* القاهرة - مكتب الجزيرة - طه محمد:
عدد من القضايا الإعلامية في الوطن العربي تناقشها اللجنة الدائمة للإعلام العربي بالجامعة العربية بين وقت وآخر لرفعها إلى مجلس وزراء الإعلام العربي الذي ينعقد دورياً في شهر يونيو من كل عام لاقرارها، والنظر فيما يستجد من أحداث.
وحول هذه القضايا التقت «الجزيرة» الإعلامي أمين بسيوني رئيس اللجنة للحديث حول المستجدات الدائرة حالياً، ودور الإعلام العربي في كشف الجرائم الإسرائيلية في حق الشعب الفلسطيني، وتصحيح الصورة العربية في الخارج عقب أحداث سبتمبر الشهيرة.
وتناول بسيوني قضايا التعاون الإعلامي المشترك بين الدول العربية، وثورة الاتصالات التي يشهدها العالم حالياً، وانعكاساتها على الإعلام العربي، اضافة إلى قضايا أخرى، طرحت نفسها على مائدة الحوار التالي:
تعاون الإعلام العربي
* في اطار اجتماعات وزراء الإعلام العرب السنوية، إلى أين ترى التعاون والتبادل الإعلامي المشترك بين الدول العربية في مختلف المجالات الإعلامية؟
- الإعلام العربي في كل دولة عربية يثبت أنه يتقدم ويتطور عن ذي قبل، ونحن نعتز بهذا التطور، ونحرص عليه، ونطالب به دوماً، وقد شمل هذا التطور مختلف وسائل الإعلام.
وهناك التعاون الإعلامي الجماعي بين الدول العربية، وذلك من خلال جامعة الدول العربية واللجنة الدائمة للإعلام العربي والمؤتمرات العربية التي تعقد كل عام، وتناقش خلالها كل مشروعات التعاون الإعلامي بين وزارات الإعلام العربية سواء في مجال تبادل البرامج، وهو ما يتم الآن عبر الأقمار الصناعية أو من خلال اتحاد الإذاعات العربية أو الانتاج المشترك.
ومنها على سبيل المثال التعاون العربي القائم في مجال الفضائيات العربية، ودعم قضايا الإعلام العربي في فلسطين والصومال وجنوب لبنان، اضافة إلى أن التعاون الثنائي بين كل دولة عربية وأخرى ينتج عنه ولا شك تعاون يفيد المجموع العام.
* إزاء هذا التعاون الثنائي والجماعي بين أجهزة الإعلام في العالم العربي، كيف يمكن لهذا الإعلام المشترك القيام بتصحيح الصورة العربية في الخارج، وخاصة في الولايات المتحدة، بعد أحداث سبتمبر الماضي؟
- هناك تحركات بالفعل على عدة مستويات، فهناك خطة للتواصل مع السفارات العربية في الولايات المتحدة وأوروبا، اضافة إلى المراكز البحثية لالقاء الضوء على عمق الحضارة العربية، وقيم الإسلام التي تدعو إلى الحوار مع الآخر والتسامح، وأنه دين لا يعرف العنف أو الارهاب، وذلك من خلال نشر المقالات الصحفية في كبريات الصحف الدولية، وتأجير ساعات عدة على أجهزة الإعلام الغربية للقيام بالهدف نفسه.
وهذا التحرك كان سابقاً لأحداث سبتمبر، لولا أنها جاءت فعجلت به، لأن ذلك أحد أهداف اللجنة الدائمة للإعلام العربي التي تتضمن أيضاً تحرك المكاتب الإعلامية العربية في الخارج، لتكون هناك رسالة إعلامية عربية واضحة، تخاطب الغرب باللغة التي يفهمها الغرب.
فضائية موحدة
* وهل ترى أن انشاء فضائية عربية موحدة يمكن أن يحقق نفس الأهداف التي أشرت إليها؟
- حديثنا في العالم العربي عن فضائية موحدة ممتد ومتواصل، ولم ينقطع، ولكنه يحتاج إلى دراسات وأبحاث وامكانيات، فهي فكرة جادة، ولكنها صعبة التنفيذ، وهذه الفكرة ليست وليدة أحداث 11 سبتمبر، وإنما كما ذكرت فهي قديمة، وتحتاج إلى دراسات أعمق وأشمل.
وبالتالي فإن إنشاء مثل هذه الفضائية سيكون صعباً، لأننا نحتاج أن نتوجه إلى الغرب بلغات أجنبية عدة، وهذه دراسات غير قائمة حالياً.
ولكن كما ذكرت يمكن أن تكون المتحرك في الخارج على مستوى تأجير ساعات معينة على شاشات الفضائيات العالمية، لنبرز من خلالها خطابنا العربي الصحيح، وتوضيح الحقائق كاملة، وهو دور يلعب فيه رجال الأعمال من المهاجرين العرب دوراً كبيراً.
* وبماذا تفسر حالات الدعاية المغرضة من جانب أجهزة الإعلام الغربية ضد الصورة العربية الصحيجة؟
- يجب ألا نغفل وجود دعاية يهودية ولوبي صهيوني مسيطر على معظم أجهزة الإعلام الغربية، وخاصة في الولايات المتحدة الأمريكية، وذلك بتشويه الصورة العربية، والنيل منها. ولكن سياستنا الإعلامية بهذا الزخم الهائل من الفضائيات التي تصل إلى أوروبا وأمريكا، يمكن أن تؤدي دوراً في مواجهة هذه الدعاية المغرضة، وأن تتوفر لها اللغة التي يفهمها الغرب.
وعلينا ألا ننسى - أيضاً - حجم الكارثة التي وقعت في 11 سبتمبر فكانت وراء تعبئة الرأي العام العالمي في أمريكا إلى المتهم الذي ظهرت مؤشراته - حسبما ذكرت وقتها الإدارة الأمريكية - ضد العالم العربي، وأن منفذي الهجمات هم من أصل عربي.
كل ذلك أدى إلى تعبئة سريعة وفورية للرأي العام هناك ضد العالم العربي، وجعلته يسيء فهم الصورة العربية الصحيحة، للدول العربية، والخلط بين الإسلام والارهاب، وأعتقد أن الصورة الآن قد تغيرت، بعد أن بدأ لدى الرأي العام والإدارة في الولايات المتحدة تطلع إلى دراسة أكثر للعالم العربي والتي سيكتشفون خلالها الصورة الصحيحة للدول العربية والإسلامية.
* وهل ترى أن موافقة الكونجرس الأمريكي على توجيه فضائية إلى الرأي العام العربي يمكن أن يساهم في نجاح مثل هذه الفضائية الموجهة لخدمة السياسة الأمريكية؟
- ليس غريباً أن تتوجه دولة ما بفضائيتها إلى من تشاء، ذلك لأن الفضاء ليس حكراً على أحد، ومن حق الدول أن تتوجه بإعلامها إلى الدول أو الشعوب الأخرى، ما دامت قد توفرت لها الامكانات. وأؤكد أن العقل العربي محصن وأقوى من أن يتم اختراقه. وعموماً فالواقع يؤكد أن كل الفضائيات الموجهة تنال طريقها للفشل، ولدينا نماذج في ذلك «صوت أمريكا»، «B.B.C» ومع اعترافنا بدورها وامكانياتها وأهدافها، إلا أنها لم تستطع أن تحقق أهدافها الموجهة لاختراق العقل العربي، واستصعب على هذه المنابر تحقيق هدفها الموجه، وإن نجحت في بادئ الأمر، إلا أن عمرها الموجه يكون قصيراً.
ومن الضروري أن تقوم الفضائية المنتظرة على الفهم المشترك بين الدول العربية والإدارة الأمريكية، وألا تتوجه إليها في شكل دعائي، وأن تسعى إلى تحسين صورتها في العالم العربي.
العقل العربي.. محصن
* هذا يدفعنا للحديث بالضرورة عن القنوات الفضائية الأجنبية فهل تراها يمكن أن تؤثر سلباً على تقاليدنا وانتماءاتنا القومية، وطمس هويتنا العربية، ورؤيتكم لمواجهة مثل هذه المحاولات؟
- كما ذكرت من قبل، فإن العقل العربي أقوى من أن يتم اختراقه، وفي الوقت نفسه وجودنا في الفضاء ضرورة للغاية، وهو ما ظهر في اطلاق قمرين مصريين هما «نايل سات 101» ، «نايل سات 102» اضافة إلى القمر الصناعي «عربسات» وما تحمله هذه الأقمار من قنوات عربية يؤكد قدرتنا على ابراز ثقافتنا العربية، ومواجهة الثقافات الوافدة والدخيلة على مجتمعاتنا العربية.
وأظن أن قنواتنا العربية قادرة وبنفس الشيء على تعويض المشاهد العربي عن مشاهدته للقنوات الأجنبية، كما أنه قادر - أيضاً - على تمييز الغث من السمين، وأن يختار ما يحفظ هويته، ولا يخالف تقاليده وتعاليم مجتمعه.
* كلامكم هذا يؤكد أن المتلقي العربي لم يعد يوجه اهتمامه إلى الإذاعات أو القنوات الأجنبية لمتابعة الأحداث الكبرى، وعدم انصرافه عن فضائياته الوطنية، أو العربية؟
- هذا صحيح بالفعل.. فقد ولى زمن المشاهدة الواحدة، ولم يعد هناك إعلام أحادي، فالفضاء حالياً مفتوح للجميع، ولذلك استفاد منه الإعلام العربي جيداً، فشغل حيزاً كبيراً منه، وعاد ذلك ايجابياً على المستمع والمشاهد العربي، فلم يعد يعطي أولوية في المتابعة إلى أجهزة الإعلام الأخرى، بل يحرص على متابعة إعلامه الوطني وفضائياته العربية التي استفادت من التقنيات الحديثة، واستطاعت أن تشكل كوادر إعلامية تمكنت من تعزيز وجودها في وسائل الإعلام.
* البعض يرى أن هناك قضايا ثابتة على مستوى اللجنة الدائمة للإعلام العربي من كل عام دون أن تجد طريقها إلى التنفيذ، فما صحة ذلك؟
- أؤكد أن وجود قضايا ثابتة على جدول أعمال اللجنة التي ترفعها لاحقاً إلى الوزراء، يأتي نظراً لأهمية هذه القضايا، فمثلاً دعم العمل الإعلامي في الأراضي الفلسطينية، والتعاون بين الفضائيات لابد أن تكون قضايا دائمة النقاش على جدول الأعمال، نظراً لأهميتها الخاصة، اضافة إلى أن هذه القرارات ليست جامدة، ولكنها قرارات حية تنال طريقها للتنفيذ من وقت لآخر ودون إبطاء.
|