Friday 31th May,200210837العددالجمعة 19 ,ربيع الاول 1423

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

اتفاقية متعسِّفة تطبق يوليو القادم اتفاقية متعسِّفة تطبق يوليو القادم
«سولاس» هل تحيل الأسطول البحري للتقاعد؟
الصادرات والواردات العربية ستصبح رهينة لأسعار السفن المؤجرة

* القاهرة مكتب الجزيرة محمد العجمي:
فجع العالم في ابريل 1912 على غرق السفينة «تيتانيك» وما أسفر عن هذا الحادث من غرق الآلاف من ركاب السفينة، فقام اصحاب الشركات الملاحية بمختلف انحاء العالم بتشكيل منظمة دولية بهدف تأمين السفن لتقليل الحوادث وخفض الآثار الجانبية لها، فجاءت المنظمة الدولية للملاحة البحرية« I.M.O»ومقرها انجلترا عقب هذا الحادث، وذلك للاهتمام بالطاقم البشري، والسفينة، والمعدات، والاجهزة المساعدة، واخلاء الركاب في اقل وقت اثناء الخطر، وتطوير سفن الانقاذ، وقد صاغت المنظمة كل ذلك في اتفاقية تهدف لحماية الارواح في البحار سميت باتفاقية «سولاس» التي اصبحت دستوراً بحرياً ملزماً لجميع اعضاء المنظمة والبالغ عددهم اكثر من 150 دولة لتنفيذ بنوده بدون حذف او اضافة، ومن يوقع على اتفاقية «سولاس» يصبح فردا في جماعة، ولا يجوز له ان يتخذ قراراً منفرداً، ورغم ذلك فالقانون مرن وقابل للتطوير حسب المستحدثات التكنولوجية.
ونظراً لتكرار الحوادث تم وضع منظومة السلامة الدولية«I.S.M» وهي منبثقة عن اتفاقية «سولاس» ويتم تنفيذها وتطبيقها اول يوليو القادم، وتهتم بالعنصر البشري الذي يعمل على السفينة وداخل ادارات الشركات بهدف رفع كفاءتهم لتقليل الحوادث البحرية وتنص بنودها على ضرورة تنفيذ العاملين على السفن للاتفاقية الخاصة بتدريب البحارة والعاملين بادارات الشركات لتنمية مهاراتهم، وللوقوف على الجديد في علم تشغيل السفن والصيانة المطلوبة والمسماة «T.C.W »حيث يقع على ادارة الشركة عبء انتقاء الافراد ذوي الكفاءة والخبرة في الشركات الملاحية، كما تلزم الاتفاقية ادارة الشركات الملاحية بضرورة تحديد شخصين احدهما اساس والآخر بديل للاتصال بهما عند الطوارئ على السفن التابعة لشركاتها، ويسميان «D.P.A »واشترطت الاتفاقية ان يكون هذان الشخصان لهما مكان مخصص ومعلوم بادارة الشركة، وان يكونا من الشخصيات القوية القادرة على اتخاذ القرار المناسب في وقت مناسب، وتتوافر لهما وسائل الاتصال المتطورة والسريعة للربط بين السفن في عرض البحر ومركز اتخاذ القرار« D.P.A» بمقر الشركة.
أين الشركات العربية؟
والتساؤل الذي يفرض نفسه هل شركات الملاحية العربية اعدت نفسها لاستقبال هذه الاتفاقية، وخاصة بعد ان قاربت المدة على الانتهاء التي منحتها المنظمة الدولية الموقعة على الاتفاقية، التي وصلت الى اربع سنوات، وذلك لتوفيق اوضاعها، وتنفيذ جميع الاشتراطات التي جاءت في الاتفاقية، وهي عدم تخطي عمر السفينة 20 عاماً بجانب ازدواج اجسام السفن الناقلة للبترول وتطوير وسائل الاتصال وتحديثها على السفن ليكون الاتصال عبر الاقمار الصناعية؟
بداية نوضح ان خطورة هذه الاتفاقية يرجع الى صراحة بنودها والتنفيذ بلا تقصير، وقد تفقد الشركات الملاحية شهادات التشغيل التي تحصل عليها من المنظمة الدولية للملاحة البحرية اذا لم تلتزم بها، وهو ما دعا خبراء النقل الى التحذير من عدم قدرة الشركات العربية الملاحية على الاستمرار في ظل القوانين الصادرة من المنظمة الدولية، التي سيتم تطبيقها بالكامل على باقي السفن في يوليو القادم، وذلك بعد ان تم تنفيذها بالفعل على السفن بالكامل وهي سفن الحاويات والدحرجة، والبضائع العامة، وترجع الخطورة ايضاً الى ان الاسطول العربي معظمه قارب على انتهاء عمره الافتراضي مما يوجب ان تكهن سفنه وتخرج من الخدمة بخلاف غرامات التلوث الباهظة التي ستدفعها الشركات صاحبة السفن القديمة في حالة ثبوت مسؤوليتها عن تلوث الشواطئ والموانئ والبحار، كما ان تنفيذ ما طالبت به الاتفاقية من ازدواج أجسام سفن نقل البترول تعجز عن تنفيذه معظم الدول العربية والنامية، الى جانب ان شهادات التشغيل التي ستسمح بها المنظمة الملاحية البحرية« I.M.O» سيتم استخراجها بعد فحص دقيق لكل ماهو متعلق بالنقل البحري من حيث تطبيق الاشتراطات على السفن والصيانة ووسائل الاتصال حتى الطباخين على السفن وملابس البحارة.
تكهين السفن العربية
وفي حالة عجز الدول العربية عن تنفيذ هذه الاشتراطات سيتم تكهين سفنها على ارصفة موانئها ولن تستطيع العمل نظراً لحالات التفتيش الصارمة التي ستتعرض لها السفن المخالفة في الموانئ.. بجانب الغرامات المالية الباهظة التي سيتم تسديدها من قبل اصحاب السفن المخالفة، ولا يغيب عن بالنا ان هناك مخاوف من ان تعجزالشركات العربية عن تنفيذ شروط هذه الاتفاقية، وخاصة ان الشركات المصرية للملاحة البحرية التي تمتلك 16 سفينة مهددة بالانهيار، ولا ننسى اننا فقدنا من قبل سفن الركاب في مصر وسوريا والسودان والجزائر ومكة والوادي، كما فقدت ناقلات البترول «السد العالي والفقرات» نتيجة لعدم تحديثها، وتركت الساحة للقطاع الخاص بسفنه المتهالكة، بجانب رفع علم «بنما» على سفن نقل الحجاج والمعتمرين وسوف ينهار اسطولنا البحري سواء كان قطاعاً عاماً او خاصاً اذا لم يساير شروط اتفاقية «سولاس».
النظرة القاصرة
اشار الخبراء الى ان النظرة القاصرة للعرب هي التي دفعت الدول الكبرى لكي تسعى لإخراج العرب من صناعة النقل البحري حتى تستأثر بتلك الصناعة، ويظهر الاحتكار في ابشع صوره في تلك المعاهدات والاتفاقيات الدولية، ومنها اتفاقية سولاس التي تزدحم باشتراطات وقيود وعقبات خاصة بسلامة السفن، وضعت الدول النامية التي وقعت عليها في مأزق حيث لا تستطيع تلك الدول مسايرتها نظراً للنفقات الباهظة التي لاتقوى عليها عند تطبيق هذه الاشتراطات على سفنها، ومن ثم يصبح البديل عن تحديث السفن هو تأجير سفن اجنبية، وبالتالي تصبح صادراتنا ووارداتنا رهينة للاسعار التي يحددها اصحاب السفن المؤجرة، وليس هذا فحسب بل يصبح امن امتنا القومي في خطر.. وأحد بنود هذه الاتفاقية ينص على ضرورة حصول البحارة من الربان الى اصغر عامل على السفنة وبما فيهم العاملون بإدارات الشركات الملاحية على دورات تدريبية، وبصفة مستمرة لمواكبة آخر ما وصل اليه العلم في مجال النقل البحري وبالتحديد السلامة البحرية.
وهو ما دفع الخبراء الى القول: إن اتفاقية السلامة البحرية لم تترك كبيرة او صغيرة في مجال النقل البحري الا وتدخلت فيه سواء بالنسبة للسفن او لأطقم البحارة او للعاملين في ادارة الشركات الملاحية، بهدف المحافظة على ارواح العاملين في مجال النقل البحري سواء كانوا ركاباً او بحارة الى جانب المحافظة على البيئة البحرية.
وطالب الخبراء بضرورة التعاون العربي والتكامل في مجال النقل البحري، وسرعة تحديث الاسطول البحري العربي قبل ان تضطر الدول العربية الى اللجوء لاسلوب التأجير فتفقد سيادتها على مقدراتها المنقولة بحراً، وتصبح تحت تحكم سفن الدول الاجنبية، مما يرفع اسعار النقل وتصبع عبئاً كبيراً على الصادرات العربية، وقدرتها على المنافسة في الاسواق العالمية..
وأكد الخبراء على ضرورة إنشاء شركة ملاحية عربية تقوم بخدمة الوطن العربي، ويتم دعمها من البلدان العربية الغنية الى جانب الاستفادة من الخبرة والامكانات البشرية المصرية حتى تستطيع الدول العربية مواجهة سوق النقل البحري الذي ستخرج منه جميع الدول النامية بعد تطبيق اتفاقية «سولاس».

 

[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved