رحل عنا شيخنا أبو تراب رحمه الله، وترك وراءه مكتبة قيمة، ليست كبيرة إذا قيست بغيرها من المكتبات العريضة، ولكنها مكتبة فيها كتب نفيسة ذات قيمة، ويكفي أنها محصول جهاد ستين سنة، جمعها من المشرق والمغرب والجنوب والشمال من دخوله المحدودة، وعاش معها، وعاشت معه أياماً وليالي طوالاً، والكتاب نعم الجليس والأنيس والصاحب، ولا يعرف قدره إلا طلاب العلم الجادين، الذين وقفوا أعمارهم عليه، والكتاب زاد لمن يبتغي المعرفة والثراء الحق!.
* وأكبر الظن، أن في بلادنا من يهمه الإفادة من تلك الذخائر لطلاب العلم في الجامعات، وأن القادرين جديرون بالسعي إلى ورثة أبي تراب، لكي يشتروا منهم هذه الكنوز، ثم يقدمونها لإحدى جامعاتنا، لتأخذ ركنا فيها، تحمل اسم صاحبها ومهديها، إذا شاء أن يعلن عن نفسه، ليفيد منها طلاب العلم.. ذلك أن الجامعات، هي المكان المناسب لهذه الكتب التي يتركها أصحابها، وأعني الكتب القيمة!
إن محبي الراحل العالم، الذي قضى حياته بين الكتب، يقتنيها بمدخوله المحدود، وعاش عليها ومعها، ثم تركها كما هي سنة الحياة ومن فيها.. هؤلاء المحبون ومقدروا العلم وأهله، أتوقع أنهم سوف يسعون إلى الورثة ليشتروا منهم هذه المكتبة، ثم يحيلونها إلى حيث ينتفع بها محبو المعرفة والساعون إلى العلم، الذي يدرسون ويطالعون، ذلك أنه ثراء لا يُقاس عليه ثراء الدنيا الزائل!
ولعل معالي الأخ الدكتور محمد عبده يماني، وهو من نعرف وفاء وغيرة وحبا للراحل العزيز، سوف يأخذ بزمام المبادرة، ليحث من يتوسم فيه الخير والوفاء، إلى شراء هذه المكتبة، ثم تقديمها إلى إحدى الجامعات في بلادنا، وفاء للراحل، وتقديراً له ميتاً، وقد كان يسعى إليه حياً، ليفيد طالبي العلم والمعرفة.. وما أكثر ما سمعنا أستاذنا محمد حسين زيدان، يطري أبا تراب، لأنه لجأ إليه في بعض المسائل، فكانت الاستجابة السريعة، من رجل، وعاء ملئ علماً ينفع الناس، وكان ذا محفوظ غزير، ما أجمل أن تقصده في مسائل، أشكل عليك معرفة الحق فيها، فتجد عنده الصدر الرحب والمعرفة الثرة، والجواب السديد!
* ولست اليوم بصدد العلاقة التي ربطتني بالشيخ، لأكثر من أربعة عقود، فذاك أمر يحتاج إلى وقفة أو وقفات، غير أني اليوم أذكر أصحاب النخوة القادرين، أن يفيدوا من مكتبة الشيخ أبي تراب، لأنها تشغل شقة كانت مأوى لصاحبها، واليوم حان الوقت، لنقل المكتبة وإفادة مالكيها بقيمتها، ليفيد منها محبو العلم والمعرفة.
والله المستعان.
|