية تعديل النص الدستوري للوثيقة مشيرا إلى أن مهمة التشيع وتفسير النصوص الدستورية لا يمكن أن تخضع للتجاذب السياسي أو لتغليب المصلحة الخاصة المصلحة العامة التي هي مصلحة الشعب اللبناني، وأكد أن هناك حاجة ماسة لتشكيل مجتمع مدني، مجتمع الأحزاب والجمعيات والنقابات المهنية والاقتصادية بعيداً عن الأطر الضيقة، مجتمع تسود فيه علاقات طبيعية بين اللبنانيين. واختتم بحثه بالقول .. إن وثيقة الوفاق الوطني ليست غاية بذاتها وإنما هي مدخل عبر منه اللبنانيون نحو وقف الحرب الأهلية، بيد أن هذه الوثيقة جديرة بالتطبيق.
أولاً على كل المستويات والمضامين، وبعد ذلك ننتقل بإرادة وطنية جامعة نحو التطوير في عالم متغير بسرعة.
مختارات شعرية
وبعد انتهاء فعاليات جلسات الندوة ألقى الدكتور عبدالله بن صالح العثيمين عضو مجلس الشورى السعودي وأستاذ التاريخ الحديث بجامعة الملك سعود وأمين عام جائزة الملك فيصل العالمية مختارات شعرية نالت إعجاب الحضور.
|