شعب تحت الحصار
شهادة على الظلم وثّقها الفنان المصري محمد حجي في لوحاته التشكيلية

  * كتب - المحرر التشكيلي:
في مصر كما في كل البلاد العربية والإسلامية كل المشاعر تتحرك وكل الأفواه تصرخ في وجه الظلم الإسرائيلي سعيا لوقف المعتدي عن تعسفه وكبريائه ودمويته التي أصابت كل جزء من وطننا السليب وانتشرت شظاياها لكل ضمير عربي وإسلامي، وإذا كان للبندقية صوت وصدى قاتل في صدور الأعداء كما كان للحجر فللكلمة والمقالة والرواية والقصيدة دورها في ان تبقي هذا الواقع ومشاهده المدمية في سجلات التاريخ فإن للفن التشكيلي لغة لاتحتاج لمترجم بل تتوازى ان لم تزد قليلا عن الصورة الفوتوغرافية ولهذا وجد الفنان المصري محمد حجي نفسه جنديا بفنه وشاهدا على عصره ومسؤولا عن توثيق مايحدث للأجيال القادمة بما يضيفه على اللوحة من معان قد لا تستطيع الصورة إيجادها ولهذا كانت أعمال الفنان حجي التي بلغت المائة لوحة افتتح لها الفنان أحمد نوار معرضا شاملا حضره عدد كبير من المسؤولين والفنانين والسياسيين والعسكريين في متحف محمد خليل وحرمه قاعة أفق وكان بحق مثار إعجاب الحضور وحديث الوسط الثقافي والتشكيلي في مصر.
الفنان محمد حجي من الفنانين العرب البارزين والمتميزين بالتعبير الحقيقي عن الواقع بآماله وآلامه وأفراحه وأتراحه ويمتلك قدرة فائقة على توظيف الفكرة بأبعاد فكرية فلسفية أكثر منها نقلا تسجيليا مباشرا للواقع بل يقدم قصة ورواية ان لم تكن قصيدة بصرية تقبل كل التعاملات عند المشاهد فمنها يمكن ان يخرج الجميع بصوت واحد يشجب العدوان ويبقى في ذاكرة الزمن بصمة وشاهدا لا يمكن المغالطة في تفسيره وهذا هو الدور الحقيقي للفنان التشكيلي. لقد أبقت زيارته لغزه عام 1967م قبل الحرب شكلا وصورة واضحة للحقيقة المرة التي يعيشها الفلسطينيون في المخيمات كما كان لمعايشته لدور المقاومة في مواقعهم المتقدمة مشاعر البطولة والتصدي مع مايعانيه كل مصري من فقد أحد أفراد أسرته إبان الحروب مع العدو الغاشم لهذا فلوحات محمد حجي لم تأت وليدة الحدث بل عودا إلى مختزل تاريخي وإنساني كبير مع مايمتلكه من أسلوب سهل ممتنع في أدائه، كبير في مضامينه وأفكاره وقريب من عامة الناس والمثقفين فيهم. ان في تفاعل الإبداع بمختلف أساليب التعبير فيه عن قضية العرب والمسلمين الأولى مايجعل الجميع يقفون صفا واحدا وبكل السبل لتأكيد التماسك والترابط تجاه هدف مشترك ونحن في هذه الصفحة نعتز بأن نستعرض أعمال المبدعين المتفاعلين مع القضية الكبرى وان يكون ضيفنا هذا الاسبوع في صفحة الفنون التشكيلية بجريدة الجزيرة فناناً جعل من فنه سلاحاً ووثيقة للتاريخ.. هو محمد حجي مع تمنياتنا له بالتوفيق والتميز المستمر في معرضه هذا الذي سيستمر شهرا كاملا وفي معارضه القادمة بإذن الله متمنين تواصل كل الفنانين التشكيليين في وطننا العربي.