تعتبر وسائل النقل والاتصالات جزءاً لا يتجزأ من الحياة البشرية اليوم وعنصراً من عناصر الحضارة الإنسانية التي تكاد تتوقف بدونها معظم الأنشطة الاقتصادية من صناعية أو زراعية أو خدماتية وباستثناء الأبجدية وآلة الطبع لا نجد ما بين الاختراعات الحديثة اختراعا اضاف إلى المدنية اكثر مما أضافت إليه وسائل النقل والاتصالات.
فبدورها قصرت المسافات الجغرافية بين مواقع الانتاج ومواقع الاستهلاك وأتيحت الفرص لاعداد كبيرةمن الأيدي العاملة ان تعمل وتكسب قوت يومها.
ويبدو ان المهمة الأولى للنقل والاتصالات تتركز كعامل محفّر ومشجع لنمو الصادرات ودعمها كسوق ناشىء نامٍ. والحقيقة ان كل العمليات الإنتاجية الاقتصادية وفي أي موقع كانت لا يكون لها قيمة اقتصادية ما لم يتم نقل تلك المنتجات والسلع من مناطق إنتاجها إلى مناطق استهلاكها.
ان الاتصالات قديما وحديثا هي الوسيط الفعال والتي يتم بموجبها التفاعلات المكانية سواء في اتصالات الأفراد أو تبادل العلوم بين فائض عارض للخدمة وبين شارٍ وطالب لها. واصبح نشاط التصدير من أهم النشاطات الاقتصادية والتي يعتمد عليها في تنويع مصادر الدخل الوطني والذي يتوقع من خلاله ان تزدهر أحجام ومعدلات التبادلات التجارية بين القارات.
ولعبت طرق النقل دوراً كبيراً في إبراز الهوية المميزة لكل ثقافة ولكل مجتمع وكان من نتاجها ان تطورت المجتمعات الاستيطانية المستقرة رغم كل التباين في الفنون أو الطقوس بين الأمم حتى وصلت التفاعلات والاتصالات في مراحل تحديثها وتجديدها الحالي إلى المستوى الرفيع في الأداء والكفاءة وفي وظيفتها الموصلية وبدرجة لم تعرفها البشرية من قبل.
ان ظاهرة انتشار الاتصالات العالمية إنما هي ظاهرة إيجابية تكاد تقاس بها الحضارات التي تخدمها ليس فحسب في نقل ثقافتها عبر البحار والمحيطات وانما أيضاً في تصدير منتجاتها التي هي اليوم عماد اقتصاد أي موقع جغرافي ناقلة شهرتها وسمعتها إلى مختلف اللغات والجنسيات حول العالم.
ومن الملاحظ ان اهمية ودور هذه الوسائل باتت تسير وتوجه حسب رغبات واهداف مجموعات مختلفة في عاداتها وأديانها منها المحافظ على القيم والمثل التي مكنتها من خلالها نقل تبادلاتها التجارية عبر قنواتها محققة عوائد ربحية.
ومنها مجموعات لم تلتزم بقواعد الشحن العالمية التي بدورها أدت إلى تراجع في ثقة وحجم معدلات التبادل التجاري بين مناطق الطلب ومناطق العرض ويبدو ان هذا الشيء اكثر وضوحا عندما تكون تكاليف النقل العالية عائقا امام تحقيق سعر منافس للوحدة المنتجة محلية كانت أو اجنبية.
وقد نقرأ ما يعاني منه العديد من المؤسسات الاقتصادية الغربية من أزمة ثقة تعكسها مصداقيتها باستمرار نتيجة ما تنتهجه المؤسسات النقلية من سلوكيات ابتزازية في تعريفاتها النقلية مستهدفة أغراضاً ذاتية ربحية مؤقتة.
كما يمكن تفسير ظاهرة عدم الثقة لما عرف عن بعض مؤسسات النقل والشحن العالمي من مخالفات قانونية دولية مؤدية إلى رفع مستويات التشكيك والريبة في نزاهتها.
|