الحديث عن مستقبلنا التعليمي لايتم في فراغ، الحديث عن مستقبلنا التعليمي لم يكن في يوم ما مجرد حديث عاطفي ملتهب يسبك عباراته ويتلاعب بها كاتب أو مسؤول، الحديث عن مستقبلنا التعليمي هو أكبر من أن يكون مجرد خطابات نلقيها في مناسبات عامة لندغدغ بها مشاعر من نعتقد أنهم بسطاء وسذج.
التعليم المستقبلي الذي نريده ونتمناه لأبنائنا لن يخرج علينا فجأة، ولن تأتي به الصدف إلينا، الخطوة الأولى المباركة والجريئة في الاتجاه الصحيح نحو مستقبلنا التعليمي تبدأ بنجاحنا جميعا في بناء صورته المأمولة المثالية في أذهاننا «ولوزير المعارف هنا جهود مميزة»، ولكن يجب أن ندرك أن نجاحنا في الاتفاق على الصورة المثالية المستقبلية لتعليمنا لن يكفي لتحقيقها على الأرض بل لابد من توفر الإرادة السياسية المؤمنة بالدور الحاسم للتعليم في أمر التنمية الشاملة، والداعمة لكل مبادرة تطويرية.في هذا الشأن دعني عزيزي القاري أورد المثال التالي: أعط طفلاً مجموعة من القطع المتناثرة واطلب منه جمعها وتوليفها ليشكل منها صورة أو مجسماً محدداً، هل تظن أن هذا الطفل سينجح في تكوين الصورة المستهدفة لو أنه لم ينجح مسبقا في تخيلها بوضوح في دماغه؟ إذا لم يتصور الطفل في ذهنه الصورة المطلوبة فسوف يفشل حتماً في تكوينها على الأرض، أو سيصل إلى صورة مشوهة، وبالمثل فإن تحقق الصورة التعليمية المستقبلية يتطلب توليف مجموعة من القطع (قيادات فاعلة، مناهج، تدريب، معلمون إلخ)، إن أي تشويه في تعليمنا يمكن أن نرده إما إلى خلو أذهاننا من التصور المستقبلي لأداء مؤسستنا التعليمية عندما تكون في حالتها المثالية، أو إلى عدم كفاية الدعم السياسي المطلوب للوصول إلى الصورة التعليمية المستهدفة.
وقفة:
في اللقاء التربوي «أ» تسمع عبارات مكرورة مثل: يحال إلى لجنة، توصيات، استراتيجيات، رفعنا التقرير، كتبنا خطابنا، إحصائيات مفلترة توهم السامع، عبارات هلامية غير قابلة للتطبيق، وقد تسمع من كيل الثناء والمجاملات الشخصية ما يؤلم مسمعك، وفي اللقاء التربوي «ب» تسمع عبارات مثل، تحصيل الطلاب، المساءلة، توظيف التقنية لخدمة تعلم الطالب، الانشغال الذهني بالتعلم، كما أنك لاتشعر بأي محاولة من أحد لتضخيم الآخر.
(*) كلية المعلمين بالرياض |