ضرب زيد عمراً بعد أن ضرب له موعداً وضرب له التليفون واستدعاه وضرب له مثلاً فضرب أخماساً بأسداس وضرب بموعده وأقواله عرض الحائط وبذلك يكون قد ضرب عصفورين بحجر واحد.. الضرب والضارب والمضروب سأتركهما يفضان الاشتباك بصلح مؤقت أو دائم كما يشاءان، ولكن كل ما يهمني الان هو أمر العصفورين وماذنبهما وما جنايتهما حتى يضربان بهذه الطريقة الاحترافية القاسية «بحجر واحد» ياله من قناص بارع ذلكم الذي يصيب بل يقتل مغردين صداحين بضربة واحدة من حجر واحد، مهارة في الإيذاء والغلظة وعلى من؟! على جسمين نحيلين رشيقين أجهدهما عناء الإخلاص في تشنيف مسامعنا بألحان تبدأ قبل أذان الفجر تسبيحاً بحمد الواحد الأحد ثم نغمات عذبة متبادلة بين عندليبين أو كراوانين أو«بصوتين» عاشقتين، وقد لا يجيز أرباب اللغة هذا التعبير ويصححونها هكذا«بين بصو وبصوة عاشقين».. وما أكثر العشق هذه الأيام بين بصاويصنا وبصواتنا عبر رسائل الجوال والانترنت وليتها تقود إلى حالة من الوئام في عش الزوجية السعيد.. الحجارة والإيذاء لا تليق بعصافيرنا حتى وان كانت من نوع«الكحالي» الأشهب الذي يتنطط بين الأثلة والسدرة بصوته الاشم الرفيع وكأنه ينهرنا بجفاف كجفاف ريشه وخشونة أغصان الأثلة، ويكون الأمر أشد قسوة حينما توجه الحجر إلى تلك العصافير الظريفة الرقيقة بألوانها الزاهية وألحانها الشجية المتنقلة بخفة ورشاقة بين أغصان الكرز والتفاح والبرقوق وتكاد الورد وجداول الماء أن تغني معها حباً وصفاءً، حبوراً وجذلاً بهنيهات البهجة والرغد عشقاً لجمال الحياة وروعة الطبيعة التي منحت لها.. وحري بنا أن نستشعرها نحن العقلاء قبل العصافير والدجاج التي تحمل بين جوانحها قلوباً ومشاعر أرق وألطف وألين مما نحمله بين أضلعنا، تفوقت علينا بالحب والسلام والدقة والانتظام في الأكل والمقام في نسق لايتغير مهما تغيرت الظروف والمناخات، تتكيف مع واقعها وطبيعتها ولا تعتدي على ناموس الحياة، في حين نحن تفوقنا عليها بالحجر نجندلها أجوازاً نخرس ألحانها ونكتم شدوها ونقتلها مثنىً مثنىً بحجر واحد.
|