Friday 31th May,200210837العددالجمعة 19 ,ربيع الاول 1423

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

في مسألة الاستثمار في مسألة الاستثمار
د. عبد العزيز داغستاني

عندما يتخذ المستثمرون قراراتهم، فإن عليهم ان يوازنوا بين توقعاتهم بالنسبة لأهداف استثماراتهم وبين قدرتهم على تحمل المخاطرة للوصول الى اهدافهم. هذه هي الاستراتيجية الاستثمارية التي حملتها نظرية المحفظة الاستثمارية الحديثة التي نادى بها الاقتصادي الامريكي ماركووتز في حقبة الخمسينيات الميلادية. وقد استخدم المستثمرون في الولايات المتحدة الامريكية هذه الاستراتيجية في الاستثمار في الدولار الامريكي في بداية الامر، ثم شاع استخدامها في بقية دول العالم بدرجات مختلفة من النجاح.
وتعتمد نظرية المحفظة الاستثمارية الحديثة على مبدأ التوزيع الامثل للاصول الاستثمارية، وهو ما يرتكز على ان اي قرار استثماري يعتمد على عاملين اساسيين هما: ان العائد على الاستثمار يعتمد على درجة المخاطرة، كما ان تنويع الاستثمار يساعد على تخفيض مخاطر المحفظة الاستثمارية عند مستوى عائد محدد.
وبصفة عامة، فان المحفظة الاستثمارية تكون جذابة عندما تحقق عائدا أعلى و/أو مخاطرة اقل. وهذا المعيار يُعرف في اطار نقدي محدد مسبقا. واي استثمار خارج هذا الاطار النقدي، يعني افتراضا مسبقا بصحة تقييم العوامل النقدية.
ومنذ ان ظهر سعر الصرف المرن في عام 1973م، فان مخاطر الاستثمار في النقود اصبحت مشكلة صعبة للمستثمرين الدوليين. ويتضح حجم هذه المشكلة عندما يقع المستثمر في دولة ما بين اغراءات العوائد المتاحة في الاسواق الاجنبية وبين الخوف من ان تذوب هذه العوائد عندما يحولها الى عملته المحلية نتيجة لتغير اسعار الصرف وعدم ثباتها.
وقد ادت التغيرات الكبيرة وغير المتوقعة في اسواق النقد الدولية الى صعوبة تقييم الاستثمارات وأثارت اكثر من سؤال حول جدوى نظرية التوزيع الدولي للاستثمارات. وقد ساعد تذبذب سعر الدولار في السنوات الاخيرة على التركيز على هذه التساؤلات. وقد اشار بعض خبراء الاستثمار في البنوك السويسرية الى ان تغير سعر الصرف يؤثر سلبا على حركة الاستثمار في اسواق المال العالمية، كما ان توجه اوروبا لاصدار عملة اوروبية موحدة سيؤدي الى الاضرار بالمستثمرين في الفرنك السويسري.
والملاحظ في هذا السياق، هو التفاوت بين المبدأ النظري والتطبيقات العملية في اسواق الاستثمار الدولية والتي قد لا تعكس بريق الرؤية النظرية لعلماء الاقتصاد. ولهذا، فان خبراء الاستثمار في البنوك التجارية الرئيسية في العالم ينصحون المستثمرين بعدم الوصول الى حكم نهائي فيما يختص بقنوات الاستثمار دون الرجوع الى الادوات الحديثة التي تقدمها آليات اسواق المال العالمية في الوقت الحاضر والتي تهدف الى حماية المستثمر في الاسهم والسندات الدولية المطروحة بعملات مختلفة، ومنها الحماية ضد مخاطر التغير في سعر الصرف.
وخلاصة القول ان النظرية الاقتصادية قد لا تتطابق مع الواقع بل قد لا يكون ممكنا ان تتطابق معه. ذلك لان النظرية الاقتصادية تطرح الاطار العام الذي يجب ان تتكيف التطبيقات العملية معه. وهذا هو العبء الحقيقي الذي يجب ان يتحمله المستثمر اولا واخيرا.

* رئيس تحرير مجلة «عالم الاقتصاد»

 

[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved