لم يفلح مرور الزمن في إضعاف عزيمة الكاتب المسرحي إدوارد إلبي الحائز على جائزة «بوليتزر» ثلاث مرات، ولم يؤثر هذا ايضا على رؤيته للوضع الإنساني، فلا يزال يهاجم بعض النماذج الأخلاقية الشائعة من على خشبة مسرحه منذ عام 1958، عندما كتب إدوارد إلبي مسرحيته «قصة حديقة الحيوانات» لأول مرة، وهي مسرحية درامية من فصل واحد، والتي ناقشت بعض حالات الشعور باليأس في شوارع المدينة، ثم تلاها بمسرحيات من فصل واحد مثل «الحلم الأمريكي» ، و«صندوق الرمال» والتي جسدت معاناة ومشاكل أفراد عائلات الطبقة المتوسطة.
وقد نجحت أول ليلة عرض لمسرحيته الشهيرة «من الذي يخشى فرجينيا وولف» على مسرح برودواي في عام 1961 في تقديمه بقوة إلى وعي الناس، كما منحته أول جائزة من جوائز «توني» المسرحية، وقد استمر في كتابة الدراما التي شغلت وحيرت وأغضبت الناس في الوقت نفسه، وهذا الموسم لا يعد استثناء كذلك؛ فقد قسمت مسرحيته «من هي سيلفيا؟» - والتي عرضت في منتصف مارس على مسارح برودواي - جمهوره إلى قسمين؛ هؤلاء المتعاطفون مع أفكار ألبي التحريضية، وأولئك الذين يظنون أنه قد تخطى الحدود بصورة مبالغ فيها.
ويقول إلبي ان مسرحية «من هي سيلفيا؟» تدور حول حادثة وقعت لعائلة ناجحةوكانت أكثر من مجرد مشاكل طفيفة، «فقد خلقت تلك الحادثة نوعا من الفوضى لدرجة أنني نفسي لست متأكدا أنهم يستطيعون أن يتغلبوا عليها، ولم أتوصل إلى حل لها حتى الآن، وانظر إلى نهاية مسرحية «من الذي يخشى فيرجينيا وولف؟» هل جورج ومارثا (بطلا المسرحية) سوف ينجحان في حل ذلك؟ لست أدري، هل تعلم أنت؟».
والحبكة الدرامية ل «من هي سيلفيا؟» تربط جوانب القصة بقصة زوج سعيد في حياته الزوجية ثم وقع في غرام فتاة تسمى سيلفيا، وصورة إلبي عن الروابط العاطفية داخل العائلة وسلوك أعز صديق للزوج توحي بنظرة عامة مفتوحة للمجتمع الذي يرتد إلى غرائزه الأولية وفطرته عندما يهدده حادث ما.
و«من هي سيلفيا؟» تعود إلى موضوع المشاكل داخل إطار الزواج، والذي تمت مناقشته بقوة في «من الذي يخشى فيرجينيا وولف؟» ولكنها جعلت من الحرب بين الزوجين في بداية المسرحية تبدو كأنها محض لعبة.
وهناك مسرحية أخرى جديدة ل«إلبي» تسمى «المحتل» عن النحاتة المعروفة «لويسنيفلسون»، والتي بدأت عروضها على مسرح «سيجنيتشر ثييتر كامباني» في برودواي أواخر فبراير، ولكن تأجل عرضها بسبب مرض آن بانكروفت، والتي تقوم بأحد الأدوارالرئيسية، ، ولذا فإن شركة «سيجنيتشر ثييتر» تأمل إعادة عرضها في وقت لاحق.
وقد أعطت الدعاية الإعلامية حول أول أعمال إلبي انطباعا عنه أنه شخص صعب المراس، و يقول الكاتب حول هذه الدعاية: «لقد كنت طفلا خجولا جدا، وكانت فظاظتي ربما لأنني كنت أشعر بعدم الأمان والخجل، حتى نجحت أخيرا في أن أتعامل مع نفسي على الملأ ومع المحاورين والأسئلة، لذا اكتسبت شهرة بأنني شخص فظ، ثم تعلمت بعد ذلك أن أكون مخلوقا آدميا عاديا».
وقد منحته أربعة عقود من الكتابة جائزة بوليتزر عن رواياته «التوازن المرهف» في عام 1966، ثم «اللوحة البحرية» عام 1974، ثم «الثلاث نساء الطوال» عام1991، ثم الميدالية الذهبية في الدراما من الأكاديمية الأمريكية ومعهد الفنون والآداب عام 1980، وجائزة الشرف من مركز كينيدي، والميدالية القومية للفنون عام 1996.
وبعد الافتتاح في نيويورك هذا الربيع، عاد إلبي إلى تكساس لكي يدرس إلى الطلبة مشروع تخرج في الكتابة المسرحية والتي تمرس فيها في الـ 14 عاما الأخيرة، ومشروعه القادم سوف يشمل عملين دراميين، واللذين سوف يقوم بمراجعتهما في منزله الصيفي في لونج أيلاند في نيويورك، وقد كلف بكتابة «مسرحية لوركا» عن الكاتب المسرحي الإسباني جارسيا لوركا سوف تقدم على أحد مسارح برودواي الموسم القادم.
ويقول إلبي: «لقد كنت أفكر قليلا في جارسيا لوركا، والذي أعجبت كثيرا بأعماله وكنت أفكر في السبب الذي قتل من أجله في بداية الحرب الأهلية الإسبانية.. لقد بدأت أتساءل إذا كان هناك أي أوجه تشابه بين ما حدث ل«لوركا» وبعض الاتجاهات التي لا أحبذها والتي بدأت في الانتشار في الولايات المتحدة».
وقال ألبي أنه يعتبر أنه لا يزال من المبكر جدا أن نتحدث عن أعماله الأخرى، ولكنه سوف يظل مؤمنا بدوره ككاتب درامي، وقال: «هناك العديد من الطرق يمكن أن تضيف بها بعض الإثارة إلى المسرحية، فلا يمكنك أن تكتب مسرحية ناجحة وجادة عن أشخاص ما بدون أية مشاكل ويعيشون في سعادة، فأنا لا أؤمن بربط الأشياء بعضها ببعض بأشرطة مزركشة ثم أحيي الجمهور في نهاية المسرحية، أنا أحبذ أن يظل التفكير في المسرحية وأحداثها في عقل المشاهدين حتى بعدما يغادروا قاعة المسرح».
«كريستيان ساينس مونيتور»خاص |